تعيين الولاة..  جدل قديم متجدّد!

تقرير: صلاح مختار

أصبحت قضية تعيين ولاة الولايات من القضايا القديمة المتجددة والملحة لاستكمال هياكل السلطة الانتقالية, وهي من القضايا التي ترتبط بشكل قوي ومباشر بالمكونات أو الحاضنة السياسية صعوداً ونزولًا، وكلما كان هناك اتفاق توافق بينها حول قضايا الفترة الانتقالية, انعكس بشكل طبيعي على قراراتها وفي تسريع وتيرتها, ولكن يعكس تأخير تعيين الولاة حدة الخلافات فيما بين تلك القوى المكونة للحكومة, وذلك ما ذهبت إليه بعض المصادر بوجود خلافات بالمجلس المركزي للتحالف الحاكم حول مصير الولاة المدنيين، وكشفت تلك المصادر أن البعض يرى ضرورة تغيير ولاة الولايات كافة فيما يرى آخرون أن يحدث تغيير محدود بينهم، وبالتالي القضية لم تحسم بعد حتى الآن, وأن الآراء بشكلها النهائي لم تتضح بعد. فيما توقعت تلك المصادر أن يصدر المجلس المركزي للحاضنة السياسية قراراً قريباً بشأن ذلك.

خطوات جيدة

ويرى سكرتير تجمع المهنيين ناجي الأصم أن تأخير تعيين الولاة المدنيين سببه الأساسي الحاضنة السياسية للحكومة, وذلك بعدم اتفاقها، بيد أنه بشر بأن هنالك خطوات جيدة سترى النور قريباً في هذا الخصوص من خلال توحيد وإعادة إعلان لقوى الحرية والتغيير تدفع بمسائل استكمال هياكل السلطة بصورة أوسع إلى الأمام.

وأكد الأصم في حديث لـ(الصيحة) أن تغيير ولاة الولايات سواء كان جزئياً أو كاملاً سيخضع للاتفاق بين مكونات الحرية والتغيير, عدا الولايات الخاضعة لاتفاق إعلان جوبا مبيناً أن بقية الولايات ستكون خاضعة للاتفاق ما بين أطراف قوى إعلان الحرية والتغيير، وقال إنهم في تجمع المهنيين يرون أنه يجب أن يتم إخضاع تجربة الولاة خلال الفترة الماضية إلى تقييم جيد وبصورة منهجية, بالإضافة إلى تقييم التجربة كلها من اختيار الولاة وأدائهم خلال الفترة الماضية حتى يشعر الناس أن هناك تقدماً في مسار متطور، وجزم بأن تجمع المهنيين سيضغط حتى تكون هنالك منهجية مضبوطة لتقييم واختيار الولاة الجدد.

مخاوف مبررة

وسبق أن طالب تجمع المهنيين السودانيين الحكومة, بضرورة تسريع تعيين الولاة المدنيين، وتشكيل المجلس التشريعي، لاستكمال هياكل السلطة الانتقالية في البلاد، وكانت الحكومة قد تسلمت قائمة بـ (15) مرشحاً للولايات، ويرى سكرتير تجمع المهنيين ناجي الأصم في مؤتمر صحفي سابق أن القصور في استكمال هياكل السلطة الانتقالية، يعد تقصيراً كبيراً، خاصة في تعيين الولاة المدنيين مما أدى إلى حدوث مشاكل كبيرة في الولايات. ونوه إلى المخاوف التي تبديها بعض الحركات المسلحة بشأن تعيين الولاة، حيث قال إن (التغيير لم يصل إلى الولايات على الرغم من أننا نتفهم أن مهام التغيير في البلاد تسير بصورة موازية ولا تتقاطع، وعلى الحركات المسلحة أن تتفهم مسألة الإسراع في تعيين الولاة المدنيين)، وقال: (اقترحنا تكليف ولاة مدنيين بصورة مؤقتة إلى حين الوصول إلى اتفاق سلام، ومن بعدها تعيين ولاة آخرين).

معايير وأسس

قوى الحرية والتغيير أَمّنت في وقت سابق في أول اجتماع لها لبحث ترشيحات الولاة، على ترشيح سياسيين وكفاءات لشغل منصب الوالي، وقال مصدر بـ(قوى الحرية والتغيير) إن الاجتماع الأول للجنة الترشيحات ناقش وضع الأسس والمعايير المطلوبة لاختيار الولاة لـ (١٨) ولاية، إلى جانب انعقاد ورشة عن الحكم المحلي طرحت فيها الشق الإداري للولايات كرؤية أخيرة. كما ناقش الاجتماع شرط أن يكون الوالي من المنطقة نفسها أم ليس بالضرورة. وطبقًا للمصدر، وأكد أن لجنة الترشيحات والمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير عقدت اجتماعاً آخر لوضع معايير الترشيحات. وأبلغ المتحدث باسم التحالف وجدي صالح (الجزيرة نت) أن قوى إعلان الحرية والتغيير ستناقش الأمر مع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك. وأضاف (لا بد من تعيين حكام قادرين على تنفيذ برنامج الثورة). فيما حذر تجمع المهنيين في تصريحات سابقة من مغبة تأخير تعيين الولاة المدنيين الذين يمثلون الثورة وتطلعاتها. واعتبر صالح أن إرجاء تعيين ولاة الولايات مخالف للوثيقة الدستورية. وشدد على أن تعيين حكام الولايات يحتاج إلى مراجعة بشكل هادئ يوازن بين تحقيق أهداف الثورة وإحلال السلام، باعتبارها قضايا مترابطة وتحتاج حواراً أعمق في هذه الفترة الحساسة.

للضرورة أحكام

وتنص الوثيقة الدستورية الموقعة بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير على تعيين الولاة بواسطة رئيس الوزراء على أن يعتمدهم المجلس السيادي. غير أن المحلل السياسي د. أبوبكر آدم عاب في حديث لـ(الصيحة) على الحكومة استمرار الأوضاع في الولايات دون تغيير كما يحدث في المركز. بيد أنه قال للضرورة أحكام قد تستدعي هذا التغيير, وقال إن مسألة تعيين الولاة المدنيين بواسطة مجلس الوزراء وإجراء تغيير حقيقي بالولايات المختلفة وبالحكم المحلي هو من صميم أهداف الثورة وأساس تفكيك التمكين. ولفت الى وجود فجوة وعدم التعاون وانسجام بين بعض الولاة مع مكونات الحكومة المركزية فيما يتعلق بإحداث تغيير في مؤسسات الحكم بالولايات. وأكد أن التأخير في تسمية الولايات سينعكس بالضرورة على جملة الأوضاع على الأرض ورأى أن الولايات تعكس مدى ترابط العلاقة المركزية بالولايات، وأكد أن المهام المقبلة تتطلب أن يكون هنالك ولاة مدنيون بجانب مراعاة الخصوصية لبعض الولايات. مبيناً ان تأخير إعلان الولاة سببه الخلافات الواسعة بين مكونات الحكومة والحاضنة ورأى أن الخلافات الداخلية بينها أثر بشكل مباشر على اختيار ولاة الولايات، مشيرًا إلى دخول بعض الولايات فيما خرجت بعض الولايات بحكم اتفاق سلام جوبا.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى