أمين التنظيم والإدارة بمجلس الصحوة الأصل مهدي عبد الله في حوار لـ(الصيحة): الاتفاق الإطاري خطوة في الاتجاه الصحيح  

أمين التنظيم والإدارة بمجلس الصحوة الأصل مهدي عبد الله في حوار لـ(الصيحة): الاتفاق الإطاري خطوة في الاتجاه الصحيح  

– لا زلنا نحمل السلاح من أجل التغيير الشامل والجذري

– نحن من أوائل الموقعين على إعلان قوى الحرية والتغيير

– الانشقاقات تحدث نتيجة للانحراف عن المبادئ الثورية

– ورشة النيجر غابت عنها قوى أساسية تحمل السلاح كالحلو وعبد الواحد

اتفاق جوبا لم يعالج قضايا النازحين واللاجئين والرُحَّل

– الوطن يقف على المحك وتحديات تهدِّد بقائه

– اعتماد معيار الكثافة السكانية معياراً لتوزيع الثروة والسلطة

يعتبر مجلس الصحوة من أهم التنظيمات المسلحة في السودان، وشاركت عناصره في التغيير وثورة ديسمبر، ووقع عدداً من المذكرات والتفاهمات مع الكثير من القوى السياسية والعسكرية.

السيد مهدي عبدالله، أمين التنظيم والإدارة تخرج في جامعة النيلين وكان من أبرز قيادات جبهة طلاب دارفور ومن المؤمنين بالكفاح المسلح لإزالة نظام البشير، ولذلك التحق بالمعسكر القتالي للصحوة، ولما تباينت وجهات النظر بينهم والشيخ موسى هلال، اختار مهدي الصحوة الأصل بزعامة الوزير الأسبق لرئاسة مجلس الوزراء علي مجوك المؤمن، ليشغل ذات الموقع التنظيمي السابق. فمعاً إلى مضابط حوارنا معه.

حاوره- الغالي شقيفات

بداية حدِّثنا عن مجلس الصحوة دواعي التكوين والأهداف؟

أعتقد أن هذا السؤال الاستفتاحي جوهري ومهم، لأنه يتعلق حول دواعي التأسيس والمرتكزات الأساسية والأهداف التي قامت عليها فكرة الصحوة، فقد ولد مجلس الصحوة الثوري من رحم الجماهير كاستجابة لإنهاء مأساة المواطن المغلوب على أمره في الريف والبوادي المهمشة ومدن البلاد التي أضحت تحتضر جراء المعاناة والإهمال والجراح القيح التي قد تؤدي للوقوع في براثن الفوضى بعد أن انقطع أمل الجماهير وخاب رجاءها من أي أمل قد يأتي به النادي السياسي القديم وأنظمته المتعاقبة على سدة حكم العبث التي تستفيد من تجاربها الطويلة حول كيفية إدارة التنوُّع وتحقيق الرفاه الاقتصادي وإرثاء قيم العدل بين السوانيين دون تمييز، فولد مجلس الصحوة الثوري استجابة وإغاثة لإصلاح المعوج وتعديل المائل وتقويم الأخطاء القاتلة بوضع حد فاصل للاستغفال والاستهبال السياسي، وإذ يعمل مجلس الصحوة الثوري الأصل كتنظيم سياسي جماهيري معارض ضمن قوى الكفاح الثوري المسلح ولا يزال في الميدان يحمل السلاح من أجل إنجاز التغيير الشامل والجذري في بنية الحكم في الدولة السُّودانية لجهة إزالة الظلم ومعالجة الاختلالات التاريخية ومخاطبة جذور الأزمة الوطنية الشاملة بشكل عميق وجوهري مع العمل على تحقيق العدالة الاجتماعية وإحداث التنمية المتوازنة والمستدامة والمشاركة السيِّاسيِّة الفاعلة التي تضمن التقاسم العادل للسُلطة والثروة لبناء دولة المواطنة والحقوق المتساوية، وليكون مجلس الصحوة الثوري الأصل متمم ومكمل لكافة مراحل نضال السودانيين منُذ حركة ٢٤ ومؤتمر الخريجين وحركة اللواء الأبيض وثورات أكتوبر وأبريل وديسمبر وثورات الكفاح الثوري المسلح والقوى الوطنية السياسية الحادبة والحريصة على إقامة الحكم المدني الديموقراطي وإنهاء حالة تقلب أنظمة الحكم في الدولة السُّودانية، فالصحوة بالأساس تعني الوعي واليقظة من الغفلة وهزيمة المشاريع الحالكة والهالكة التي تتسم بطابع سياسة فرق تسد التي عمَّقت من خطاب الكراهية والتباعد والتباغض والفرز الاجتماعي اللئيم بين أبناء وبنات الوطن الواحد.

هنالك قول إن مجلس الصحوة خرج من رحم النظام البائد؟

نؤكد بأن هذه المزاعم غير صحيحة ونعتبرها ترهات وافتراءات تأتي في إطار الكيد السياسي ومواصلة لحملات التشويش والتشويه المقصودة والمستمرة ضد مجلس الصحوة الثوري الأصل، ونحن إذ نُدرك مدى الاستهداف الذي نتعرَّض له من أصحاب الغرض والمرض الذين لا يريدون لإنسان هامش الدولة السودانية بأن يعي ويستفيق من الغفلة والاستخدام لكي يطالب بقضاياه العادلة وينتزع حقوقه المشروعة والمسلوبة عمدًا وقصدًأ، ولكن فقد خاب فألهم واندحر ظنهم، وهنا نود أن نؤكد بأننا قد حملنا السلاح مكرهين ومجبرين للمقاومة كخيار كان لابد منه، وكما أننا لم نضع السلاح بعد تحفزًا لأيَّ تحدٍ يواجهنا في أي لحظة جراء فعلنا السياسي، وقد خاض مجلس الصحوة الثوري عدة معارك عسكرية ضارية معلومة ومشهودة مع النظام البائد قدَّمنا من خلالها أرتالاً من الشهداء والجرحى والأسرى والمفقودين والمعتقلين، وكذلك كنا من أوائل الموقعين على ميثاق إعلان قوى الحرية والتغيير وضمن الفاعلين الأساسيين في قيادة حراك ثورة ديسمبر المجيدة التي أطاحت بنظام المخلوع ولا زلنا نناضل في الميدان وفي المقدمة من خط النار، ولن نألوا جهدًا في تقديم المزيد من التضحيات حتى تتحقق أهداف الثورة بالكامل والسلطات القائمة الآن تعلم مدى حجمنا وقدراتنا القتالية المهولة وتأثيرنا السياسي والاجتماعي والعسكري على أرض الواقع.

برأيك ماهي الأسباب التي أدت إلى الانشقاقات في مجلس الصحوة الثوري؟

من المعلوم بالضرورة إنَّ المؤسسات السياسية الثورية الناضحة والمسؤولة تقوم على وضوح الرؤية وجماعية القيادة وعلمية الأهداف ومنهجية السياسات الكلية والالتزام بالموجهات العليا والشفافية والمحاسبة وتعمل عبر الأجهزة الرسمية ولا تغيب المؤسسات المكلفة والمنوط بها أداء مهامها وتعمل بالدستور والقانون وإذا حدث أي انحراف عن أي مبدأ من هذه المبادئ الثورية السامية بالتأكيد سوف تحدث الانشقاقات والتصدعات، وإلا سوف يكون هنالك تيار إصلاحي هميم وحريص على صناعة تطبيق هذه الخطوات بصورة جادة وفعَّالة ملتزمة بهذه الآليات من أجل المضي قدمًا تجاه تحقيق الغايات والمرتكزات التي ينادي بها المؤمنون بإنجاز العملية الثورية وهذا هو ديدن جوهر مجلس الصحوة الثوري الأصل الذي ولد لينتصر ويحوِّل الإخفاقات إلى إنجازات لقيادة الجماهير بكل همة واقتدار للأمام.

مؤخراً تم دمج عدد من الأجسام التابعة للصحوة في جسم واحد تحت مسمى مجلس الصحوة الثوري الأصل إلى أين تقودكم هذه الخطوة؟

بطبيعة الحال نحن نهدف إلى لملمة الأوراق المبعثرة ونحرص على تضميد جراحات الفرقة والشتات ونوقن بضرورة وحتمية الوحدة ومن أجل تحقيق هذه الغاية وجعلها ممكنة فقد توحَّد مجلس الصحوة الثوري السُّوداني “القيادة الجماعية” مع الآباء المؤسسين من قيادات المكتب القيادي الأعلى والمكتب التنفيذي وبعض القادة العسكريين المنشقين عن مجلس الصحوة الثوري السوداني بقيادة الشيخ/ موسى هلال، ومجموعات أخرى منشقة سابقة اتحدوا وتواثقوا وكوَّنوا جسماً عملاقاً ومؤثراً تحت اسم مجلس الصحوة الثوري الأصل، وكما لن ولم نقف عند هذا الحد فحسب وإنما نسعى ونعمل على طرح المبادرات الجادة والحثيثة ونمد أيدينا بيضاء من غير سوء لكافة رفاقنا الآخرين حتى نصل لمبتغانا في الوحدة الشاملة والمنشودة.

عقدت مؤخراً عدة ورش في العاصمة النيجرية نيامي تحت رعاية منظمة فرنسية وحضور من الاستخبارات السودانيه هل أنتم جزء من هذه الورشة ؟

نحن في مجلس الصحوة الثوري الأصل برئاسة الأستاذ/ علي مجوك المؤمن بناني، لم نكن طرفاً في هذه الورش ولكننا ننوي حلاً سياسيًا شاملاً يخاطب جذور الأزمة بعمق وينهي أسباب الحرب في السودان للأبد بغية التوصل إلى تحقيق السلام الشامل والعادل والمستدام في كافة ربوع الوطن، ونعتقد أن ورش النيجر قد غابت عنها كبرى قوى الكفاح الثوري المسلح من ضمنها الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبدالعزيز آدم الحلو، وحركة تحرير السودان بقيادة الأستاذ/ عبدالواحد محمد أحمد النور، ومجلس الصحوة الثوري الأصل وحركات أخرى لم يشاركوا في هذه الورش وبهذه الطريقة لم تحقق المراد لطالما لم تتسم بالشمول ومشاركة مجاميع قوى الكفاح الثوري المسلح.

برأيك هل قدَّم اتفاق جوبا للسلام أي خدمة لمواطن دارفور خاصة اللاجئين والنازحين؟

في تقديرنا في مجلس الصحوة الثوري الأصل بأن “اتفاقية جوبا لسلام السودان” هي اتفاقية جزئية لم تعالج قضايا النازحين واللاجئين والرُحل ولم تشارك فيها غالبية حركات الكفاح الثوري المسلح، ومن الملاحظ لم تساهم لتحقيق السلام الاجتماعي ولم تحقق أي شئ يذكر في أرض الواقع سواءً أكان في التنمية أو الخدمات أو تحسين حياة الناس بأي حال من الأحوال.

يقول الكثير من السودانيين إن اتفاق جوبا يمثل رقعة جغرافية محدَّدة من دارفور ماذا أنت قائل؟

شاهدنا وتابعنا ردود الفعل المتباينة الصادرة من أبناء وبنات الشعب السُّوداني حول تقييمهم لاتفاق جوبا، وهذا أمر طبيعي، لأن هذا الاتفاق شأن عام وقضية قومية تخص الجميع، ولكننا في مجلس الصحوة الثوري الأصل ومن خلال معرفتنا عن قرب للأجسام الثورية الموقعة عليها فهي تنظيمات قومية تمثل كافة مجاميع مكونات البلاد الاجتماعية والثقافية المختلفة، وقد ظهر هذا التمثيل في المواقع الدستورية والسيادية والتنفيذية التي شغلها ممثلوا هذه الحركات والتنظيمات في الدولة.

كيف تقيِّمون الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية بالداخل؟

الوطن يقف على المحك في ظل سيولة أمنية بالغة الخطورة وتحديات أمنية ماثلة تهدد بقاءه الوجودي مع ضائقة معيشية مستفحلة وتدهور اقتصادي مريع وصراع سياسي مشحون بشتى إيقاعات التناحر والتباعد مع تفشي ورفع وتيرة التصعيد من خطاب الكراهية والفرز الاجتماعي وبروز المناطقية والجهوية بشكل مخيف للغاية، وهذا الأمر يتطلب من الجميع التسامي فوق الصغائر من أجل العبور بالبلاد والتعافي من هذا الوضع المحتقن وتلافي  المآل المجهول الذي قد يقود إلى التوابع الناجمة حيال انسداد الأفق، وفي تقييمنا للاتفاق الإطاري نعتبره فرصة سانحة لن تتكرر ومخرج حقيقي لتحقيق التوافق والوفاق الوطني الشامل بشرط إعادة النظر في بعض بنوده وتوسيع دائرة المشاركين فيه من قوى الثورة والتغيير الحقيقيين بعيدًا عن التقزيم وتزمت المواقف الذي تنتهجه قوى السودان القديم ردحاً من الزمان.

كيف تنظرون إلى الاتفاق الإطاري الموقَّع بين الحكومة وقوى الحرية والتغيير؟

نعتبر أن الاتفاق الإطاري خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح وننظر له بالإيجابية إذا ما توفرت الإرادة السيِّاسيِّة لدى كافة أطراف العمل السياسي بالبلاد وأبدت رغبتها الجادة والحقيقية وتخلت عن ممارسات إقصاء الآخر وأكدت عمليًا للرأي العام على الابتعاد عن حسابات التموقف الحزبي التمكيني والتموضع السياسي الذي لربما يكون على حساب الوطن، فالتنازل مطلوب بشدَّة لإنهاء حالة انسداد الأفق والسعي للتوصل إلى تفاهمات موضوعية واتخاذ خطوات متقدِّمة جرئية وشجاعة تقود للعودة إلى منصة التأسيس التي لا تتم إلا بالوفاق والتوافق وقبول التعددية السيِّاسيِّة القائمة على مبدأ الممارسة الديموقراطية وبناء الثقة بين كافة الأطراف حتى يتمكن الجميع من إعداد مشروع الوثيقة الدستورية والمشاركة فيها بفاعلية لحكم ما تبقى من المرحلة الانتقالية وتحقيق السلام مع الأطراف غير الموقعة، ولكن الأمر الواضح للعيان في معترك الراهن السياسي يقول غير ذلك ويؤكد بوضوح بأن هناك أمور معقدة للغاية تواجهه العملية السيِّاسيِّة والأمنية الجارية الآن بالبلاد تتمثل في الانقسام البائن والحاد بين مكوِّنات الثورة والتغيير إلى أكثر من ثلاثة تيارات وهذا الحال غير محمود البتة، مما يتوجب إعادة النظر حوله مرات ومرات، هذا من جانب، ومن الجانب الآخر هناك خلاف سياسي محموم بين قادة الأجهزة النظامية وفي تقديري الشخصي أرى من حق كل شخص منهم قيادة البلاد بطرق ديمقراطية وسلمية وهو حق مشروع ومكفول لجميع السودانيين والسودانيات، ولكننا هنا إذ نشدِّد وبحزم على عدم الزج بالقوات النظامية واستخدامها في صراع الطموح والأطماع والنأي بها بعيدًا عن خلاف الرأي السياسي، لأن هذه القوات بالأساس تُموَّل ويصرف عليها من حق الشعب السوداني وبالتالي هي ملك له وليست ملك لأي شخص أو أيَّ جهة، والجدير بالإشارة هنا في هذا السياق لابد من التطرُّق إلى الجهات التي تقوم الآن بالحملات المنظمة الساعية لهدم ثورة ديسمبر المجيدة والتقليل من أعمال وتضحيات الثوار ورموز التغيير وقادته، ونؤكد بأن السعي لإحداث الوقعية بين القوات النظامية ببث الإشاعات المغرضة والحملات الممنهجة أصبح مكشوفاً ومعلوم والجميع يقظ لإيقاف هذه المخططات التي لربما أن حدثت قد تؤدي إلى انهيار الدولة بالكامل وتفككها وهدم المعبد فوق رؤوس الجميع ولم ولن يحدث هذا أبدًا.

كلمة أخيرة؟

نشكر إيقونة الصحافة السودانية صحيفة (الصيحة) الغراء على إجراء هذا الحوار وعبرها نتوجه بهذا النداء لكافة الفاعلين والنافذين في الشأن الوطني العام بتغليب المصلحة الوطنية العليا فوق أي اعتبار سواها من أجل استشراف الأطر والرؤى المستقبلية القادرة على تغيير المنظومة البائدة بمنظومة بديلة بما يعيد الاعتبار للعمل السياسي الجاد ويوجه بوصلته في الاتجاهات التنموية والسياسية والاجتماعية وهدم نسق المحاصصات الحزبية الضيِّقة وتحمُّل المسؤولية الوطنية والأخلاقية والتاريخية في جميع المحطات والمراحل لإستكمال أهداف ثورة ديسمبر العظيمة وتحقيق مقرراتها لانتشال البلاد من هذا النفق المظلم وتحقيق رغبات وآمال البسطاء والغلابة ببناء وطن قومي يسع الجميع بلا تمييز بالتسامح وقبول الآخر من حين إلى آخر ومن ثم التفرُّق لصياغة وإعداد دستور دائم للبلاد وتهيئة المناخ الملائم لقيام انتخابات حرة ونزيهة، وخلق وإيجاد الحلول الجذرية القائمة لمشكلات البلاد ككل، وأخيرًا لابد من إنجاز الإحصاء السكاني بأسرع وقت ممكن واعتماد الكثافة السكانية كمعيار لتوزيع السلطة والثروة لكل إقليم وولاية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى