صلاح الدين عووضة يكتب : مَا الفرق؟!

لا فرق..

فاليوم مثل الأمس… مثل الغد..

فاليوم يكاد يكون هو نفسه الذي كان قبل عام..

وسيكون هو نفسه – في مثل زمانه هذا – من بعد عام..

والمشاكل هي نفسها… والتحديات هي نفسها… وحتى كوارث الطبيعة هي نفسها..

ثُمّ المسؤولون كأنّهم هم أنفسهم… لا فرق..

كأنّهم هم مَن حيث مكرور الإخفاقات… ومحفوظ التبريرات… ومعهود السخافات..

ووالي الخرطوم نمر – على سبيل المثال – يكاد يكون هو سلفه الخضر ذات نفسه..

لا فرق إلا في الشكل… والاسم..

وعبد الرحمن الخضر لا فرق بينه وبين خلفه عبد الرحيم محمد حسين..

وعبد الرحيم لا فرق بينه وبين سلفه الأسبق المتعافي..

ثم نمر ذاته لن يكون هنالك فرقٌ بينه وبين مَن سيخلفه؛ إلا أن تحدث مُعجزة..

والمُعجزات لا تعرف طريقها إلى بلادنا..

فحتى بعض الدول التي كانت مُتخلِّفة  حضارياً – من حولنا – حقّقت مُعجزات..

وكمثال على ذلك رواندا..

ورأيت أن أذكر رواندا هذه بالاسم لأنّها زادت على التخلُّف المذكور مذابح قبلية..

والبَارحة لامني أحدهم (دارفور فيها مذابح… وأنت في بحورك سابح)..

فرددت عليه (ومنذ متى لم تكن في دارفور مذابح؟)..

بمعنى: ما الجديد؟… تماماً مثلما أنّ امتلاء نفق عفراء بمياه الخريف ليس فيه جديد..

ولا غرق شَوارعنا… وتصدُّعها… وأوساخها؛ في الفصل المطير هذا..

ولا ما يعقب ذلك من ذباب… وبعوض… وأمراض..

وإن أراد أحدكم أن يضحك ضحكاً ينسيه – مُؤقّتاً – مآسي واقعنا فليزر دار الوثائق..

ثم ليتخيّر – عشوائياً – صُحُفاً حديثة… وقديمة… وأقدم..

سوف يُفاجأ بها وكأنّها صحيفة واحدة؛ استُنسخت المرة… تلو الأخرى… تلو الألف..

أخبار العجز في الكهرباء… والعجز عن مُعالجتها..

ثم التبرير المحفوظ عن ظهر (وجع) قلب؛ النيل زاد… النيل نَقَص… النيل (حِرد)..

وكذلك أزمات المياه… والوقود… والخُبز… والجنيه..

كل شيء يُذكِّرك بأحداث فيلم (موت الشيطان)؛ إن كنت قد شاهدته..

فشُخُوصه يُحاولون – عبثاً – الهرب من الكوخ الملعون..

وكلّما ظنُّوا أنّهم قد بعدوا عنه – ونجوا – وجدوه أمامهم… ووجدهم هو أمامه..

أو أحداث فيلم (سفينة اللعنة)..

فالسفينة تجنح بركّابها نحو مثلث برمودا؛ ثم تتكرّر المشاهد إلى ما لا نهاية..

وكلها مَشَاهد مُؤلمة… مُرعبة… مُزعجة..

والآن مريم الصادق كأنّها سلفها مصطفى إسماعيل؛ من حيث دوام الطيران..

وأردول كأنّه عوض الجاز؛ من حيث تبديد الثروات..

ووزير الطاقة؛ ووالله ونسيت اسمه من شدة تأثير قُطُوعاته الكهربائية على عقولنا..

وزير الطاقة هذا كأنّه أي وزير سبقه في موقعه هذا..

وذلك من حيث ترديد تبريرات ظللنا نسمعها حتى حفظناها كجداول الضرب..

كل أحد كأنّه أيِّ أحد سبقه..

وكل شيء كأنهّ أيِّ شيء سابق؛ وكأنه – من واقع حالنا هذا – أي شيء لاحق..

ولذلك تبدو كتاباتنا ذاتها كأيِّ كتابات سابقة..

وسوف تبدو كأيِّ كتابات لاحقة أيضاً؛ ما دام هنالك جوابٌ واحد للسؤال هذا:

مَا الفرق؟!.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى