القيادي بحركة العدل والمساواة محجوب حسين لـ(الصيحة): النظام السابق لم يحكمني وهذه أسباب غيابي عن البلاد

 

 

حوار : انتصار فضل الله     9اغسطس 2022م 

 

وصف القيادي بحركة العدل والمساواة محجوب حسين، حركة “تمازج” بـ”نبت شيطاني” ظهر في غفلة، مطالباً بضرورة إعادة النظر في وجودها وإيقاف الدعم العسكري والمادي الذي تتلقاه، محذَّراً من حرب أهلية قادمة.

وشدَّد حسين، في حوار لـ(الصيحة) على أهمية نقل تجربة النائب الأول حميدتي المتعلقة بترتيب الأوضاع في الجنينة إلى كل السودان، لكنه قال: إن العمل الذي تم في دارفور يحتاج إلى تنفيذ كل الاتفاقيات الموقعة .

 

نص الحوار

 

*من هو محجوب حسين وما هي صفته؟

 

ـ محجوب حسين محمد إبراهيم عبد الفقراء، اسم عادي وإنسان عادي ولدت وترعرعت في دارفور درست الجامعة في المغرب من ثم واصلت الدراسات في إنجلترا، صفتي مقاوم وثوري ضد الاستبداد والدكتاتوريات وضد ما يسمى بالإسلام السياسي ـ أسعى مع كثيرين من أبناء هذا الوطن الكبير والشاسع لبناء دولة سودانية على مواصفات وموازين تعبِّر عن هذه الجغرافيا، وأيضاً تعبِّر عن هذه الجومغرافيا وتلائم هذا الشعب الكبير الأبي الضارب حضارته في القدم،  ببساطة هذا هو محجوب حسين.

 

* بما أنك عشت بالخارج لسنوات حدِّثنا عن تجربتك؟

 

ـ امتدت تجربتي لفترة طويلة لأكثر من ثلاثة عقود، أستطيع بكل ثقة أن أقول النظام السابق لم يحكمني أنا محجوب حسين، طوال تلك العقود، غبت عن السودان فترة طويلة منذ أن كنت طالباً في نهاية الثمانينات ومن ثم وقع الانقلاب الذي استمر فترة ثلاثة عقود، كنت مقاوماً لنظام الحركة الإسلامية منذ التجمع الوطني الديموقراطي بعد ذلك التحقت بثورة المقاومة السودانية التي اندلعت من درافور.

 

*ماذا كان عملك تحديداً؟

 

ـ أعمل في اتجاهات كثيرة، أوثق كثيراً للجهود مع القوى الدولية وقوى الحلفاء والشركاء، أيضاً عملت كثيراً في الإعلام السياسي ناطقاً رسمياً لعدد من حركات وقوى المقاومة التي اندلعت من دارفور التي أراها عبارة عن قوى وكتلة ثورية واحدة تعبِّر عن هدف سياسي واحد وتعمل بقيم مشتركة لبناء هذا السودان الممتد.

 

*كم فترة أمضيتها بالخارج؟

 

ـ  أمضيت أكثر من ثلاثة عقود بالخارج، ووصلت إلى السودان بشكل متقطع وكانت آخر مرة وصلت فيها البلاد 2006م، ثم رحلت لحسابات إلى الخارج مرة أخرى.

 

*هل يمكن لنا معرفة حسابات رجوعك إلى الخارج؟

 

ـ كانت الدولة لا تعمل بشكل مطلوب، أيضاَ شعرت بأن هذا الوطن غير آمن بشكل كبير، لذلك غادرت السودان من ثم عدت خلال اتفاق جوبا قبل شهرين ونصف.

 

*حدِّثنا عن قوى المقاومة الثورية؟

 

ـ قوى المقاومة اندلعت من دارفور عبر ثورة عسكرية كانت تهدِّد النظام وتعمل على خلق موازين القوى السياسية “فنية أو عسكرية ” مع الدولة، هذه الثورة المسلحة التي اندلعت من دارفور كانت هي ثورة واحدة رغم العناوين الكثيرة التي تشكَّلت بأسماء حركات كثيرة، لكن المؤكد أنها كلها تمثل كتلة ثورية واحدة  تؤسس لسودان آخر مختلف أو متوافق عليه أو على الأقل يكون مقبولاً بين كل هذه القوى، أعني شركاء الوطن الآخرين شمالاً وجنوباً وسطاً وشرقاً،

هناك علة وطنية كبرى في هذه الدولة أقولها وبكل صراحة، ليس هناك من هو مُساءل فيها من هو الذي قام بالإعداد والتكريس لهذه العلة التي امتدت لست عقود، بما نسميه بالمرحلة الوطنية الأولى أو الدولة الوطنية الأولى التي أرى أنها سقطت الآن، فلابد من العمل جدياً بين كل القوى السودانية، أعني الجهات الأربع أو وسط الدولة أو القيام بحوار آخر وفكرة أخرى نوعية ليست تلك الأفكار الكلاسيكية من ثم الدخول لتأسيس وطن دولة جديد، نحن الآن على أعتاب ثورة تأسيسية للدولة، فهذه الدولة الآن عاجزة فاشلة لم تنتج دولة تعبِّر عن السودان من كل عاهاته باعتباره سلة غذاء العالم العربي، لكن حقيقة هي سلة لنفايات العالم.

 

* هل يمكن أن يكون السودان سلة غذاء العالم بديلاً لأوكرانيا وروسيا، وماذا عن تأثير الحرب الأوكرانية على برنامج الغذاء العالمي؟

 

ـ أولاً للتأكيد السودان لم يكن عمره وفي تاريخه الوطني الأول وإلى اليوم سلة لغذاء العالم، بقدر ما كان سلة حقيقية لهبات العالم ونفاياته، الآن الحديث عن دولة ونحن متحدثين عن علاقات الداخل بالخارج مثل أوكرانيا كما أشرتي، لكن الأهم في هذه نحن لم ننتج دولة وطنية حتى هذه اللحظة، بالتالي هناك علة أثرت على القرار السيادي والسياسي والخطة الزراعية والاقتصادية والفنية والفكرية والثقافية، نحن نعيش مشروع دولة بالتالي لم نؤسس أي شيء حتى هذه اللحظة غير إعادة إنتاج الفشل وتدويره بشكل مستمر، الآن المعالجات تتحرَّك بشكل لولبي وليست بشكل عمودي وتعيد إنتاج نفسها بسيناريوهات مختلفة.

أولاً، نريد أن نبلغ مقام الدولة من ثم يمكن أن تنتج وتشكِّل ما يسمونه جزافاً سلة غذاء العالم العربي، في حين أن الشعب السوداني نفسه الآن يعاني الجوع والمرض، فهناك علة يعاد إنتاجها بشكل مستمر من طرف قوى مهيمنة على البلاد أثرت بشكل كبير على مسيرة السودان الوطنية، فكيف يعقل اليوم إذا أردنا أن نقارن سوداننا هذا مع الدول التي تشبه السودان، نرى أن السودان دولة مقعدة ومعطوبة عاجزة فاشلة وهذا يعود للعقل السياسي السوداني، السؤال هنا يتوجه بشكل نقدي وحقيقي للعقل السوداني المنتج لهذا الفعل بالتالي دون نقد حقيقي لآليات الفعل السياسي والعقل في تشكيلاته ومرجعياته هذا لا يؤدي فقط للانهيار، نحن ندير أزمتنا بشكل لولبي مرة أخرى  من ثم نأتي في لحظة إلى الانسداد والآن نحن نقترب إلى هذا الانسداد.

 

*ألا يوجد لديك بصيص أمل قبل الوصول إلى الانسداد؟

 

ـ أولاً، كما أشرت يجب نقد التجربة الوطنية الأولى بشكل جدي وحقيقي، أيضاً نقد العقل السياسي السوداني بشكل مرجعي وشكل معرفي حقيقي من ثم الدخول إلى مؤسسة هذه الدولة، كما قلت الدولة عبارة عن مشروع وطني لم ينتج حتى يبلغ مبلغ الدولة، كان مشروعاً وكما قلت بات عاجزاً وفاشلاً لم ينتج أي شئ، لذلك المطلوب تحديد هذه الأولويات وتعريف الدولة وبناء مؤسساتها بشكل مختلف لتعبِّر عن ماهية هذا الشعب السوداني ثم ديموقراطية الفعل السياسي وهذا لا يأتي الآن بتنظيم العقل السياسي الذي يتلاعب مع بعضه البعض باستمرار، لكن أعتقد الآن نحن وصلنا الزاوية الحادة، إما أن نحسم الصراع السياسي لفائدة سودان آخر متفق عليه ومقبول لكل السودانيين، أو نذهب إلى الانهيار، وسوف يدفع الشعب ثمنه وليس هناك أحد مستفيد وإنما سوف نتساوى في الخسارة بعد الفشل في عدم الاستفادة من الربح.

 

*بما أنك كاتب إعلامي كيف تنظر للإعلام السوداني ودوره في القضايا التي أشرت إليها؟

 

ـ دعيني أقولها وبشكل صريح، إن الأزمة السودانية المتجذرة قائمة على فعل مهيمن على مدى تاريخ البلاد و”الحديث” الإعلام جزء من مؤسسات وأدوات الفعل الهيمنة العاملة في هذه الدولة، الإعلام السوداني مركزي وهذا التمركز أصبح أيديولوجيا فكرية وثقافية من ثم هذا الإعلام له يحتاج إلى إعادة نظر وتفكير جدي، بنقد هذا المألوف المهيمن ومن ثم تفكيك هذه البنى الثقافية والفكرية لفائدة السودان، نؤمن بالرسالة الإعلامية كأحد أهم الوسائل في الدولة، لكن المؤسف الإعلام السوداني نفسه بات جزءاً  أساسياً بما يسمى بعهد الهيمنة السياسي والفكري الذي استشرى في البلاد.

 

 

 

*هل تأثر محجوب حسين بجده السلطان عبد الفقراء واشتهر بالحكمة والحنكة وشهد عهده الاستقرار؟

 

ـ جدي كان زعيماً وسلطاناً لفرع معيَّن من قبيلة الزغاوة فرع الكوبي، وأيضاً هناك ما يسمى بيوتات أنتمي لفصيلة الانرو  وهي قوة حاكمة على مدى التاريخ، أنا ابن سلطان وتاريخي يؤسس لأكثر من أربعة من تاريخ القبيلة بفعل التراتوبية والظروف الكبيرة هاجر جدي الأول إلى تلك المنطقة لإشكالات قبلية خاصة بالسلطة الأهلية مع أفراد عمومتي الآخرين أبناء ” دوسا ” التاريخ الآن الذي نعيشه ليس هو الذي كان في السابق، فقد كان سلطاناً يدير قبيلة كبيرة وكانت تتبادل السلطات وفق النظام الأهلي، أعتقد ذلك التاريخ قد مضى ونعيش الآن على رأس ماله الرمزي أن صح التعبير وسط المجموعة التي ننتمي لها لكن المؤكد أنه لا علاقة له بالدولة.

 

*أنت أتيت تواً من الجنينة كيف الموقف هناك؟

 

ـ ذهبت إلى الجنينة في مهمة خاصة لا أستطيع التحدث عنها، الشئ المهم أن النائب الأول للمجلس السيادي الأخ حميدتي، بذل جهداً فوق المأمول عمل على ترتيب أوضاع تلك المنطقة بوعي وآليات جديدة وشروط جديدة، وكان هناك إبداعاً حقيقياً شاركت فيه كل جماهير المنطقة وكل القوى القبلية والأهلية، أعتقد أن التنازع بين بعض القبائل في منطقة غرب دارفور له مرجعياته التاريخية وبين القوى والمكوِّنات الموجودة هناك، أيضاً هناك أطراف أخرى خارجية لا أستطيع تسميتها بشكل مباشر، لكن المؤكد هناك عامل لدور خارجي، وقد يكون أيضاً صراع لعوامل اقتصادية، لكن الأهم أن النائب الأول استطاع بفريقه العمل على تعزيز الروح الوطنية وترتيب المنطقة بفهم مختلف، والآن أعتقد المصالحات الاجتماعية والسياسية تمضي بشكل كبير، وأعتقد هذا محفزاً لنقل تجربة النائب الأول  والتي نجحت أمام أعيننا لباقي السودان ككل.

 

 

*هل الوضع مستقر في الجنينة؟

 

ـالآن الوضع مستقر بشكل كبير وهادئ وهناك أمان وسلام ولا يوجد تطاحن وليس هناك ما في النفوس بين الناس، وأعتقد أن الوضع تغيَّر كثيراً في الجنينة، كما قلت هذا أنموذج يحسب للنائب الأول بشكل كبير ويؤكد من جانب أن حميدتي رجل دولة حقيقي يعمل بكل قوة لتعزيز اللحمة الوطنية السودانية، وأيضاً يريد إنتاج عهد جديد في البلاد، فنحن على ثقة متى ما تلاقت أفكارنا والآن هناك حوار يجري بين كل القوة وكل الفاعلين على المستوى  العسكري لتعزيز هذه اللحمة ثم التفكير جدياً لإنتاج وطن آخر مغاير بشروط جديدة، لأن ما يجري الآن هناك شروط جديدة بالضرورة أن تكون هناك آليات جديدة لفهم الفعل السياسي، وأيضاً لفهم الممارسة السياسية ثم تطبيق هذه الرؤى بشكل آخر مختلف.

 

*من خلال جولاتك كيف وجدت دارفور؟

 

ـ أنا ذهبت إلى دارفور -كما قلت لك- إلى الفاشر والجنينة وسوف أعود إلى الفاشر والجنينة مجدِّداً لعمل تعبوي سياسي. اجتماعي من ثم -أيضاً- سوف أذهب إلى نيالا خلال جدولة هذا العمل خلال هذا الشهر، أستطيع القول بأن دارفور الآن هناك أزمة حقيقية حدثت في الشهور الماضية، ولكن أعتقد أن شمال دارفور كولاية محورية في الصراع السياسي الدرافوري أعتقد الآن الأمور تمضي إلى الاستقرار بشكل كبير، لكن هذا الاستقرار بالضرورة تعزيزه بمفاهيم جديدة وعمل حقيقي بتنفيذ كل الاتفاقيات التي وقعت -أيضاً- العمل على تغيير مسار التفكير الدارفوري من القوى الموجودة هناك، والسؤال هل الدارفوريون يريدون أن يموتوا بشكل مستمر خياراً من خيارات الإنسان أن يكون باقياً أم يذهب إلى الفناء؟ هذا هو سؤال أطرحه على شعبنا في دافور هل يريدون الاقتتال والموت المجاني إلى ما لا نهاية، فإن أرادوا الحياة والبقاء يجب أن يتعاطوا معنا بفهم آخر مغاير على الأقل لما نراه في السابق، أنا كما أقول الأزمة الدارفورية هناك عمق داخلي لكنه يغزى بشكل مستمر من الخارج، أعني خارج الإقليم على المستوى الإقليمي وخارج الإقليم على المستوى الوطني والدولي.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى