الشرطة ووالي الخرطوم.. جرد الحساب

 

علي الصادق البصير  يكتب :

 

شهدت العاصمة الخرطوم، أحداثاً مؤسفة عقب مواكب (جرد الحساب)، أعلنتها الشرطة عبر بيانها الذي أكدت خلاله وقوع إصابات متفاوتة وسط المتظاهرين ومنسوبيها، وبرّرت تدخلها واستخدامها للغاز المسيل للدموع لحدوث انحرافات من بعض المتظاهرين بمحاولتهم اقتحام مبنى مجلس الوزراء، وأضافت الشرطة أنها وحسب تقديرات القيادة الميدانية تم التعامُل مع المواكب وفقاً للقانون وأداءً للواجب وحماية الأرواح والممتلكات.

إلا أن والي الخرطوم أيمن نمر، كان له رأيٌ يخالف بيان الشرطة، وقال حسب بيانه إن القوة التي اُستخدمت كانت مُفرطة، وتُجافي النهج في عهد الحرية والسلام والعدالة رغماً عن المُسوِّغات المُقدّمة من الجهات المُختصة، وأعرب عن عميق أسفه للأحداث التي شهدتها مواكب جرد الحساب، وتعهّد بمواصلة التقصي حول أيِّ انتهاكات وقعت والتعامُل معها بجديةٍ وحسمٍ.

من الواضح أنّ بيان الوالي وتصريحاته جاءت بخلفيات سياسية لا علاقة لها بالحقائق والوقائع، إذ لا يستوي منطقاً الحديث عن (إدانة) بالإفراط في القوة ومُواصلة التقصي حول الانتهاكات، ورفض المُسوِّغات التي جاءت في بيان الشرطة التي أكدت مُحاولة اقتحام مبنى مجلس الوزراء.

لو استعان والي الخرطوم بقدرات الشُّرطة وإمكاناتها وسجّل زيارة لغرفة السيطرة والتحكُّم، لرأي بعينه كيف تعاملت الشرطة مع مُقتحمي مجلس الوزراء، وهي دعوة للشرطة من رئيس لجنة الأمن أن تتركوا أي موكب يسير كيفما شاء وهو حقٌ دستوريٌّ، وإن انحرف عن مساره وحاول اقتحام أهم مرفق سيادي بالدولة فلا شأن لكم بهم، لأن ذلك من الحرية والسلام والعدالة.

الخبير القانوني نبيل أديب ومن خلال بحثه المنشور حول فَضّ التظاهرات يقول: الإجراء الأولي الذي يتّخذ حين يُقرِّر الضابط المسؤول أو وكيل النيابة، وجوب تفريق التجمهر للأسباب المُحدّدة في المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية، هو أن يأمر التجمهر بالتفرق. وهذا الأمر يتطلّب أن يكون بصوت واضح ومسموع للجميع قبل استخدام أيِّ قوة.

فإذا لم يتم التفرق رغم إصداره الأمر، أو تصرف التجمهر بطريقة مُخالفة للأمر، فيجوز للضابط المسؤول أن يأمر بتفريق ذلك التجمهر باستعمال أقل قوة ضرورية، على ألا يلجأ لاستعمال السلاح الناري بتفريق التجمهر إلا بإذن من وكيل النيابة .

وفيما يتعلّق بالقوة المُفرطة، قال أديب: المقصود بالقوة المُفرطة هي استخدام قوة تفوق ما هو مطلوبٌ لتنفيذ الفعل المطلوب تنفيذه. واستخدام القوة في تفريق المظاهرات يُخضع لمعايير قانونية، يجب التقيُّد بها، وتبدأ باستخدام أقل قُوة مُمكنة.

أفق قبل الأخير

إذا اقتحم المُتظاهرون مجلس الوزراء، فإنّ التحقيق سيطال الشرطة لتفريطها في الأمن وتهاونها، واتّهامها بالتقصير في أداء واجبها.

أفق أخير

الوالي يحتاج لتأهيل حول المفاهيم الأمنية والسياسية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى