حبشية !!

صلاح الدين عووضة  يكتب :

سمعنا بما هو حبشي..

سمعنا بالقهوة الحبشية…والكسرة الحبشية…والرقصة الحبشية…ولولية الحبشية..

كما سمعنا بالغزوة الحبشية على الفشفقة..

ولا ننسى جرثومة المعدة الحبشية التي تفتك بالمعدة فتكاً ؛ ودواؤها لا يقل عنها فتكا..

ولكن ما سمعته من أحد أصدقائي هو شيء حبشي جديد..

أو على الأقل جديد بالنسبة لي ؛ ويبدو أن ما يُنسب إلى الحبش – من عجائب – لا ينقضي..

وهو يأتينا تباعاً…وليس – بلغة الأحباش – (تنّش ، تنّش)..

وصديقي هذا هو زميل الطفولة… والصبا… والدراسة… وحلفا؛ المهندس محمد أبو شوك..

 

فقبل العيد هاتفني شاكياً مما يقول إنه وباء الكورونا..

فضحكت كما كنت أضحك من مثل هذا القول كثيراً تلكم الأيام… فالخوف يخلق التوهم..

والتوهم قد ينقلب إلى حقيقة إن زاد عن حده..

أو بحسب المثل (اللي يخاف من العفريت يطلع له)… ولكن ليس عفريت الكورونا..

فهو لا يصيب إلا من يستهتر به… وبمحاذيره..

ولكن صديقي هذا لا يستهتر أبداً… إلى درجة عدم مغادرته البيت حتى للضرورة القصوى..

فكيف (يطلع) له عفريت الكورونا إذن؟..

وذات صباح هاتفني بصوت واهن ليقول (ليتها كانت كورونا… إنها شيء أفظع)..

 

فقد تعب جداً  – يقول – حتى اضطر إلى أن (يطلع) من البيت..

وحُمل إلى مشفى.. فثانٍ… فثالث…فرابع؛ إلى أن عثر حاملوه على خامس يعمل..

أو بالأحرى يعمل بخُمس طاقته العلاجية آنذاك..

وأعني أيام الكورونا… والتي اجتهد أكرم – وزير الصحة السابق – في تحذير الناس منها..

ومهما اختلف الناس حوله فعلى الأقل كان لدينا وزيرٌ للصحة..

فلم يكن فيه – المشفى – سوى طبيبين… وطبيبة… وممرضان… وفني… وصمت رهيب..

وجميعهم يضعون على وجوههم كمامات..

ووضعوا على وجهه هو – أيضاً – كمامة على عجل… ولكنها خاصة بالتنفس..

 

فقد كانت أنفاسه تتلاحق بأكثر من ملاحقتهم نتائج الفحص..

ومن واسوق كرونا أبت تطلع ومن مدفع الحبش طلع خازوق؛ وشتان بين الواسوق والمدفع..

وذلك بتصرف من قصيدة حميد الشهيرة..

فهكذا كان الفرق في نظره بين ما كان يخشاه – من وباء كورونا – وبين الذي (طلع) له..

فقد (طلعت) ملاريا حبشية..

والآن – ومع فشل الوالي الجديد في احتواء آثار الخريف – (ستطلع) لنا ملاريات عدة..

وقطعاً من بينها الملاريا الحبشية هذي..

فالبعوض كثيف…ومن بينه نوع (يلدغك) حتى وأنت تحت غطاء..

وقطعاً سيهذي – أيضاً – ضحاياها بمثل هذيان صديقنا المهندس هذا وهو تحت تأثير حمتها..

وسيرددون جميعاً هذيانه ذاته : بسحروك يا لولا..

الحبشية !!.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى