تقرير “يونيتامس” لمجلس الأمن يرسم صورة قاتمة عن الوضع في السودان

وصف اتفاق البرهان- حمدوك بـ"خطوة مهمة" لحل الأزمة السياسية

تقرير- فرح أمبدة

رسم تقرير قدمه، رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة للمساعدة في الفترة الانتقالية في السودان “يونيتامس” فولكر بيرتس، لجلسة مجلس الأمن التي عقدت نهار الجمعة، صورة قاتمة، للأوضاع في البلاد.
وتضمن التقرير الأوضاع السياسية والأمنية والصحية بشكل مفصل خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وقد عقّب عليه ممثلون لكل من ايرلندا، فيتنام، روسيا، فرنسا، الصين، والولايات المتحدة، قبل أن يقدم مندوب السودان رده على المداخلات، وغطى التقرير التطورات السياسية والأمنية والإجتماعية والاقتصادية وحقوق الإنسان وسيادة القانون والتطورات الإنسانية في السودان في الفترة من 21 أغسطس إلى 21 نوفمبر 2021م.

تطورات 25 اكتوبر
بدأ التقرير، بوصف لما جرى في السودان خلال الثلاثة أشهر المنصرمة، بدأ بالتطورات السياسية التي جرت في 25 أكتوبر التي حلت بموجبها الحكومة المدنية، وأعلنت حالة الطوارئ وعلقت بنود من الوثيقة الدستورية، وما أعقب ذلك من تطورات، حتى مرحلة الاتفاق السياسي الذي وقع في 21 نوفمبر.
ونبه إلى أن الانقلاب جاء في أعقاب شهور من التوتر المتصاعد بين المكونين المدني والعسكري للسلطات الانتقالية السودانية، وسُجن نحو (40) من أفراد قوات الأمن إثر محاولة انقلاب فاشلة في 21 سبتمبر، وانقسام المكون المدني على نفسه الأمر الذي زاد من تفاقم التوترات خلال الفترة المشمولة بالتقرير.
وأضاف: “يشكل الاتفاق الذي تم التوصل إليه في 21 نوفمبر بين الفريق البرهان ورئيس الوزراء خطوة نحو حل الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد والعودة إلى النظام الدستوري، لكن يتعين على جميع الأطراف بذل جهود منسقة وفي الوقت المناسب للتفاوض، بهدف معالجة القضايا التي لم يتم حلها بشكل فعال بطريقة شاملة وبطريقة يعتبرها الشعب السوداني وشركاؤها شرعية”.
وتعهّد أن تواصل الأمم المتحدة بذل مساعيها الحميدة لتيسير الحوار الذي يمكن أن يدعم الانتقال إلى حكومة ديمقراطية، بالتنسيق الوثيق مع الاتحاد الأفريقي والشركاء الإقليميين.
ودعا التقرير إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين والمحتجزين بشكل تعسفي، ولمحاكمة أولئك الذين وجهت إليهم تهم محاكمة عادلة، وأضاف “أحث السلطات أيضاً على احترام حرية التعبير وحرية الصحافة”.
وكشف عن تقارير قال إنها متسقة عن استخدام الذخيرة الحية من قبل قوات الأمن والجيش ضد المتظاهرين السلميين، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى “إنني أحث السلطات السودانية على التقيد بالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان واحترام الحق في الحياة وحرية التعبير والتجمع السلمي”.

بطء اتفاق السلام
ورحب التقرير بالالتزام المنصوص عليه في الاتفاق السياسي بالتحقيق في جميع وفيات وإصابات المتظاهرين، ودعا إلى أن تكون هذه التحقيقات شاملة ومستقلة وشفافة ومحاسبة المسؤولين عنها.
ونبه إلى بطء تنفيذ اتفاق جوبا للسلام وقال إن ذلك يشكل مصدراً للقلق، مضيفا بان انقلاب العسكري في 25 أكتوبر عرض الاتفاقية للخطر كما أدى إلى تآكل الثقة بين الجماعات المسلحة غير الموقعة على الاتفاقية.
وقال: إن عدم إحراز تقدم في المحادثات بين الحكومة الانتقالية وفصيل عبد العزيز الحلو في الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال أمر يثبط العزيمة.
واعتبر التقرير تشكيل اللجنة العسكرية العليا المشتركة للترتيبات الأمنية واللجنة الدائمة لوقف إطلاق النار “خطوة مهمة” نحو تنفيذ الترتيبات الأمنية المنصوص عليها في اتفاق جوبا للسلام.
وقال في الخصوص “من الأهمية بمكان أن يتم تزويد اللجنة بالدعم اللوجستي والمالي الملائم وفي الوقت المناسب والمستدام”.
منبهاً إلى أهمية تشكيل آلية رصد وتقييم اتفاق جوبا للسلام في الوقت المناسب “وهي تظل ضرورية لتوفير التوجيه الاستراتيجي الشامل ودعم تنفيذ السلام”.
وفيما يجري في دارفور من نزاعات قال التقرير: لا يزال تصاعد التوترات القبلية في دارفور ومناطق أخرى من البلد مصدر قلق. وبينما أحرزت الحكومة الانتقالية بعض التقدم في معالجة العنف القبلي من خلال جهود الوساطة قبل الانقلاب، لا يزال المدنيون معرضين للخطر، حاثاً السلطات على الوفاء بمسؤولياتها في حماية المدنيين من خلال إحراز تقدم في تنفيذ الخطة الوطنية لحماية المدنيين.

استكمال مؤسسات الحكم
وأشار التقرير إلى أن عدم استكمال مؤسسات الحكم الانتقالي يبرز التحديات التي تواجه مؤسسات العدالة المدنية في السودان ويعني أنه لا توجد آلية مستقلة عاملة يمكن من خلالها مراجعة انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الاحتجاز غير القانوني.
وبجانب القضايا السياسية تطرق إلى النزاعات القبلية حيث وقعت اشتباكات بين مختلف المجتمعات العربية (بني هلبة، المسيرية) والأفريقية (إيرينجا، تنجور، الزغاوة) في أجزاء مختلفة من البلاد، ويرجع ذلك في الغالب– حسب التقرير- إلى الخلافات حول ملكية الأراضي والوصول إلى الموارد والجرائم، مما أدى إلى أعمال عدائية.
وقال التقرير إن دارفور ظلت بؤرة التوتر الرئيسية، حيث وقعت اشتباكات أيضاً بين الجماعات المسلحة وقوات الأمن واشتبكت عناصر من جيش تحرير السودان- عبد الواحد مع القوات المسلحة السودانية بالقرب من منطقة طويلة بدارفور.

الوضع الاقتصادي
وفي ما يتعلق بالوضع الاقتصادي، دعا التقرير إلى عدم وقف الدعم والمساعدات للسودان، منبهاً إلى أن ذلك يشكل خطراً على الاستقرار، وذكر أن هناك بوادر أولية على الانتعاش الاقتصادي في السودان في الأشهر الأخيرة ، بيد إن الانقلاب العسكري عرض هذا التقدم للخطر، قائلاً: كان من المتوقع أن يشهد السودان نمواً اقتصادياً إيجابياً متواضعاً بنسبة 0.6 في المائة في عام 2021م حيث بدأت وتيرة الإصلاحات الاقتصادية في تحقيق نتائج ملموسة، وبدأت تسوية متأخرات الديون مع المؤسسات المالية الدولية في الآونة الأخيرة وقرار المجالس التنفيذية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي بالإذن بتخفيف عبء الديون في إطار المبادرة المعززة المتعلقة بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون (المقدرة بحوالي 50 مليار دولار)، حيث من المقرر أن يلتزم البنك الدولي بتقديم ما يقرب من ملياري دولار في شكل منح للمساعدة في معالجة الفقر وعدم المساواة وتعزيز النمو.
وقال: كما كان من المقرر أن يتلقى السودان 500 مليون دولار لدعم الميزانية، و300 مليون دولار لتحسين الكهرباء و300 مليون دولار لمشاريع الري قبل نهاية عام 2021، وفي أعقاب الانقلاب، أعلن البنك الدولي أنه أوقف مؤقتًا صرف الأموال لجميع عملياته في السودان وكذلك تجهيز أي مشاريع جديدة. كما أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية تعليق 700 مليون دولار من المساعدات الطارئة للبلاد.

ونبه التقرير إلى القلق جراء غياب المرأة السودانية التي تلعب دورًا مركزيًا وتاريخيًا في الثورة عن صنع القرار السياسي الرفيع المستوى.
واشار التقرير إلى ان مشكلة الشرق تحتاج الى تسوية كبيرة من جانب الحكومة السودانية لجهة هشاشة الوضع في السودان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى