الوقود والكهرباء.. حقائق غائبة

الخرطوم- رشا التوم
شهدت محطات الوقود بالخرطوم أزمة حادة في توفير الوقود، والثابت حتى يوم أمس انعدام تام للوقود في عدد كبير من محطات الوقود الرئيسة بالخرطوم خاصة الجازولين بالرغم من المعالجات التي أعلنتها وزارة الطاقة لحل المشكلة والإعلان عن وصول كميات كبيرة من الوقود في ميناء بورتسودان والتعهدات التي التزم بها وزير الطاقة والنفط جادين علي عبيد لرئيس مجلس الوزراء بحل أزمة الكهرباء ونقص الوقود خلال 3 أيام ويتزامن مع ندرة الوقود انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة خلال اليوم وفق برمجة غير ثابتة وتتراوح القطوعات ما بين 10 إلى 12 ساعة يومياً في أرجاء العاصمة المختلفة مما خلف شكاوى واستياء وسط المواطنين لعدم توفر الخدمتين اللتين تمثلان ركنًا أساسياً في الحياة اليومية، وفي الوقت الذي تبعث فيه الحكومة رسائل مطمئنة للمجتمع بانحسار الأزمة في الوقود والكهرباء تشيع وسط المواطنين مخاوف كبيرة بأن تكون تلك التصريحات عبارة عن مسكن فقط وتجعلهم يشككون في مقدرة الحكومة على حل الأزمة من جذورها.
ويتوجس المواطنون من عملية استمرار شح الوقود والكهرباء بدخول شهر رمضان نتيجة عدم توفر الثقة في تصريحات المسؤولين خلال العقود الماضية.
وبالأمس جزم وكيل الطاقة محمد خيري بتحسن الإمداد الكهربائي بدخول باخرة فيرنس بحمولة 36 ألف طن ومد البارجة في بورتسودان منها ونقل آخر إلى محطة بحري الحرارية مساهمة في تقليل القطوعات وتحسن الإمداد في رمضان.
وكشفت مصادر لــ(الصيحة) أن السحب اليومي للوقود بواقع 3 آلاف لتر للجازولين و2500 ألف لتر للبنزين، وقالت المصادر إن مشكلة الوقود تعود إلى أسباب إدارية فقط ومشكلات في التوزيع بالشركات المختصة والتي ربما تواجه عقبات في توصيل الحصص في الوقت المناسب لمحطات الخدمة وألمحت المصادر إلى جهود حثيثة لتحقيق وفرة في كل محطات الخدمة.
وأكد المحلل الاقتصادي د. عادل عبد المنعم أن الحكومة تسعى حثيثاً إلى حل الإشكالات المتعلقة بالوقود والكهرباء واستشهد بحديث وزير الطاقة ودخول 4 بواخر وقود خلال الأيام المقبلة.
وأشار إلى أن بواخر الوقود المحملة بالفيرنس تعمل على إدخال محطة بحري الحرارية وقرى الخدمة بطاقتها القصوى بجانب سد الروصيرص ومروي وتوفير 700 ميقاواط تدخل خلال رمضان.
وزاد قائلاً: متفائل بحدوث استقرار في الكهرباء والوقود على إثر حديث وزير الطاقة، وأعتقد بأن المشكلة كبيرة في الفيرنس، وحال تم توفيره بكميات كبيرة سوف تعاود المحطات الحرارية عملها لتوفير الخدمة للمواطنين خاصة عقب زيادة أسعار الكهرباء مؤخراً.
ولفت أن البارجة التركية حال تم سداد متأخراتها المالية سوف يتم توفير الفيرنس وهو الحل الوحيد لإنهاء الأزمة.
وأقر بأن المشكلة الأساسية في قطاع الكهرباء هي شح الموارد المالية، رغم دخول أموال كبيرة من تحرير سعر الصرف عبر المصارف والتي تجاوزت مبلغ 700 مليون دولار كانت كافية لحل مشكلة قطاعات متعددة خاصة وأن وزير الطاقة أكد الحاجة إلى مبلغ 50 مليون دولار شهريًا لتوفير الكهرباء.
ودعا إلى إقرار سياسات جديدة تعمل على ترشيد الاستيراد من الخارج لفترة 6 شهور في ظل شح موارد الدولة من العملات الحرة والتي يجب أن تخصص لاستيراد السلع الأساسية ومنها الوقود والفيرنس والمواصلات والدواء.
وقال: رغم توفر العملة الصعبة في البنوك هناك نقص كبير في الموارد، ودعا إلى فرض ضريبة تعويضية ما بين 100 إلى 200 دولار على المسافرين إلى الخارج للحد من السفر دون أسباب واقعية، وتوفير موارد مالية للدولة وتخوف من نقص الخدمات، وتوقف النشاط الاقتصادي والذي بدوره يقود إلى اندلاع اضطرابات في المجتمع.
ويتفق خبراء اقتصاديون على أن أزمة الوقود والكهرباء في البلاد إدارية وسياسية قبل أن تكون اقتصادية ما يؤكد على وجود أزمة في كيفية اتخاذ ومنهجية القرار، وأشاروا إلى أنه من المفترض وحسب سياسة الترشيد والتقشف التي اتبعتها الدولة بغرض توفير الأساسيات من السلع ألا يجد المواطن معاناة في شتى المجالات للحصول على السلع حيث أثرت سياسة التقشف عليه سلباً بصورة كبيرة،خاصة وأن المواطن واجه معاناة كبيرة بسبب السياسة الانكماشية وأثرها السالب في توفير السلع والخدمات الخاصة حتى الأدوية في ظل غياب الإنتاج والإنتاجية. فضلا عن الأثر البالغ جدًا لأزمة الجازولين والوقود امتداداً لآثار نفسية على حياة الناس، ما أرجع البلاد للمربع الأول المتمثل في وضع الندرة السائد قبل سياسة التحرير الاقتصادي والأثر الاقتصادي سالب جدًا وشمل الإنتاج الزراعي والصناعي والكهرباء والبيئة. واعتبروا تكدس السيارات في محطات الوقود تعطيلا لطاقة كبيرة جدًا وأن المبررات التي ساقتها الحكومة بشأن الأزمة غير مقبولة.
وفي جولة لـ(الصيحة) في محطات الوقود أفاد صاحب طلمبة في بحري أن الوقود فيه شح كبير خاصة الجازولين وأشار إلى تمدد الصفوف مجددًا أمام المحطات.
فيما شكا صاحب عربات لنقل الوقود لـ(الصيحة)، من تضاعف تكلفة النقل إلى عشرة أضعاف فضلاً عن ارتفاع أسعار الإسبيرات.
ووصف الوضع بالمأزوم مما يثبت عدم قدرة الحكومة على الالتزام بتوفير الخدمة للمواطنين.
بيد أن الحكومة نفسها تواجه مشكلات تتعلق بتوقف الدعم الخارجي واختلال الميزان التجاري وشح في موارد النقد الأجنبي.
وأيضاً تواجه الولايات شحاً كبيراً في الوقود بشكل عام، بجانب وجود تخوف كبير وسط المزارعين من عدم توفر الجازولين والكهرباء للموسم الزراعي.
والحكومة مطالبة باستيراد كميات كبيرة من الوقود لمقابلة الاحتياجات.
وتشير الإحصاءات إلى أن البلاد تنتج 80% من الاستهلاك المحلي ويتم استيراد 20% من عجز الفجوة من الخارج كل شهرين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى