إبراهيم سوناتا يكتب: رزيم العاجكو (1)

أوكتاف

إبراهيم سوناتا

رزيم العاجكو (1)

(1)

هو زمان سابق في توقيته لحدث كبير استبان ظهوره ما بين نهاية الستينات وبداية السبعينات ومخرجات هذا الحدث ظلت موجودة حتى الآن، الحدث هو أول رحلة فنية من نوعها تشمل جميع فناني وموسيقيي فرقة فنون كردفان من مدينة الأبيض إلى العاصمة القومية أم درمان  في العام 1967م، وقد حملت هذه البعثة العملاقة في طياتها كل الفنانين والموسيقيين.

(2)

الاستاذ الموسيقي جمعة جابر، الموسيقي الأستاذ محمداني مدني، الأستاذ الفنان عبد الرحمن عبد الله ، الاستاذ الفنان عبد القادر سالم ، الفنان العملاق إبراهيم موسى أبا، الفنان خليل إسماعيل، عبد الله الكردفاني، صديق عباس، أم بلينة السنوسي، زينب خليفة، عشة مديانق، الموسيقي  مصطفى أبو شنب، الموسيقي ود أبيض، الموسيقي بشارة والموسيقي موسى عيسى.

(3)

كل هذه الزمرة الموسيقية الفنية المعتقة شدت الرحال في رحلة فنية عظيمة الى العاصمة القومية، ووقتها كان الإلمام ضعيفاً جداً بموسيقى غرب السودان من كردفان ودارفور، كان الفعل الفني لهذه ومردودها الثقافي الاجتماعي كبيراً جداً بالعاصمة فلأول مرة اتتنا أصوات هؤلاء الفنانين مسموعة عبر أثير الإذاعة السودانية بأم درمان وشنفت آذاننا حينها أغنيات مثل العجكو، وعيني عليك باردة، وأم روبة وما دوامة من صوت الفنان إبراهيم موسى أبا.

(4)

كما كنا سمعنا أغنيات مثل الله الليموني  والمريود والنوم جافاني  واللوري حل بي من صوت الفنان عبد القادر سالم  ، واستمعنا الى اغنية ست الفريق ، والبلوم ، وتومي طرينا من صوت الفنان عبد الرحمن عبد الله، واستمعنا الى اغنية القرمصيص غالي ما بشيلا الجمالي، بصوت الفنان خليل إسماعيل، واستمعنا الى اغنية مطر الرشاش الرشة من صوت الفنان صديق عباس  ، واستمعنا إلى أغنية الكرب  السادة من الفنان عبد الله الكردفاني، واستمعنا الى مقطوعات الاستاذ الموسيقار جمعة جابر الباذخة، كل ذلك ولأول مرة في ذلك الوقت عبر الإذاعة السودانية والتي كان الغناء فيها بالنسبة لمختلف أنحاء السودان كان محصوراً في برنامج ضيق صغير يسمى من ربوع (السودان).

(5)

كانت المفاجأة كبيرة جداً ومدهشة جداً لكل المستمعين في شتى بقاع السودان فكان أن شنفت آذانهم نغمات جديدة من غرب السودان، فيها شيء غريب في ذلك الوقت وهو (نصف التون) في السلم الموسيقي المستخدم والمدهش كان هو إيقاع المردوم والذي ضرب العاصمة آنذاك بقوة وقعه وضرباته المهولة، وهو الايقاع الراقص جدا القوي والمعبر، وقد أحبه الناس كثيراً.

(6)

كما احب الناس أغنية العاجكو  بصورة خاصة والله الليموني ويا تومي طرينا  دقات النقارة  ، وكان لهذا الرزيم من الغناء الكردفاني أثر كبير ووقع طيب على قلوب الشعب السوداني والذي كان يوحده الوجدان السوداني الاصيل  من كل انحاء السودان  ومن كل حدب وصوب، وكان لأغنية العاجكو ومثيلاتها من أغاني كردفان أثر جميل لم ولن يمحى أبداً، كما أنه أصبح إضافة مزهرة قشيبة في الحركة الفنية حينها والتي تواصلت حتى الآن، جابت هذه القافلة الفنية كل ضواحي العاصمة الفنية وهي تقدم الغناء الحنيل والإيقاعات الجديدة ،  ووجدت تجاوبا كبيراً من قبا كل الناس. وقد بقي بعض فناني القافلة منذ ذلك الحين وحتى الآن بالعاصمة القومية وهم يمارسون مهنة الفن ويلتقون بجماهيرهم.

(7)

ومنذ تلك الرحلة بدأت الإذاعة السودانية أيضاً في إجازة الأصوات (الوافدة) كما سميت في ذلك الوقت والتسجيل لها كل أنواع الأغنيات وكانت الإذاعة حينها هي الماعون الوحيد المتوفر  الذي يمكنك أن تخرج وتنتج عبره أي مصنف فني خاصة الأغاني، وحينها لم يكن للقنوات والتكنولوجيا الإعلامية الحديثة أي وجود، وكان على الفنان مثلاً أن يقطع الفيافي والوهاد عبر (اللواري) والتي كانت حينها الوسيلة الوحيدة زائداً القطار ليصل الى مقر الإذاعة لتسجيل العمل الفني الذي يخصه وهذا يدعنا نتأمّل في كل تلك الصعوبات ذلك الوقت لإنتاج العمل الفني. أغنية العجكو هو ليس اسماً لأغنية بعينها، إنما هو نمط لأغنية خرجت من أرض كردفان ولها قلب وإيقاعٌ معينٌ، وهي قد ألفت في ظروف اجتماعية إنسانية محددة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى