صلاح الدين عووضة يكتب : رب…رب !!

 

ولا نعني القديمة..

لا التي كانت تعنيها الإنقاذ – قبيل سقوطها – كناية عن طبع عاجل لنقود غير ذات قيمة..

ولا الربربة – أي الثرثرة – غير ذات القيمة أيضاً..

فنظام الإنقاذ لم يسقط إلا هيكلاً؛ وبقي حياً فينا – ومعنا – روحاً… وفكراً… وثقافة… وربربة..

سواء ربربة اللسان… أو مطبعة العملة..

وبلغ التشابه بينه ونظام الثورة هذا حداً لا نجد وصفاً له إلا بلسان بلقيس (كأنه هو)..

فنحن نعيش الإنقاذ (2)؛ ناقصاً القهر… والقتل… وبيوت الأشباح..

وكان بودنا أن نضيف إلى المستثنى هذا الفساد لولا إنه موجود هو أيضاً…مع الفارق..

ففساد الأمس كان خارج القانون…وهذا تحت بصر القانون..

فسادٌ مقنن؛ مثل نثرية عائشة القصر المليارية – كل شهر – وبقية العقد الفريد (من نوعه).. عقدٌ تتقمصه روح الإنقاذ… لا الثورة..

بنهم أفراده للمال… والفارهات… والنثريات… وسرايات الميري؛ ثم بفشله الذريع كذلك..

والشعب يعيش تحت خط العدم..

ثم – ومثل قادة الإنقاذ أيضاً – لا إحساس به…ولا عطف…ولا هو على البال خالص..

بل وأتفق مع الصادق المهدي في توصيفه لهذه الحالة (الفريدة)..

فقد قال إن عام الثورة هذا أشد سوءاً – وفشلاً – من عام الإنقاذ الأخير…والأسوأ في تاريخها..

ثم هو عامٌ شهد (رب…رب) أيضاً..

وإن كانت ربربة الإنقاذ أفضل من وجهين: فأولاً هي كانت معلنة… ولم تخفها الإنقاذ.. وثانياً كانت بغرض تخفيف وطأة المعيشة على الناس..

صحيح إنها فشلت في ذلك جراء أخطاء كارثية – سياسياً واقتصادياً – طوال سني حكمها..

ولكن يُحمد لها إنها صدقت… واجتهدت..

أما حكومة الثورة فقد أخفت ربربة مطابعها للعملة عن الشعب… وأخفت أهدافها أيضاً..

فهي كانت بهدف سداد أموال التعويضات لأمريكا..

وهجمت بها على السوق شراءً للدولار بأي ثمن… فتضاعف (ثمنه) في أيام معدودات..

ثم – وفي تصرف فريد كذلك – أعلنت الحرب على تجار العملة..

وحين أزاح حميدتي الغطاء عن هذه الحماقة صمت حمدوك… وصمتت وزيرته للمالية..

والصمت – في مثل هذه الحالة – سيد الأدلة..

وكل هذه التضحية بالقليل – أصلاً – من مال الدولة كانت من أجل سواد عيون أمريكا..

فقد قدمت الحكومة السبت لها دون أن تضمن الأحد..

وعجائب التشابه لا تنقضي… فها نحن نشهد فاصلاً جديداً من السلام بذهنية الإنقاذ ذاتها..

بل حتى الاحتفالات نفسها تكاد تكون إنقاذية..

بمغنياتها… وراقصاتها… ولوشياتها… وقوناتها؛ وكأنها تتم تحت رعاية محمد طاهر إيلا..

فنحن نعيش زماناً إنقاذياً ثانياً؛ بربَّاته…وربرباته..

ورب…رب !!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى