تشاكس شركاء الانتقالية.. أمريكا تلوح بعصا العقوبات من جديد

 

تقرير- الطيب محمد خير

لوحت الولايات المتحدة بتفعيل آليات العودة لمربع العقوبات من خلال تحذيرات صريحة ارسلتها لطرفي الشراكة الانتقالية المدني والعسكري في الخرطوم من عواقب الاخلال بالنظام الانتقالي المنصوص عليه في الوثيقة الدستورية بالاتهامات المُتبادلة بينهما التي وضعت العملية الانتقالية على حافة هاوية الانهيار، وتوعدت أمريكا بايقاف المساعدات الثنائية المقدمة للحكومة بما فيها التعاون العسكري والأمني.

إبلاغ

ابلغ المبعوث الامريكي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ورئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وأعضاء مجلسى الوزراء السيادة خلال سلسلة الاجتماعات التي عقدها معهم في زيارته الأخيرة التزام الولايات المتحدة الثابت بالانتقال السياسي المستمر في السودان محذرا من أن الانحراف عن هذا المسار والفشل في تلبية المعايير الرئيسة سيُعرِّض علاقة السودان الثنائية مع الولايات المتحدة للخطر، مؤكدا ان دعم بلاده للسودان يعتمد على الالتزام بالنظام الانتقالي المتفق عليه على النحو المنصوص عليه في الإعلان الدستوري لعام (2019) واتفاقية جوبا للسلام لعام (2020) وطالبهم بتحمل مسؤولياتهم في هذه اللحظة التاريخية, لطمأنة الشعب السوداني على أن تطلعات الثورة ستتحقق.

مؤشر غير حميد

اعتبر الخبير في العلاقات الدولية بالمركز الدبلوماسي السفير د. عبد الرحمن ابو خريس تحذيرات الادارة الامريكية لشركاء الحكومة الانتقالية مؤشرا غير حميدا على مستقبل الفترة الانتقالية في السودان خاصة ان كافة دول العالم تاخذ التحذيرات الامريكية وتحديدا حلفائها في اوربا والمنطقة محمل جد، ولا سيما ان علاقة الولايات المتحدة ظلت طوال فترة الثلاثين عاما من عمر النظام البائد عدائية نتيجة أسباب منطقية بأن السودان ياوي جماعات ارهابية وكانت امريكا بعد سقوط نظام الانقاذ تأمل ان تأتي مرحلة الانتقال للتجربة الديمقراطية في السودان مبرأة من عيوب التجارب السابقة وتدار بطريقة توافقية مرنة تمكن السودان ان يمضي بخطى ثابته في طريق الاصلاح السياسي للوصول لنظام ديمقراطي يؤهله للانفتاح على العالم ببناء علاقات خارجية متوازنة خاصة مع امريكا وحلفائها الذين كانوا ينتظرون أن تأتي الحكومة الانتقالية اكثر مرونة غير ان شركاء الحكم الانتقالي اظهروا خلاف ذلك ولم يستفيدوا من التجارب السابقة التي ادت لوأد التجربة الديمقراطية في السودان اكثر من مرة.

عودة سياسة الجزرة والعصا

واشار د. ابو خريس الى الرسائل التي وضعتها امريكيا في بريد شركاء الانتقال تقرأ بأنها غير متيقنة بحدوث انتقال سياسي سلس في السودان لاحساسها بعدم توفر البيئة بسبب الصراعات الدائرة بين شركاء الحكم والحديث عن محاولات انقلابية، وان الشركاء غير مستوعبين للاهمية الاستراتيجية لموقع السودان بشاطئ البحر الاحمر كواحد من الممرات المائية المهمة في العالم بجانب محاددته لعدد من الدول وكل هذه الميزات تكون تحت ادارة نظام حكم هش تعصف به الصراعات امر غير مرغوب فيه من قبل امريكا التي ترى ان هذه الاجواء التي تشوبها الخلافات والصراعات لن تصف الا بالعودة لسياسة العصا والجزرة التي ظلت تتبعها مع النظام السابق.

واضاف ابو خريس هذا ما جعل البعوث الامريكي ليقرع جرس الانذار خلال لقاءاته مع شركاء الحكم للتنبيه بوجود خطر يهدد المرحلة الانتقالية ولا سيما عقب الحديث عن المحاولة الانقلابية الفاشلة وما تبعها من تصاعد الخلافات بين العسكريين والمدنيين فيما حمل حديثه مؤشر باتجاه حكومته للضغط على طرفي الشراكة في المرحلة الانقالية للوصول لتوافق بين العسكر والمدنيين لايجاد نظام قوى يدير الفترة الانتقالية بسلاسة وصولا لتحول ديمقراطي حقيقي.

ضغوط

ويؤكد د. ابو خريس ان هذه التحذيرات التي ارسلتها الادارة الامريكية قد وضعت الحكومة الانتقالية في الواجهة بما يجعلها عرضة للضغوط بدلا من الدعم الذي تتلقاه الان من دول العالم وخاصة حلفاء امريكا التي يتحكم البرلمان في الدعم الذي تقدمه من معونات وقروض ومساعدات وبالتالي وجود اي مؤشر سالب من امريكا في هذا الاتجاه يؤثر على علاقات السودان الخارجية وينعكس سلبا على عملية التحول الديمقراطي التي ينتظرها السودان.

استفادة من الرسائل

ونبه ابو خريس الحكومة الانتقالية الى ضرورة التعامل مع مثل هذا النوع من التحذيرات بنوع من الجدية والحساسية خاصة وانها مرسلة من الادارة الامريكية التي لا تزال مترددة في الانفتاح على التعامل مع السودان على الرغم من انها رفعت اسمه من قائمة الدول الراعية للارهاب وسمحت لحلفائها الدوليين والاقليمين بالتعامل معه لكن الملاحظ ان الدعم الذي قدمته الادارة الامريكية للحكومة الانتقالية جاء اقل من المنتظر تقديمه بل هي الآن تمارس الضغط عليها بطريقة يمكن ان تقرأ من قبل مؤيدي خطها داخل الحكومة الانتقالية مؤشر بأنها غير راضية عن اداء الحكومة الانتقالية ولا تلبي رغباتها وعليهم بالانسحاب منها ومغادرة مواقعهم فيها والعودة لمربع المعارضة ومواجهة الحكومة الانتقالية، وفي نفس الوقت يمكن للحكومة الانتقالية ان تستفيد من هذه الرسائل بالتعامل معها بشكل ايجابي لاصلاح وتصحيح مسار ادارة الفترة الانتقالية والتعامل في ادارة الازمات مع الفرقاء بسلاسة لكسبهم لتوحيد القوى السياسة لتقوية المرحلة الانتقالية والحفاظ عليها حتى الخروج بها لبر التحول الديمقراطي.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى