عبدالله مسار يكتب : أحداث كوقلي شما دارفور

كوقلي قرية صغيرة تقع غرب الفاشر على بُعد حوالي ٣٩ كيلو متراً وتقع غرب قرية تابت حوالي خمسة عشر كيلو متراً، وتابت تقع على شارع الفاشر – نيالا،  وكوقلي هي منطقة زراعية وبها جبال كوقلي وهي منطقة تاريخية قديمة قبل سقوط سلطنة علي دينار.

أقام فيها الناظر مقدم صابون ناظر الشطية في عام ١٩٠٨م نظارته، والشطية بطن من بطون الرزيقات، وخلفه أخاه الهويرة.

منطقة كوقلي هي منطقة غنية بالمعادن وذات اراضٍ خصبة وظلت اسرة الهويرة وقبيلة الشطية وقبائل أخرى تسكن هذه المنطقة منذ مدة، وخاصة قد نزح إليها عدد كبير بعد الجفاف الذي ضرب شمال دارفور في عام ١٩٨٣م حتى وصل إلى اقصى ولاية جنوب دارفور حتى مناطق الردوم وقوز دنقو في غرب برام، وكذلك مناطق شمال شرق دارفور مناطق مهاجرية وشعيرية وحتى انقابو وشق حسان وكانت تسمى (هجرة الاكالة).

ظلت قبيلة الشطية وقبايل أخرى تسكن هذه المنطقة ويتزارع الأهالي هذه المنطقة ويدفعون العشور المعلومة لأسرة الناظر الهويرة كحقوق أرض ومنفعة لأصحاب الحاكورة وهي تتضمن مناطق كثيرة.

حدثت فيها نزاعات عدة في أوقات سابقة، ولكن حسمت بالأعراف المحلية لصالح ملاك الحاكورة  وآخرها لجنة الشرتاي آدم صبي التي كونها الوالي عبد الواحد يوسف والي شمال دارفور الأسبق التي اقرت بملكية الارض لأصحاب الحاكورة، وقررت التعايش فيها وفق الاعراف الاهلية المعمول بها في الأراضي  والحواكير في دارفور.

وقّع اتفاق جوبا للسلام وشمل حركات دارفور وصار الإخوة قادة الحركات أعضاءً في مجلس السيادة وولاة ولايات ومنهم حاكم دارفور، ولم يعترض احدٌ، بل استبشر الجميع خيراً، لأن السلام ضرورة في كل الدنيا وبصفة خاصة في السودان وبصفة أخص في دارفور،  حيث عانى المواطن الأمرين من جراء الحروب والنزاعات.

وكنا وما زلنا نعتقد ان السلام مهم وخيار استراتيجي  مهما كانت فاتورته، لأن فاتورة الحرب أكبر وأبهظ  وأكثر كلفة.

نص اتفاق جوبا على عمل ترتيبات أمنية للحركات تشمل الاستيعاب والدمج والتسريع وإعادة الدمج،  ونص أيضاً على تكوين قوة مشتركة من قوات الحركات والجيش والدعم السريع والشرطة لحفظ الأمن في دارفور وخاصة في معسكرات النزوح.

تقديري، إن هذا الامر مطلوب ولكن بتحفظ يجب ان يتم الدمج والاستيعاب ثم تكوين هذه القوات  المشتركة.

ثانياً التحرك في اي مأمورية يجب ان يكون من كل القوات بقيادة القوات المسلحة وفي رحلة واحدة.

في أحداث كوقلي يبدو ان قوات الطاهر حجر  تحرّكت منفردة وليست لتنضم إلى الطوف المشترك في قرية تابت ولا كقوات مؤخرة هدفها اللحاق بالطوف المشترك في تابت، ولكنها تحركت مباشرة إلى قرية كلوقي التي تقع غرب تابت حوالي خمسة عشر كيلو متراً، وكذلك ليست على طريق نيالا – الفاشر  وتحركت مباشرة من معسكر زمزم. مما غيّر وجهة ومهمة القوات التابعة للطاهر حجر وهي أصلاً منطقة نزاع وجزء من قواته أهاليهم في هذه المنطقة.

عليه، أعتقد ان الأمر ليس كميناً كما قال بيان لجنة أمن الولاية، ولكن هو استهداف مباشر للقرية وخاصة الصور التي ظهرت أكدت ذلك.

عليه، أحداث كوقلي تحتاج إلى تكوين تحقيق مستقل خارج ولاية شمال دارفور لمعرفة الحقيقة، ليس اعتماداً على البيانات المضروبة والمُفخّخة التي ظهرت من أطراف مختلفة وخاصة ان الحادث موثق من خلال ما نُشر عبر الوسائط.

ثانياً أعتقد خروج اي قوات مشتركة فيه قوات الحركات  ان يكون بضوابط ومحدد المهام وتحت قيادة القوات الحكومية النظامية.

ثالثاً أعتقد لا ينبغي ان تتحرك  قوات الحركات ضمن اي قوة إلا بعد ترتيبها أمنياً وتدرب وتؤهل لتقوم بالمهام المطلوبة.

رابعاً عملية السلام في دارفور مازالت هشّة وتحت الاختبار وتحتاج الى تدابير خاصة وقيادة واعية حتى لا تتجاذب الناس الأهواء والأغراض وتتحول إلى مليشيات ذات وجه قبلي.

خامساً يجب ان يضبط كل قائد حركة قواته حتى لا تدخل في الصراعات القبلية المحلية ولا تنقاد لتنصر مجموعة ضد الاخرى، بل يجب ان تحدد مهامه بدقة.

سادساً قادة الحركات صاروا جزءاً من منظومة الدولة وشغلوا مواقع رفيعة في الدولة ومواقع حساسة يجب ان يتعاملوا بحياد تام وحذر، وان يكونوا رجال دولة لا زعامات وقيادات قبلية، وان لا يتقزموا في دارفور، بل عليهم ان ينتشروا كرجال دولة في السودان.

سابعاً والي شمال دارفور في محك كبير كيف يتعامل في الولاية، ولذلك عليه ان يتعامل بحذر شديد قبلياً، ويجب عليه ان يتعامل تعامل قائد لكل أهل الولاية  وكل سكان الولاية مواطنوه، ويجب ان يخرج من جلباب القبلية والحركة المسلحة ويلبس جلباب رجل الدولة.

أخيراً أعتقد حادث كوقلي امتحان لسلام جوبا، وكذلك لا بد من التحقيق المستقل والشفاف حتى تُحمّل المسؤوليات لمن ارتكب المُخالفة.

أي دغمسة سوف تفقد عملية السلام في جوبا  مصداقيتها، بل ستعيق قدرة الأخ مني قيادة دارفور، وكذلك والي شمال دارفور.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى