المتحدة والاتحاد.. من يكسب الرهان في الشأن السوداني؟

 

الخرطوم: الطيب محمد خير      28فبراير2022م 

ألغت بعثة الأمم المتحدة في السودان (يونيتامس) على نحو مفاجئ، مؤتمرها الصحفي الذي كان من المقرر ان ينعقد امس الاحد ويتحدث فيه  رئيس البعثة فولكر بيرتس عن آخر تطورات مبادرته لحل الأزمة السودانية ونتائج المرحلة الأولية من المشاورات التي أطلقتها.

أوضحت البعثة في تغريدة لها على تويتر أن التأجيل جاء بغرض إتاحة المجال للتنسيق مع الشركاء الإقليميين حول استراتيجية موحدة والتخطيط للمرحلة القادمة من العملية السياسية في السودان وفقاً لاتفاق سابق للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.

تجاوز الاتفاق

وتعود الأسباب التي دفعت ممثل البعثة الأممية فولكر بيرتس بـإرجـاء إعــلان نتائج مشاوراته بـ(حسب صحيفة الجريدة) إلى اتهام الاتحاد الأفريقي، الأمـم المتحدة بتجاوز الاتفاق الموقع بينهما في العام  (۲۰۱۷) الذي قضى بأن تكون الاولوية في حل قضايا القارة الافريقية للاتحاد الافريقي ، على الرغم من تأكيد الأمم المتحدة انها لن تكون منافساً للاتحاد الأفريقي، إلا أنه اعتبر ما يقوم به (فولكر) تجاوزاً للوثيقة الدستورية واتفاق السلام وطالب بإيقافه، بجانب الرفض الذي ابداه أطـراف  الازمة السودانية لتدويل القضية السودانية.

استهزاء الدولة

وقال الخبير في الشأن الأفريقي السفير د. الرشيد أبو شامة لـ(الصيحة)، إن التقاطعات هذه تشكل استهزاءً بمكانة السودان كدولة لها تاريخها المعروف في المحافل الإقليمية والدولية، وأضاف قائلاً: غير المقبول ان نشهد صراعاً لأطراف خارجية اقليمية ودولية على قضية داخلية وهي خلاف بين مكونات سياسية سودانية.

واشار د. الرشيد الى انه ليس من حق الاتحاد الأفريقي ان ينتقد تصرفات رئيس البعثة الأممية فولكر، لأن ما يقوم به من صميم واجباته باعتباره جاء بطلب من السودان لأداء مهمة مُعيّنة لتقديم المساعدة لإنجاح الفترة الانتقالية، وبالتالي ليس من حق الاتحاد الأفريقي ان يعترض على الخطوات التي يقوم بها لتسهيل عملية الانتقال بإحداث التوافق بين الأطراف السياسية السودانية كجزء أساسي في العملية الانتقالية، هذا من جهة، ومن جهة اخرى معلوم ان عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي مجمدة منذ اكتوبر الماضي وبالتالي سقطت احقية الاتحاد الأفريقي في التدخل للوساطة في السودان. واضاف د. الرشيد، على فولكر ألا ينصاع لاعتراضات الاتحاد الأفريقي لانها تتعارض مع مهامه التي جزء منها حل الازمة السودان.

دعم المبادرة

من جانبه، قال استاذ الدبلوماسية د. عبد الرحمن أبو خريس لـ(الصيحة)، ان الاتحاد الافريقي يريد بهذه التدخلات دعم مبادرة ايقاد لأن لديه ملاحظات على أداء الأمم المتحدة في افريقيا ككل استناداً على تجاربه السابقة معها. واسترجع د. أبو خريس قائلاً لكن هناك عقبة امام الاتحاد الافريقي الذي ابتعد عن السودان فأصبح بعيداً عما يدور فيه بعد ان علّق عضوية السودان عقب الإجراءات التي اتخذها الفريق البرهان في 25 اكتوبر الماضي، وعلى العكس تماماً  منظمة الإيقاد نجحت لحد ما في تقريب وجهات النظر بين فرقاء المرحلة الانتقالية في السودان، وواضح ان الاتحاد الافريقي لا يريد التدخل في حل قضية الخلاف بين الفرقاء السودانيين ويسعى لجمع كل خيوط الحل في يد منظمة الإيقاد كواحدة من أذرعه.

قضية خلافية

وأضاف د. أبو خريس، الاتحاد الافريقي يتذرّع باتفاقه مع الأمم المتحدة الموقع في 2017 بالأولوية في حل قضايا القارة الافريقية للاتحاد الافريقي لأخذ زمام المبادرة من بعثة الأمم المتحدة وتسليمها للإيقاد بحجة ان لديها مجلس سلم وأمن تستطيع عبره حل كافة قضايا النزاعات والصراعات في أفريقيا، وبالتالي أظهرت المسألة بانها محاولة لإبعاد التدخل الأجنبي الأممي في الشأن الأفريقي، فضلاً عن ان الاتحاد الافريقي وجد نفسه معزولاً عن الإسهام في حل قضية الخلاف بين المكونات السودانية، فسعى لوضع متاريس امام بعثة الامم المتحدة حتى لا يكون لها قصب السبق في حل الأزمة السودانية بعيداً عنه, في وقت كان الاتحاد الأفريقي قد نجح في حل الازمة الاولى التي نشبت بين القوى السياسية والمجلس العسكري بعد نجاح الثورة السودانية بواسطة السفير الموريتاني الحسن ولد لباد.

نفوذ وصلاحيات

لكن ما يُعيق الاتحاد الافريقي بحسب أبو خريس أن يتدخل بذات القوة في عام 2019 لأن السودان عضويته معلقة في الاتحاد الافريقي ولا يستطيع التعامل مع السودان، لكن الإيقاد كمنظمة اقليمية نجحت في إحداث اختراق بالوصول لفرقاء الأزمة السودانية، لكن الإيقاد أصبحت مُواجهة الآن بنفوذ وصلاحيات بعثة الأمم المتحدة باعتبارها جاءت بطلب من السودان لرعاية الفترة الانتقالية والمساهمة في نجاحها، فضلا عن تبني هذه البعثة لبعض الأحزاب السياسية المعارضة لإجراءات 25 اكتوبر في السودان، وهناك حديث عن رئيس البعثة انه سيستعين ببعض كوادر هذه الاحزاب خاصة اليسارية كمستشارين له، بالتالي فولكر اصبح اقرب للمجموعة التي تؤيد اللاءات الثلاثة التي يرفعها الشارع، وحسب رؤية الاتحاد الأفريقي أن هذه المجموعة لا تمثل كل السودانيين، وفي رأي الإيقاد أن مجموعة الميثاق هي الأكثر تمثيلاً للشعب السوداني. وختم د. أبو خريس قوله: واضح ان الاتحاد الافريقي يريد تبني عملية التحول الديمقراطي في السودان ويحل كافة عقبات الخلاف حولها ويسعى لمواصلة مسيرته في الوساطة التي بدأها في عام 2019، لكن هذه المرة عبر منظمة الإيقاد حتى يكون النجاح في إحداث التحول الديمقراطي في السودان منسوباً إليه بدلاً من المنظمة الدولية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى