منى أبوزيد تكتب : هل نحن مُجتمع ديمقراطي..؟!

15ديسمبر2021م

“هُنالك من يُناضلون من أجل التحرُّر من العبودية، وهُنالك من يُطالبون بتحسين شروط العبودية”.. د. مصطفى محمود..!

هل أنت شخص ديمقراطي؟. لا ألومك أبداً إذا استخدمت حقك في التثاؤب ضجراً، أو الحوقلة ضيقاً بمثل هذا السؤال. إذ أنه أحياناً – ومع مثل هذا النوع من الأسئلة – تتحوّل حكاية عدم الاستلطاف الشائعة بين بعض القراء وبعض الُكتّاب إلى مسألة شخصية “ثورة كرامة يقودها عقلك الذي تستفزه بعض أشكال الكتابة الصحفية عن بعض القضايا”. ولكن مهلاً..!

هذا السؤال ليس استفهاماً إنكارياً على غرار “أغير الله تدعون”، بل محاولة جادة لتأصيل تلك الفُرقة التي تحيط بانتماءاتنا الاجتماعية، و”تجذير” ذلك التشرذم الذي يحيق بأحزابنا السياسية. والإجابة النموذجية على كل ذلك تقتضي أن نجتهد أولاً في تفكيك “استهبال” بعض الشعوب حتى نستوعب “استعباط” بعض الحكومات..!

وأغلب ظنِّي أنّ نجاحنا في ذلك مشروط بوقفة لائقة مع مفهوم الديمقراطية عندنا وعلاقتها الوطيدة بالتاريخ الخاص والأسري للشخصية السودانية، لكن الإجابة على ذات السؤال تقتضي أن نسأل أكثر..!

ما معنى ديمقراطية بالنسبة لك؟. هل هي حكم الشعب لنفسه أم حكم قائم على تداول سلمي للسلطة. هل هي نظام إسلامي قائم على الشورى أم نظام ليبرالي قائم على الغلبة. هَل أَنتَ مُقتنعٌ بحق الآخرين في الاحتجاج على سلوكك والاختلاف مع آرائك وبالتالي إطلاق الأحكام عليك..؟!

إذا خالف رأيك الفني رأي مرؤوسك في العمل، وكان رأيه هو الأقرب للصواب، هل تقبل بأن يُعتمد رأيه وأن تصرح بذلك؟. ثم، هل تقبل بأن تكون العصمة في يد زوجتك؟. وإن كنت لا تقبل فهل تنكر ذلك على صديقك الذي فَعَلَ..؟!

هل تقبلين أن يتزوّج زوجك من أخرى مع احتفاظه بك؟. وبافتراض أنك لا تقبلين فهل تنكرين ذلك على صديقتك التي فَعَلَت؟. هل ترضى بأن يكون القرار النهائي في مشكلة أسرية لزوجتك؟. وإن كنت لا تقبل هل تنكر على جارك الذي يفعل؟. هل تقبل بأن يختار أنسباء ابنك البكر اسم حفيدك الأول..؟!

هل تقبل بأن تلتحق ابنتك المحجبة التي تحفظ القرآن الكريم كاملاً بمعهدٍ للفنون المسرحية؟. هل تقبلين أن يلتحق ابنك – الحاصل على بطولة الجامعة في كمال الأجسام – بكورس صيفي لتعلم الطهي والتدبير المنزلي؟. هل تقبل بأن يقرر ابنك – المتفوق في امتحانات الشهادة الثانوية والذي تم قبوله في كلية الطب – الاستقالة من دراسة الطب والتفرغ لشغفه بدراسة تاريخ الفن..؟!

إلى أي مدىً قد تشارك ابنك أو ابنتك في اختيار الزوج المناسب؟. وهل توافق على خياره أو خيارها، في حال اختلف عن خيارك – في ظل توافر الصفات الأساسية التي يشترطها الدين – في المخطوبة أو الخاطب..؟!

وفقاً لذلك، وعلى ضوء ما تقدم، هل تعتقد جازماً بأنك شخصٌ ديمقراطيٌّ؟. قبل أن تجيب على السؤال الملغوم دعني أذكرك ونفسي بأن العابرين من حواجز الكرامة هُم الذين يحددون سلوك المُعتدين عليهم، بخُضوعهم أو رفضهم لشيوع طبائع الاستبداد فيهم..!

 

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى