أسير الروم ..!!

* أرسل عمر بن الخطاب جيشًا لحرب الروم وفيهم رجل يقال له عبد الله بن حذافة من أصحاب النبي, فأسره الروم, وذهبوا به مكبلاً في قيوده إلى ملكهم فقالوا له: هذا الرجل من أصحاب محمد.
*نزل الملك عن عرشه, وتقدم في بطء إلى عبد الله بن حذافة الذي قام في وسط البلاط في عزة وثبات, ما زادته القيود إلا هيبة وقوة وتصفحه الملك بنظراته النافذة, وشرد في هؤلاء المسلمين الذين هانت عندهم الدنيا, وأداروا ظهورهم للنشوة والمتعة, اقترب الملك من عبد الله بن حذافة قائلاً: هل لك أن تتنصر وأشركك في ملكي ومالي؟
*قال عبد الله في ثبات: لو أعطيتني جميع ما تملك وجميع ما ملكته العرب على أن أرجع عن دين محمد طرفة عين ما فعلت .
*قال الملك في حدة: إذن أقتلك  ..فأمر به فصلب, وقال للرماة : ارمو قريباً من يديه ورجليه .
*فأمطر الرماة عبد الله بن حذافة بالسهام, والملك يعرض عليه التنصر, فما زاده ذلك إلا إيماناً, ثم أمر به فأنزل, ثم أمر أن يسجن وكانوا يقدمون له لحم الخنزير والخمر فلم يأكل حتى انحنت رقبته وقرب هلاكه فدعاه الملك وقال له اعلم أن دينكم يبيح لكم لحم الخنزير والخمر في الضرورة عندما لا يوجد غيرهما فقال له نعم أعلم ذلك ولكن خشيت أن أشمت أعداء الإسلام بالإسلام فأطعموة وأعادوه للسجن.

*وأدخلوا عليه ملكة جمال الروم وهى عارية كيوم ولدتها أمها وكانت ترمي بنفسها عليه فكان يفر منها وظلت هكذا فترة حتى يئست منه وخرجت وقالت : أأدخلتموني على بشر أم على حجر والله لا يعلم أأنثى أنا أم ذكر .ثم دعا الملك بقدر فصب فيه زيت حتى احترق , ثم دعا بأسيرين من المسلمين  فأمر بأحدهما فألقي وظل يتقلب حتى ذاب لحمه وبانت عظامه , وهو يعرض عليه  فكان أشد إباء من قبل .
*ثم أمر به أن يلقى فيه, فلما ذهب الجنود به بكى, وسالت دموعه, فقيل للملك: إنه قد بكى .فظن أنه خاف, فقال ضاحكاً: ردوه .فعرض عليه النصرانية, فأبى فقال الملك متعجباً ذاهلاً: ما أبكاك إذن؟!
*قال عبد الله: أبكاني أني قلت في نفسي: تلقى الساعة في هذا القدر فتذهب نفس واحدة فكنت أشتهي أن يكون بعدد كل شعرة في جسدي أنفس تلقى في سبيل الله .هز الملك رأسه إعجاباً وحيرة من هذا الرجل الذي احتقر الموت, ثم تقدم ناحيته هامسًا: هل لك أن تقبل رأسي وأخلي عنك؟

*قال عبد الله فرحاً: تخلي عني وعن جميع أسارى المسلمين؟!قال الملك: وعن جميع أسارى المسلمين .
قال عبد الله: فقلت في نفسي: عدو من أعداء الله أقبل رأسه يخلي عنى وعن جميع أسارى المسلمين, لا أبالي .
*ثم تقدم عبد الله بن حذافة, فقبل رأسه, فدفع إليه الأسرى, فقدم بهم على عمر بن الخطاب, فأخبره بخبره تهلل وجه عمر, وانشرح صدره صائحاً: حق على كل مسلم أن يقبل رأس عبد الله بن حذافة, وأنا أبدأ . فنهض عمر رضي الله عنه وانحنى يقبل رأس عبد الله بن حذافة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى