الشاعر النخلة محيي الدين الفاتح: الشعر الجيد لا يحتاج لموسيقى حتى يعيش طويلاً

 

 

محيي الدين الفاتح.. اسم يتطاول كالنخلة في عالم الشعر.. فهو واحدٌ من قلائل لهم مقدرة الإدهاش بالمفردة وفضائها الموسيقي والجمالي.. وظل محيي الدين الفاتح حاضراً في كل المنابر الثقافية ناثراً شعره وعبيره الدافقة.. التقيت محيي الفاتح، وأنا سعيد بأن التقيه محققاً واحداً من أمنيات كبار بأن أحاور هذا الشاعر الجميل وها هي الصدفة الجميلة جاءت مع ديوان كله العالم جاء حينما كان يهم بتدشينه.

حاوره: سراج الدين مصطفى

دعنا أولاً نقرأ في بطاقتك الشخصية؟

المولد طابت، والموعد كسلا، متزوج جداً في تقديري من امرأة استثنائية كان لي معها نصف الحياة وثلاثة أرباع العمر نحول زينة الحياة بشقها الوجداني المتمثل في أبنائنا محمد وضحى ولينة وعبد الله ونبأ والفاتح (صوت الشعر القادم) وأحمد وفئ ودانية.. ومن الشق الذاتي من زينة الحياة الدنيا فقد خرج من الباب بلا عودة حينما داهمني الشعر ومهنة التدريس من كل النوافذ.

طابت العشق القديم أو طابت هي الشعر والشعر طابت؟

لم تكن طابت خياراً اتخذته، لكنها امتياز وجدته ولو لم يكن لأوجدته.. فهي النسخة الوحيدة المرسومة على الأرض وهي تمثل المؤلف السابع والثمانين للأستاذ الشيخ عبد المحمود ود نور الدائم .. وقد بدأت سقايتها على بئر ثم مسجد ثم زراعة من بعد، ولم تعرف طابت عبر مسيرتها رجلاً أميّاً أبداً.

مهنة التدريس ربما شكّلت جزءاً من وجدانك الكتابي؟

لا بد من أن تكون بصمتها واضحة في كل شيء . فهي قضاء وقدر من الله سبحانه وتعالى أن أكون معلماً وابن معلم:

وهل يأبق الإنسان من ملك ربع

ويخرج من أرض له وسماء

الكتابة بالعامية لماذا تخاصمها مع أنّك تُجيدها متحدثاً؟

بل يكتب بها منذ قطرات الشعر الحارة الأولى، لكن تأثيرات كثيرة ربما أحالتني الى إدمان الفصيح فيما أكتب والى الإصغاء بانتباه ومحبة الى العامية فيما أسمع، وربما لأنني كنت سعيداً بمن درّسوني في الثانوي، الأستاذ الهادي آدم ومهدي محمد سعيد ومحمد عبد القادر كرف.. كما عشت مرحلة الشغف في تضاعيف ومضاعفات الغابة والصحراء، فإن كانت الفصيحة لساني، فإن العامية عصاي التي أتوكأ عليها ولي فيها مآرب أخرى.

إدخال وسائط لتوصيل صوتك الشعري.. وأنا أعني الموسيقى والغناء؟

أميل للاعتقاد ــ مع حبي للغناء ــ أن الشعر الجدير بالبقاء لا يحتاج الى تلك الحافظة المتمثلة في اللحن والأداء الموسيقي وإلا لما وصل إلينا ابن الرومي والمتنبي ولا الحاردلو ، ولكن اختبار عافية القصيدة على قوامها الخاص أفضل عندي من محاولة إخفاء وجهها من خلف ستار اللحن والأداء الموسيقي، وعموماً أنا لست ضد فكرة الشعر العامي أو الغنائي، لكني لم أُخطِّط يوماً في هذا الاتجاه والذي بدون أدنى شك له مبدعوه وفنانوه الذين ملأوا الأرض فرحاً وجمالاً.

المرأة التي تذكرها في شعرك هل هي امرأة واحدة؟

هي دائماً كل النساء في هيئة امرأة واحدة.

أنت ميّالٌ للنكتة والدعابة في لحظة قراءة الشعر وهذا منحك سطوة الحضور على المنبر؟

هذا أمر لم أعمد إليه، فأنا على سجيتي هذه سواء في المنبر أو في قاعة الدراسة أو في البيت أو في المواصلات، وفي تقديري أن من يكرس جهده للحضور لا يسجل إلا الغياب.

سر النخلة؟

سر النخلة فيها وفيك وفينا جميعاً، هي حكاية حياتنا ذات التفاصيل الحزينة والتي لا بد أن تمر عليها بلا هوادة، وهي إما أن تقودك في خاتمة المطاف الى الصمت أو الانكسار أو الى انتهاج مذهب الحب الشامل الذي يجعل قلبك قابلاً كل صورة في هذا الوجود.

اتطلع لامرأة نخلة ظلمت كثيراً ما كتبت من شعر؟

اتفق معك لحد بعيد، لكن للقصائد أرزاق كما للناس، فالظرف والمكان والزمان والأحداث والصوت البديل المعبر عن الآخر ربما كانت في مجملها عوامل رفعت من شأن هذا العمل بالكيفية التي حجبت الضوء عن أعمال أخرى، لكني راضٍ تماماً عن مثل هذا المشهد فالنخلة لي كما القصائد الأخرى لي ولا تتساوى أصابع اليد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى