المراجع العام فخر الدين عبد الرحمن لـ (الصيحة): هناك ثغرات وخلل كبير في التحصيل الإلكتروني

 

حوار: أم بلة النور    5يونيو 2022م 

منذ أن تولَّت حكومة الفترة الانتقالية الحكم في السودان لم تشهد الساحة أي مناقشة لتقارير المراجع العام، وظل الشارع مغيَّب تماماً عن اعتداءات المال العام وحالات الفساد المالي التي ظلت تقاريره تشير إليها، كما وجد المراجع العام انتقادات واسعة جراء جولاته الولائية والخارجية التي قام بها مؤخراً. (الصيحة) جلست إلى المراجع العام فخر الدين عبد الرحمن، للوقوف على أعمال الديوان، الإشكالات التي تواجهه نتيجة لغياب المجلس التشريعي، فضلاً عن الوقوف على تقارير الأعوام السابقة وغيرها من القضايا في سياق الحوار التالي.

 

  • بداية هل تمت مناقشة أي تقرير للمراجع العام في فترة حكومة الثورة؟

تم إيداع التقارير والملخصات والتوصيات كافة بالمجلس السيادي، ولم يتم استدعاء المراجع أو اللجان المختصة بالديوان لمناقشة تلك التقارير، قد يكون المجلس السيادي كوَّن لها لجان لكن بالنسبة لنا لم تناقش عبرنا .

  • عادة هل تتم مناقشة التقارير عبركم خلال الحكومة السابقة؟

تودع التقارير لدى الجهات التي تمت مراجعتها، وتتم مناقشتها ومتابعة التوصيات وفي حالة وجود اعتداء على المال العام تتم مخاطبة الإدارات القانونية وتتخذ فيها إجراءات، ومن ثم ترفع التقارير للمجلس التشريعي القومي وبدوره لديه لجان متخصصة، لجنة قانونية ومالية وغيرها من اللجان وتأخذ التقارير كل حسب تخصصه، ويتم إعداد مذكرات حولها، فضلاً عن وضع توصيات، ومن ثم يأتي الديوان وتتم مناقشته في المخرجات النهائية التي أعدتها تلك اللجان، ولكن الآن ما يرفع للسيادي عبارة عن ملخصات بحكم القانون المحلي والولائي .

  • هل هذا يدل على وجود ضرر كبير جراء غياب المجلس التشريعي؟

نعم، أعمال الديوان تضرَّرت ضرراً بالغاً نتيجة لغياب المجلس التشريعي، لأنه كان لديه دور كبير في المتابعة وتنفيذ التوصيات .

  • هل كانت هناك تجاوزات في التقارير للعام الماضي؟

دائماً التجاوزات والاعتداءات على المال العام تعد في تقارير منفصلة، وتم إعدادها وهي موجودة، وهناك تجاوزات واتخذت فيها إجراءات قانونية.

  • كم حجم تلك التجاوزات؟

هي متفاوتة وتختلف من عام لآخر، ولكن غير حاضرة في ذهني الآن ونعد (الصيحة) بأن نمدها بها، ولكن هناك حالات اعتداء على المال العام في ولايتين وهي: غرب كردفان وولاية الجزيرة وتم إخطار النيابة وسوف ترفع للقضاء، كما توجد تجاوزات من بعض البنوك ومخالفة لمنشور بنك السودان المركزي وكل بنك يختلف عن الآخر، وهناك اعتداءات سابقة وهي من العام 2019م والعام 2020م – 2021م .

  • هذا يعني أن هناك تراكم في التقارير؟

لا تم إصدار تقارير الأعوام الثلاثة الماضية كافة، ولكن التراكم في المناقشة وتنفيذ التوصيات.

والآن تم رفع تقرير البنوك والمؤسسات المالية، وسوف ترفع بقية التقارير في سبتمبر المقبل.

  • بطبيعة الحال توجد بعض المؤسسات تتأخر في تسليم حساباتها هل واجهتكم مثل هذه الحالات هذا العام؟

بالطبع كل المؤسسات قامت بتسليم حساباتها، وهناك جهات تسعى لتتم مراجعتها قبل الوقت المحدَّد نسبة لحساباتها التي ترتبط بمجالس الإدارات ونتائج أعمال، وكذلك الولايات تتسابق في تقديم حسابات العام السابق مع بداية العام الجديد.

-كانت هناك جولات للمراجع بالولايات ما الهدف منها؟

الهدف الرئيس من تلك الزيارات كان رفع الروح المعنوية للعاملين بالولايات وربطهم بالجهات الرسمية بتلك الولايات من الولاة ومجالس الوزراء والتنفيذيين والمحاسبين إلى جانب المراجعين الداخليين، وشؤون الخدمة، وعقدنا عدة لقاءات مع الأجهزة الأمنية كافة من شرطة وقوات مسلحة وجهاز المخابرات، فضلاً عن لقاءات مع الأجهزة العدلية والقضائية.

-ما الهدف من تلك اللقاءات؟

الهدف منها الارتقاء بأعمال الديوان وأن نجعل دوره يتعدى المراجعة، وناقشنا قضايا عديدة والهدف -أيضاً- كان كيفية خفض إنفاق الدولة سواءً أكانت متعلقة بالمرتبات والحوافز والمكافآت بتشكيل لجان وبمشاريع التنمية من خلال نقاط كثيرة تطرَّقنا إليها بالتفصيل مع كل الجهات الولائية التي تمت زياراتها وهي سبع ولايات، وأثمرت بعدة نقاط جزء منها تم حلها في نفس الوقت وهناك جزء يحتاج لتعديل اللوائح وبعض الإجراءات المالية ولائحة التحصيل الإلكتروني .

-بماذا خرجت كل تلك اللقاءات؟

خرجت بالعديد من التوصيات أهمها الارتقاء بالموارد والإرادات للدولة، وهذه أهم نقطة تم التركيز عليها، باعتبار أن تدني الإيرادات العامة للدولة انعكس بصورة سالبة على الوضع المعيشي .

-إلى ماذا ترجع ذلك التدني وضعف الإيرادات؟

يعود بشكل واضح إلى التحصيل الإلكتروني، كانت به بعض الثغرات  تطرَّقنا إليها بالتفصيل مع الجهات المسؤولة بالولايات وكل ولاية تختلف عن الأخرى ووضعنا تلك الإشكالات أمامهم، وهناك إشكالات مشتركة مثل: ضعف الشبكات وهناك أجهزة تحصيل غير صالحة وفيها إمكانية محو الذاكرة  بعد عملية التحصيل وهي أكبر ثغرة تؤدي لضياع الإيرادات، وإمكانية إلغاء السلطة والتي تتم من قبل المتحصل والمشرف وهذه الإمكانية أدت إلى تجاوزات كبيرة في المال العام، وكذلك “الباسورد” يدخل به عدة أشخاص هذه أدت إلى تداخل في الاختصاصات، وتعتبر الولايات الطرفية الأكثر تجاوزًا  مثل: دارفور والنيل الأزرق وسنار وكل الولايات البعيدة عن المركز مشكلاتها أكثر في التحصيل الإلكتروني .

-ما هي الخطط التي وضعتموها لمعالجة تلك التجاوزات؟

نعم، وضعنا تصوُّراً جديداً للمعالجة أهمها رفع سلطة الإلغاء أربعة مشرفين، بدلاً من مشرفين اثنين بما فيهم المراجع الداخلي والمشرف المالي، مشاكل التحصيل الإلكتروني كثيرة جداً وجزء منها يحتاج لتعديل اللائحة، وتم رفع توصيات وقد نفذتها ولاية سنار وبحسب حديث الوالي فإن الإرادات ارتفعت بنسبة (70% ).

-ما هي النقاط الأخرى التي تطرقتم إليها؟

تطرَّقنا –أيضاً- لمسألة الضرائب والجمارك وكيفية زيادة المواعين الضريبية والجمارك.

-هل وجدتم ثغرات فيها؟

بالفعل، هناك ثغرات في سداد الرسوم الجمركية عادة يتم عبر أقساط يتم دفع المقدَّم والمتبقي عبارة عن شيكات ودائماً ترتد ما أدى لضياع المال العام، وأيضاً هناك ثغرات كبيرة جداً في عقودات التعدين، وسوف تتم مراجعة جميع العقودات التي تمت بين السودان و الشركات الداخلية والخارجية للتأكد من أن الأمور تسير وفق أسس قانونية سليمة، وركَّزنا على ضرورة أن يكون التعاقد  عبر الإدارات القانونية الرسمية وهي وزارة العدل .

-الآن كيف يتم التعاقد؟

يتم بطرق عشوائية وعبر المحامين بالأسواق، أو تتم صياغتها من داخل الوحدة دون معرفة الشروط الجزائية ما يترتب عليها خسائر فادحة تتحمَّلها الدولة وتجد العقد ينص على التحكيم وكل القضايا من هذا النوع خسرتها الدولة، لذلك لابد من ضبطها وإحكام التعاقد بواسطة الجهات المختصة حسب القانون .

  • ماذا عن أنظمة الرقابة الداخلية كانت بها العديد من الإشكالات؟

أيضاً، هذه نقطة من النقاط التي ركَّزنا عليها خلال تلك الجولات الولائية وسد الثغرات الخاصة بها، وهي كثيرة جداً  متمثلة في عدم وجود هيكل راتبي        ومسميات تنظيمية وعدم وجود وصف وظيفي في كثير من المؤسسات ما أدى لضعف الرقابة الداخلية، وهي مرآة  وعلى ضوئها يتم تحديد العينات التي نحتاج مراجعتها، لذلك يجب الاهتمام بها وتقويتها .

-كان لكم حديث سابق لـ(الصيحة) تحدثتم  فيه عن إنشاء وحدة رقابة داخلية لسد تلك الثغرات ماذا حدث فيها؟

أهم مافي المراجعة الاستمرار وكتابة التوصيات، لذلك العمل يتم عبر قطاعات، من مؤسسات ومصارف وشركات. وقطاع الصناعات وقطاع الحكم القومي وقطاع الولايات وهكذا عبر مشرفي المكتب الذي أنشئ لمتابعة التوصيات وبدأ العمل به حالياً والهدف منه تصحيح الأخطاء والخلل الموجود وسد الثغرات وتقليل حالات الاعتداء على المال،  المكتب واجهته بعض الإشكالات، ولكن سوف تحل.

-هل كل الجهات تلتزم بتلك التوصيات؟

هناك عدم التزام من جهات كثيرة جداً في الالتزام بتنفيذ التوصيات المراجع لذلك تم إنشاء لجنة عليا برئاسة الديوان  وتضم الأمن الاقتصادي ووزارة العدل والنائب العام وكذلك الشرطة، هذه اللجنة تتولى متابعة تنفيذ توصيات المراجعة واتخاذ الإجراءات الكفيلة بإنجاح عمل المراجع .

-ما هي تلك المؤسسات التي لا تلتزم بتنفيذ التوصيات؟

لا يمكن تحديد جهات بعينها، لأنها كثيرة جداً بما لا يقل عن (50%) من المؤسسات والوحدات لا تلتزم بتوصيات ديوان المراجع، والآن سوف يكون هناك إحكام وجهة عليا تتابع وتتخذ الإجراءات القانونية اللازمة، والتي تم إنشاء جهة عليا برئاسة الديوان وتضم الشرطة والأمن الاقتصادي، والمخابرات إلى جانب النائب العام .

-نعود مرة أخرى للنقاط التي تطرَّقتم إليها خلال تقارير هذا العام؟

نعم، تطرَّقنا لجرد الخزن حسب اللوائح والتي تفرض جردها أربع مرات، في الشهر، وأيضاً التأمين على الممتلكات العامة والأصول الحكومية ذات القيمة العاليه ومبالغ ضخمة جداً، وهناك كثير من المؤسسات لا تؤمِّن على تلك الأصول  وهي مُعرَّضة للاعطال والحرائق والسرقات .

-في حديث سابق ذكرت أن هناك شركات تمتنع عن المراجعة هل لازلت على موقفها؟

لا، الآن الشركات كافة التي تساهم فيها الحكومة تخضع للمراجعة، وكل الجهات وشركات الأمن والجيش والشرطة، وكذلك ديوان الزكاة، تخضع للمراجعة عبر فرق ثابتة .

-هل مؤسسات حكومة اتفاقية سلام جوبا خاضعة لأحكام المراجعة؟

نعم، جميعها وخلال الأيام القادمة سوف تكون هناك زيارة لإقليم النيل الأزرق وجنوب دارفور وجنوب كرفان، وهناك استجابة تامة لتوصيات الديوان.

-واجهت انتقادات في شخصك خلال الفترة الماضية وبأنك غير مؤهل وغير قادر على أداء مهامك ما ردَّك؟

هذه الانتقادات للأسف غير مبنية على معلومات صحيحة، ومنذ أن توليت منصب المراجع العام كانت هناك خطط محدَّدة وهي خلق رضى وظيفي داخل الديوان، والارتقاء بالعمل والاثنين نجحت فيهما بنسبة لا تقل عن (80%) وتم عمل ترقيات لجميع العاملين والتي كانت متأخرة لعدة سنوات، منذ العام 2013م، وتمت معالجة كل الإشكالات القانونية للعاملين، وأدت إلى الدخول في إضراب عن العمل لعدة أشهر تمت معالجتها بطرق قانونية، وهناك عاملون تم فصلهم ثم إعادتهم -أيضاً- وفق القانون وعبر لجان مختصة خارج الديوان جاءت ودرست المستندات والطعون واتخذت القرار ونحن فقط وقعنا عليها .

فضلاً عن وضع هيكل راتبي طموح جداً للمراجعين وتم تطبيقه وكذلك للموظفين وسوف يتم تطبيقه خلال راتب شهر مايو،  وكذلك التدريب الداخلي والخارجي مستمر.

-ماذا عن جانب التأهيل؟

شخصي الضعيف لا تنقصه الخبرة  وعملت بالديوان منذ العام 1981م، لذلك كل الجهات التي تطرَّقت لعدم خبرتي لم تفلح في إثبات زعمها، وكل المعلومات التي تم مد بعض الصحافيين بها غير صحيحة وغير دقيقة، ونتمنى من الإعلاميين التأكد من المعلومات من مصدرها وأبوابنا مفتوحة للجميع وسوف نطلعهم على المستندات المطلوبة كافة، ولكن للأسف هناك بعض الأفراد بالديوان مضللين وراغبين في خلق نوع من البلبلة، لأنها ترى أنها أحق بإدارة الديوان، ولكن الحمد لله كل الأوضاع واضحة وتذهب على ما يرام، والتقييم لأداء المراجع سوف يكون من الجهات المعنية .

-ولكن هناك حديث عن السفر المستمر للحصول على حوافز وبدلات؟

المراجع العام لم يتقاض جنيه واحد، خلال تلك الجولات، والزيارات كانت لإيصال رسالة الديوان ومعرفة الإشكالات والوقوف عليها وعلاجها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى