السلام.. هل تتجاوز (الانتقالية) عقبتها الأولى؟

تبقى من توقيت إنجازه شهران

 

تقرير: عوضية سليمان

ظَلّت قضايا إيقاف الحرب وإحلال السلام تتصدّر قائمة أجندة  مجلسي السيادة والوزراء، حيث بدا واضحاً في ترتيب أولويات الحكومة لإدارة الفترة الانتقالية والتي نصت (على أن تكون الأولوية خلال الأشهر الستة الأولى من الفترة الانتقالية للعمل الجاد لأجل إحلال السَّلام)، وفق مصفوفة الوثيقة الدستورية التي تَوافَقَت عليها جميع الأطراف السياسية بالسودان، ورغم الهواجس والشكوك التي تَحُوم حول مقدرة الإدارة الانتقالية في حسم ملف السلام مع الحركات المُسلّحة في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، وحالة الإشفاق الكبيرة التي طَغَت على السطح بعد فشل قِوى الحُرية والتّغيير في دمج تفاهُماتها مع الجبهة الثورية بأديس أبابا في الوثيقتين السياسية والدستورية قبل التوقيع النهائي مع المجلس العسكري الانتقالي، إلاّ أنّ التطمينات التي ظلّ يرسلها أعضاء المجلس السيادي والتي كان آخرها تطمينات عضو المجلس السيادي محمد الحسن التعايشي، الذي ألمح بأن هنالك إمكانية كبيرة للوصول إلى اتفاق سلام شامل يُعالج قضايا كل المناطق في السودان قبل انقضاء الفترة المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية، ربما ساعدت في خلق حالة من الرضاء والاطمئنان وسط الرأي العام السوداني المُتطلِّع بقوة للسلام والحُرية والعدالة وإنهاء كَافّة مظاهر العنف المُسلّح والاحتكام إلى صناديق الانتخابات في التنافُس السياسي بدلاً من صناديق الذخيرةـ.

علمانية الحلو

خلال الجولة الثالثة للتفاوُض التي عقدت مُؤخّراً بجوبا قبل أن ترفع لجنة الوساطة المُفاوضات لمدة أسبوعين، قال رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال الفريق عبد العزيز الحلو: إذا رفضت الحكومة الانتقالية مبدأ العلمانية فإنّهم يفصلون اللجوء إلى حق تقرير المصير لأن في ظل تطبيق الشريعة الإسلامية لن تكون هنالك عدالة أو وحدة حقيقية، وأردف بقوله: (نحن نطالب بنظام علماني أو نذهب جنوب السودان)، واتّهم الحلو، الحكومة بعدم بذلها أيِّ مجهودات بشأن قضية الهوية، وشدد بتمسكهم بالعلمانية التي قال إنها تعد إطاراً مناسباً لضمان حقوقها، وجدّد تمسكه بتقرير المصير والنظام العلماني معاً، ورفض في الوقت ذاته فرضية انضمامهم إلى دولة جنوب السودان.

معالجة القضايا

عضو المجلس السيادي، الناطق الرسمي باسم وفد التفاوض  محمد الحسن التعايشي، أكد إمكانية كبيرة لوصول إلى اتفاق سلام شامل يُعالج قضايا كل المناطق في السودان قبل انقضاء الفترة المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية، وقال التعايشي عقب جلسة وفد الحكومة مع الحركة الشعبية بقيادة مالك عقار، إنّ النقاش حول الاتفاق الإطاري المُقدّم من جناح عقار وصل إلى مراحل مُتقدِّمة في مُعظم الملفات وبقي ملفا الترتيبات الأمنية وهياكل السلطة اللذين يمثل الانتهاء منهما الدخول مُباشرةً إلى اتفاقٍ شاملٍ، وأكد التعايشي أنّ التفاوُض عبر اللجان حول المسارات الأخرى وتحديداً مسار دارفور يسير على قدم وساقٍ، وقال: (نُريد عبر المفاوضات في جوبا الوصول إلى اتفاقٍ شاملٍ يطمئن الشركاء الإقليميين الذين لديهم مصالح استراتيجية مع السودان مُتعلِّقة بالاستقرار في المُحيط الإقليمي).

شروط تعجيزية

المحلل السياسي محمد حسن الساعوري في حديثه لـ(الصيحة)، قال إنّ الفترة الزمنية التي اتفق عليها الطرفان في تعليق التفاوض ليست كافية لحل وطي مسألة السلام التي تجرى في جوبا، مضيفاً أنّ هنالك تعقيدات كبيرة تظهر في تمديد الفترة المتفق عليها من قبل الحركة الشعبية، وأن التعقيدات خارج نطاق الشروط التي وضعتها الحركة أمام مسار التفاوُض، وقال إن الشروط التي وضعتها الحركة الشعبية أشبه بالتعجيزية ليتم وضعها في مُواجهة الحكومة الانتقالية، ولكن هنالك شروط مهمة تم وضعها بدقة ومُتّفق عليها بناءً على وضع الحركة الشعبية لتحرير السودان في الميدان وقتها، موضحاً بأن الحركة لها وجود فعلي من رجال في مناطق النزاعات، وتساءل الساعوري: يجب أن نستجوب رجال الحركة الشعبية عما يريدونه من الحكومة الانتقالية بكل شفافيةٍ مطلقةٍ، وأردف بقوله: هنالك مجموعة ليست لديها سلاح تعرقل التّوصُّل إلى هدفه، مُستبعداً أن يجد ما تبحث عنه الآن الحركات موافقة كبيرة من قبل الحكومة، وقال إن الحركة الشعبية ظلّت تطرح قضايا جادة وتناقش وهذه من حقها، وقال إنّ الأولوية الآن في التفاوض هي إيقاف الحرب والبندقية من أجل سلامٍ شاملٍ، ومُعالجة قضايا الاقتصاد، لذلك على معارضي التفاوض أن يصلوا إلى اتفاق مع الحكومة الانتقالية بغرض استكمال المهام في التفاوُض لإنجاح الفترة الانتقالية والتي يبدأ نجاحها في إيقاف الحرب بالبلاد، وقال ليس هنالك خلاف ما دام القضية واحدة سلام شامل .

ضغط الحكومة

بينما حذر المحلل السياسي والخبير الدبوماسي الرشيد أبو شامة  الحكومة من عدم الاستجابة لضغوط الحلو التي فرضها لعرقلة مسيرة التفاوض، وقال لـ(الصيحة) إن ما يطلبه الحلو سيناقش في المؤتمر الدستوري بعد ثلاث سنوات وهو ليس من قضايا الحكومة الانتقالية الآن، وحتى وإن أدى حديثه الحكومة إلى الانسحاب من المُفاوضات لأن الانسحاب من المفاوضات خير من إعطاء وعود يكون من نتائجها مزيد من الانفصال، مضيفاً  أن الحلو يتبنى المواقف التي ترمي إلى تقسيم السودان لدويلات، لذلك جاء من أجل الضغط على الحكومة حتى توافق على حق تقرير المصير ليحدث بعدها ما حدث لجنوب السودان، وبعدها يتم فصل النيل الأزرق ومنطقة جبال النوبة، ومن ثم شرق السودان ودارفور وحتى منطقة النوبة بشمال السودان، مشيراً إلى أنّ المُهلة التي حدّدتها الوثيقة الدستورية والتي نَصّت (على أن تكون الأولوية خلال الأشهر الستة الأولى من الفترة الانتقالية للعمل الجاد لأجل إحلال السلام) ليست بالكافية في ظل تفاوُض تعرقله شروط من قبل الحركة الشعبية.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى