محللون يقللون من أثر انحياز موسى هلال للجيش

قلل محللون سودانيون من شأن إعلان الزعيم القبلي المثير للجدل موسى هلال دعمه للجيش في حربه التي يخوضها ضد قوات الدعم السريع، بعد بقائه منذ اندلاع الصراع على الحياد.

ووفق محللين، فإن إعلان مؤسس ميليشيا الجنجويد لن يكون له تأثير على مسار الحرب الدائرة، لا سيما وأنه يكن العداء لقوات الدعم السريع التي سبق أن اعتقلته في نوفمبر 2017، وكان وقتها يقود فصيلاً عسكرياً في دارفور، بعد اتهامه من قبل الأمم المتحدة بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في المنطقة المضطربة.

وفي مارس 2021، أطلق سراحه من سجن في العاصمة الخرطوم بعد صدور عفو عنه من مجلس السيادة.

خطوة متأخرة

ورأى المحلل السياسي يوسف سراج الدين أن “خطوة هلال بالانحياز للجيش جاءت متأخرة بعد أن أكملت الحرب عاماً كاملاً، من دون أن يكون له موقف واضح، في وقت كانت الإرهاصات تشير إلى أن موقف الإدارة الأهلية في إقليم دارفور يتماهى مع قوات الدعم السريع”.

وقال سراج الدين، لـ “إرم نيوز”، إن موسى هلال الذي أعلن موقفه من الحرب بالتزامن مع خروج بعض حركات دارفور من خانة الحياد بين طرفي الحرب في السودان، أطلق مخاطبة مسجلة جاءت خجولة وتنقصها الصراحة.

وأشار إلى أن البعض يرى أن تصريحات هلال نفسها قديمة، وأنه جرت مراجعات لاحقاً في موقفه من الحرب.

ردة فعل

وجد موقف موسى هلال من الحرب، والانحياز إلى جانب الجيش، ردة فعل عنيفة من عشيرته “المحاميد” التي أعلن أبناؤها موقفاً مغايراً حد التطرف، مؤكدين أن هلال لا يمثل إلا نفسه، وأنهم – أي المحاميد – أصل “الدعم السريع”.

وقال أعيان قبيلة موسى هلال، في مؤتمر صحفي عقد في “الجنينة” غربي دارفور، إن موقفهم هو خوض الحرب مع “قوات الدعم السريع” حتى نهايتها.

إعادة النظر

وذكر يوسف سراج الدين أن ما قاله موسى هلال وجد ردة فعل كبيرة، وأعقبت خطابه بيانات ومؤتمرات صحفية عاصفة للتيارات المنشقة عن مجلس الصحوة الثوري الذي أسسه موسى هلال نفسه.

وأضاف: “أعتقد أن هذه تترك أثراً كبيراً أيضا في عشيرة المحاميد (إحدى فروع قبيلة الرزيقات)، وهي التي ينتمي إليها معظم المقاتلين في صفوف الدعم السريع”.

ولفت إلى أن المؤتمر الصحفي الذي عقدته قيادات المحاميد هو رد كافٍ يدفع موسى لإعادة النظر فيما ذهب إليه من مواقف.

وتابع: “جاءت ردة الفعل أكبر من الحديث الذي أطلقه موسى هلال، وأكبر مما كان يتوقع”، مؤكداً أن ما اتخذه هلال من موقف ليس في مصلحة إقليم دارفور.

فقد الزعامة

“لم يعد زعيماً كما في السابق”، وفق الباحث في شؤون دارفور جدو أحمد طلب، الذي أشار إلى أن موسى هلال فقد ثقله الاجتماعي والقبلي في دارفور منذ العام 2019.

وأضاف طلب أن ثقل موسى هلال بوصفه زعيماً قبلياً تراجع ليصبح واحداً من رموز النظام السابق؛ ما أدى إلى فقدان الرجل شعبيته ومكانته في قبيلة المحاميد التي اكتسبها في عهد حكم الرئيس السابق عمر البشير؛ بسبب الوعي السياسي والاجتماعي وسط المكونات الاجتماعية في ولايات دارفور، وكشف هلال حقيقة أنه “يلعب على حبلين، مع النظام القديم والجديد في آن”.

خطوة متوقعة

خطوة الرفض الواسع التي قوبلت بها دعوة موسى هلال للوقوف إلى جانب الجيش السوداني كانت متوقعة، بحسب طلب، الذي أكد ما ذهبت إليه الإدارة الأهلية لقبيلة المحاميد برفض موقف “هلال”، وقال: “كل الأسباب التي تدفعهم لرفض زعامة موسى هلال كانت متوافرة”.

وفي حديثه لـ “إرم نيوز”، عزا طلب انحياز هلال لجانب الجيش إلى ما أسماه “حنين العودة إلى حضن المؤتمر الوطني، وتلقيه أموالاً لشق الصف ومواجهة قوات الدعم السريع لمنع سقوط مدينة الفاشر في يد الدعم السريع”.

وأكد خفوت نجمه بين عشيرته وأهل دارفور، وأن عناصر قبيلته هم قادة ميدانيون في صفوف قوات الدعم السريع.

فقد البريق

وذهب المتخصص في شؤون دارفور، علي الزين، إلى منحى آخر بشأن موقف موسى هلال، وقلل من إعلان موقفه المساند للجيش وتأثيره على واقع الحرب إيجاباً أو سلباً؛ لكونه فقد نفوذه القبلي القديم في إقليم دارفور.

ودلل الزين، لـ “إرم نيوز”، على تراجع شعبية الرجل بحادثة اعتقاله من قبل قوات الدعم السريع والحكم عليه بالسجن لسنوات، ولم يبدر من قبيلته أو مناصريه أي تحركات، عدا وقفات محدودة من أسرته وأحفاده”.

قاصمة الظهر

واعتبر المحلل السياسي، أسامة الأمين، خطوة موسى هلال بانحيازه للجيش السوداني ووقوفه ضد الدعم السريع أنها سياسية أكثر من كونها قبلية.

وقال الأمين إن الرجل تورط فيما قاله بفعل حالة الاستقطاب التي نجح فيها بعض جنرالات الجيش في أنهم يعملون على تقريب وجهات النظر.

وأضاف: “هلال طرح مواقفه للبيع منذ فترة طويلة، وهو الرجل الذي قال نحن وحكومة المؤتمر الوطني نعمل على إصلاح حكومة السودان، وهو الرجل الذي وقف مع البشير لكن الأخير تخلى عنه”.

أمير الحرب

وأشار إلى أن موسى هلال لا ينكر تاريخه الدموي في تأسيس ميليشيا الجنجويد في دارفور قبل حرب الإقليم، حتى نال لقب “أمير الحرب” التي حصدت أرواح مئات الآلاف من أبناء دارفور.

ووضعت الأمم المتحدة هلال على لائحة عقوباتها بعد اتهامه بارتكاب انتهاكات ضد حقوق الإنسان وفظائع واسعة ضد المدنيين، أثناء النزاع في دارفور الذي راح ضحيته أكثر من 300 ألف قتيل، ونزوح قرابة 3 ملايين شخص، وفقاً لتقارير أممية.

وذهب الأمين، في حديثه لـ “إرم نيوز”، إلى أن ما قام به هلال مدعوم بضغينة تاريخية ضد قائد الدعم السريع (حميدتي)؛ بسبب اعتقال الدعم السريع موسى هلال في منطقة مستريحة شمالي دارفور عام 2017، بعدما رفض الانصياع لأوامر الدولة في حملة جمع السلاح، معتبراً موقف هلال محمولاً بحقد تاريخي.

وتوقع الأمين أن ما قام به الرجل لن يتعدى ما حدث؛ “بل بالعكس، إذ إن موقفه انقلب وبالاً عليه، بعد أن شاهدنا أمراء قبيلة المحاميد يرفضون موقف موسى هلال”، وهي خطوة وصفها الأمين بأنها “قاصمة ظهر” للرجل، خاصة أن موقف قبائل دارفور مناصر في غالبه للدعم السريع؛ بسبب قضايا يرونها عادلة.

وتنبأ بأن موقف هلال سيفجر أزمة كبيرة للرجل بدأت بعزله من قيادات القبيلة، وإعلان قيادات عسكرية معروفة تتبع مجلس الصحوة الثوري، الذي أسسه بنفسه، الانضمام إلى الدعم السريع بعد ساعات من إعلان موقفه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى