عبد الله مسار يكتب : الحملة الإعلامية المنظمة ضد الدعم السريع وقائده (2)

24 فبراير 2023

قلنا في مقالينا الفتنة بين الجيش والدعم السريع (1) و(2)، وكذلك في مقالنا الحملة الإعلامية المنظمة ضد الدعم السريع وقائده (1)، إنّ الجيش السوداني مؤسسة قومية وطنية لها تاريخ باذخ، قام بدوره كاملاً في حماية عرض وأرض السودان منذ نشأته، وظل يساهم حتى في الحروب الخارجية مساهمة فعّالة منذ الحرب العالمية الثانية والحروب العربية 1948م و1967م و1973م، والآن يشترك في حرب الحزم.. وهو جيش منضبط ومحترف.

وأقام الجيش قوات مساعدة، كالخدمة الوطنية والدفاع الشعبي، ثم أنشأت قوات حرس الحدود، ولما قام التمرد في دارفور وجنوب كردفان، واشتد أواره وقوي عوده، واحتاج إلى حرب من نوع خاص، أسست الحكومة قوات الدعم السريع بموجب قانون أجيز من الهيئة التشريعية وصادق عليه الرئيس البشير، وصارت قوات رديفة وشقيقة للقوات المسلحة تتبع للقائد العام وتحت الإمرة التنفيذية للفريق أول حميدتي، وهذه القوات أبلت بلاءً حسناً في الحروب الداخلية، واشتركت في حرب الحزم، وانحازت إلى الثوار بعد ديسمبر 2018م، وصار قائدها عضو المجلس العسكري الأول، ثم صار نائباً لرئيس مجلس السيادة، وكانت قوات لا علاقة لها بالسياسة، ولكن بعد أن تولى قائدها هذه المواقع دخل في السياسة وتقاطعاتها، والتي لا تنسجم مع دور القوات، وصارت السهام تُوجّه له، لأنّه دخل في تقاطعات السياسة.

وصارت هذه القوات تتعرض لهجوم عنيف بعضه عفوي، والآخر ممنهج ومبرمج، وفيه شطط كبير، وبدأت الحملات الإعلامية تنظم ضده، بعضها عنصري وجهوي، بل صار الهجوم فيه استخفاف كبير بهذه القوات وقائدها، وكثير من الهجوم غير مبرر حتى وصل السعي لخلق فتنة بينه والجيش، وخاصة بعد أن اختلفت المواقف بينه وآخرين، وهذه الحملة وصلت مرحلة الازدراء من الدعم السريع وقائده، بل صارت حملة واضحة فيها عنصرية وجهوية، ثم دخل فيها النخب وأصحاب المصالح الخاصة والجهوية، وطبعاً الدعم السريع وقائده صار العداء لهما من الهمس إلى العلن، وصار الهجوم واضحاً وهو صراع معلوم. دائماً أبناء المركز لا يقبلون وجود أبناء الهامش، والصراع بين المركز والهامش وصراع النخب والريف السوداني، صراع منذ الاستقلال بأشكال مختلفة.

ولذلك، قامت هذه الحملة الاعلامية ضد حميدتي، لأنه دخل دائرة الصراع الحرام ودخل عش الدبابير، ولأنه امتلك عوامل القوة ونافس النخب في مناطق صنع القرار، وصار كثير من الدوائر تعمل على ثلاثة محاور، تجريم الرجل والاستخفاف به وبقواته وخلق أزمة بينه والجيش.

ولذلك، الحملة التي تجرى الآن معلوم دوافعها ومن ورائها وما هي مآلاتها.

ولذلك، مطلوبٌ من الأخوين البرهان وحميدتي أن يحافظا على العلاقة الوطيدة الشخصية بينهما ووحدة قواتهما، والسعي لتوحيد رأيهما السياسي فيما هو مطروحٌ من قضايا وطنية، وعلى الأخ حميدتي الوقوف على مسافة واحدة من كل القوى السياسية ويبتعد عن الهجوم على أي قوى سياسية مهما كان خلافه معها، وأن يتجنب التصنيفات هذا كذا وهذا كذا، وهؤلاء فلول، وهؤلاء ثوار، لأنه في موقع لا يسمح له أن ينحاز لأي فئة، لأنه عسكري وليس سياسياً، ولا يدخل في صراعات السياسيين، وليقلل من التصريحات.

وعلى الرئيس البرهان أن يعمل بنفس منهجه الهادئ، وأن يعرف أنّه قائد لهذه الأمة التي تعيش في ظروف صعبة، وكلاهما مطلوبٌ منهما الابتعاد عن هذا التدخل الأجنبي السالب والمؤذي للمشروع الوطني!

إذن، هذه الحملة الإعلامية ضد الدعم السريع ليس حرصاً في ضمه إلى الجيش ولا تبعيته لهذا الجيش، ولكن لأمور أخرى، منها موقف حميدتي السياسي وانحيازه للقحاتة، ومهاجمته لبعض القوى السياسية، مما خلق بينه وبينهم عداءً مفتعلاً هو غير محتاج له.

ثم صراع النخب والمركز من الهامش والريف، واحتكار السلطة منذ الاستقلال وحتى الآن، ولكن يجب أن ينتبه الجميع أن أمر الحكم في السودان قد تغيّر، وأن حكم النخب والمركز بطريقة الاستهبال السياسي والاستغفال قد انتهى في السودان بعد انتشار العلم والوعي، لقد كثر العلم والمال والقوة والعلاقات الخارجية.

إذن، عوامل السيطرة على السلطة لم تعد هي نفسها، لأن أساليب الوصول للسلطة في السودان ليست ذات العوامل القديمة، وكذلك على فولكر والرباعية وسفراء الدول الغربية أن العالم نفسه قد تغيّر!

اما نحن أبناء السودان، علينا أن نحترم بعضنا البعض ونترك التعالي، خاصةً وأننا في وطن واحد والكل يتمتع بحق المواطنة.

وعليه، الواجب، فالجميع أهل السودان الذي يسع الجميع.

اما رسالتي للأخوين

البرهان وحميدتي، أنتما في السياسة مؤقتان، جمعكما مع بعض المواقع العسكرية، وقيادتكما لهذه القوات، عليكما التعاون والتضامن والعمل المشترك مما يخرب العلاقة بين السياسيين المدنيين لأن أجنداتهم مختلفة، ابتعدا عن الانحياز لأي طرف ويكون همكما وحدة قواتكما، ومصلحة السودان، فإن هؤلاء السياسيين يستقوون بكما ضد بعضهم البعض، ويخربون علاقتكما مع بعض ليستفيدوا هم.

أخيراً، الخطر على السودان هو التدخل الأجنبي الذي جعل السودان مَرتعاً خصباً لهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى