طارق عبد الله الريح يكتب : الكابلي.. الصوفي المعتق

 

الفنان والأديب والشاعر والملحن عبد الكريم الكابلي مدرسة غنائية شاملة، جمعت الشعر والأدب والموسيقى وفن الأداء والثقافة، يدهشك الكابلي شعراً وغناءً وألحانا مموسقة منغمة، وإذا تحدث كان بليغاً ضليعاً باللغتين العربية والإنجليزية.

انتهج لنفسه نهجاً متفرداً، فيه كل ألوان الطيف من الفنون شعراً وأدباً وتراثاً وغناءً وموسيقى، بجانب صوته العميق الطروب، تغنى بالفصحى والعامية واللغة الإنجليزية فأجاد وـطرب.

نجد في ألحان الفنان الكبير الكابلي النفس الصوفي المُعتق الذي يدور في فلك المنظومة الخماسية، ويدهشك بقوة البناء اللحني وتسلسله حتى ينتابك الإحساس بأن هذا اللحن يشبه النص الشعري تماماً أُضيف إليه عمق الأداء وتصوير المفردات صوتياً كما جاء في أغنية مروي حينما جسّد الكابلي صوت الساقية وهي تدور بصوته وهذا يدل على وعي ومعايشة حقيقية للنص وتحويله الى صورة مرئية سمعية في نفس الوقت.

درج الفنان الكبير عبد الكريم الكابلي على اختيار النصوص التي ترتقي بذوق المستمع وصياغتها لحنياً بشكل موسيقي متقن سلس، يلامس مشاعر الناس وهذا سر خلود أغنياته التي ألهبت المشاعر والافئدة.

وإذا دلفنا إلى أغاني التراث نجده مرجعاً وذخيرة معرفية هائلة يختار ما يقدمه من أغنيات التراث، مع فذلكة تاريخية عن هذه الأغنيات حتى تكتمل الصورة لدى المستمع أو المشاهد وهذه تؤكد أن الفن رسالة مجتمعية.

تناول استاذنا الفنان الكابلي بعضا من أغنيات الشاعرة شريفة بت بلال وهي عاشت في عهد التركية السابقة، وكان والدها جندياً في مملكة الفونج وقد حاربت في ذلك العهد وكتبت في أواخر أيامها قصيدتها المشهورة (أنا شريفة بت بلال بت العسكر العدال، سنة حرابة سنار، سنة الكبس والشوتال، أنا حاربت مع الرجال)، تناول استاذنا الفنان الكابلي هذا التاريخ، وأضفى عليه بُعدًا جماليًا وقدّمه في أبهى صورة للأجيال القادمة لمعرفة عظمة هذا الشعب العظيم.

الحديث عن الفنان الكبير عبد الكريم الكابلي يحتاج الى مُختصين في مجال الشعر والغناء والموسيقى والأدب والتراث، فالرجل موسوعة معرفيه قلّما يجود الزمان بمثلها.

نسأل الله تعالى أن يمن عليه بنعمة الصحة والعافية وطول العمر ويعود لوطنه معافىً سليماً ليسعد محبيه وعُشّاق فنه الراقي الأصيل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى