شاكر رابح يكتب : العلاقات السودانية الأمريكية.. حوار أم شراكة ٣؟

 

13سبتمبر2022م

في أكتوبر من العام ٢٠٢٠م، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب عن عزمه رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بعد أن تقوم الحكومة السودانية بإيداع مبلغ ٣٣٥ مليون دولار كتعويض للعائلات الأمريكية ضحايا الإرهاب، وقد قامت حكومة حمدوك الأولى “مشكورة ومأجورة” بدفع المبلغ وبعد بضعة أشهر، قامت الولايات المتحدة بشطب اسم السودان من القائمة، ثم أعقب ذلك إعفاء وجدولة ديون السودان وفتح الباب واسعاً أمام التعاون بين السودان والبنك الدولي، وإعلان ترفيع التمثيل الدبلوماسي إلى درجة سفير بعد أن كانت حلقة الوصل بين البلدين عبر المبعوث.

في تقديري الشخصي هذا التطور في علاقة البلدين، لا يعني بالضرورة تطابق وجهات النظر أو التوافق مع الحكومة القائمة بشأن القضايا الداخلية والدولية، إنما يعني فتح حوار شامل في كافة القضايا المختلف والمتفق حولها، ومن الواضح أنّ العلاقات بين البلدين تأرجحت بين الصراع تارةً، والتعاون تارةً أخرى، وقد وصل الخلاف قمته الصراعية حين اتخذت الحكومة الأمريكية قراراً صريحاً بدعم ثورة ديسمبر المجيدة، في أعقاب الإجراءات التصحيحية التي أعلنها قائد الجيش في ٢٥  أكتوبر من العام الماضي، والتي سماها شركاء العسكر بالانقلاب، ازدادت حدّة التوتر بين البلدين. وفي لقائه بقوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، أكد السفير الأمريكي دعم بلاده للتحول المدني الديمقراطي.

وفي تصريح لافت للدبلوماسي الأمريكي والمسؤول السابق بوزارة الخارجية وليام لورانس الذي قال (إنّ القوى الديمقراطية في السودان ستنتصر لا محالة ربما خلال أسابيع أو أشهر)، وأردف قائلاً (تبيّن  بعد أكثر من ١١ شهراً من الاحتجاجات أن المظاهرات لا يمكنها أن تُغيِّر كثيراً في مجريات الأحداث، وأن ما يجري وراء الكواليس هو المعول عليه في حلحلة الأمور، وأن السفير الأمريكي الجديد يمتاز بمجموعة من الخصال التي ستساعده كثيراً على إحداث اختراق سياسي ودبلوماسي في البلاد)، تصريحات الدبلوماسي السابق مقرونة بتصريحات ونشاطات ولقاءات السفير التي عقدها مع القوى السياسية، يؤكد أن الإدارة الأمريكية تتعامل مع الملف السوداني بعدم اكتراث وسطحية، وأن الأزمة الاقتصادية والأمنية الراهنة في البلاد ليس من الأولويات، بقدر ما أن الإدارة الأمريكية حريصة على تسليم السلطة لـ”قحت” كحليف مضمون ومنفذ للأجندات الأمريكية، السفير الأمريكي غير مدرك أو نستطيع القول إنه “مغيبٌ” أو أن هناك معلومات غير دقيقة للوضع السياسي الراهن، لقد بات واضحاً أن قواعد اللعبة السياسية تغيّرت ودخل لاعبون جدد بوزن ثقيل مثل مبادرة الشيخ الجد التي وجدت القبول من القوى السياسية، وقد خطت خطوات عملية جريئة بعقد مؤتمر المائدة المستديرة وتسميتها لعدد من الكفاءات الوطنية لرئاسة مجلس الوزراء، وباتَ من الصعوبة بمكان إعادة عقارب الساعة للوراء، ومن سابع المستحيلات عودة الأمور إلى ما قبل إجراءات قرارات القائد العام في ٢٥ أكتوبر من العام الماضي أو إلى ما قبل توقيع الإعلان السياسي والوثيقة الدستورية، اذا كان من نصيحة للسفير الأمريكي، أن تحتفظ الإدارة الأمريكية بمسافة واحدة من كل القوى السياسية بالبلاد، وأن تتعاون مع السلطات القائمة في الترتيب بحيادية لإجراء الانتخابات، وتسليم السلطة لحكومة مُنتخبة ومُفوّضة من الشعب.

 

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل،،،

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى