إذا غادر حمدوك.. فمَن هو بديله؟

 

الخرطوم: آثار كامل   29ديسمبر2021م

يمضي الوقت ولا يزال رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك متمسكاً بالاستقالة التي قدمها، رافضاً استمراره في المنصب بالرغم من مُحاولات إقناعه من عدد من الاطراف، ورغم الاجتماع الذي جمعه بالبرهان وحميدتي.

ويبرِّر رئيس الوزراء بأن الخطوة جاءت نتاج عدم توافق القوى السياسية الثورية، بيد أن مغادرته في الوقت الحالي ستربك المشهد أكثر مما هو عليه، لأن الأوضاع السياسية وقبلها الاقتصادية تمضي الى طريق الانهيار، ووجود حمدوك في المعادلة السياسية يضمن على الأقل استقرارا وانفتاحا على المجتمع الدولي.

إن حالة الاحتقان السياسي والانقسام بين القوى السياسية في تزايد مستمر، مع ضغط الشارع الرافض أصلاً للإعلان السياسي بين حمدوك والبرهان، ورغم ذلك هناك عدد مقدر من الشارع مازال مؤمناً بحمدوك بأنه سيعبر بالبلاد الى بر الأمان.

رئيس الوزراء من جانبه، تمسك بتقديم استقالته وطلب من البرهان وحميدتي البحث عن رئيس وزراء لتكملة ما تبقى من الفترة الانتقالية.

إن السؤال هو في حال شروع مجلس السيادة فعلياً في اختيار بديل لحمدوك بعد ان يمضي في طريق الاستقالة، فما هي المعايير التي بمُوجبها سيتم اختيار البديل، وما هي الأسس التي سيستندون عليها.

إنجازات رغم النقد

يرى مراقبون خلال حديثهم لـ(الصيحة) أن أداء حكومة د. عبد الله حمدوك خلال العامين الماضيين بالرغم من النقد الذي صاحب الفترة، إلا أن هنالك انجازات يصعب تجاوزها كانت بمثابة نقطة تأسيس للمرحلة المقبلة نحو التحول الديمقراطي، شملت ملفات مهمة منها السلام والاقتصاد والعلاقات الخارجية  بجانب ان تلك الدوائر التي كانت مغلقة وتم فتحها تمثل ضمانة مهمة للانفتاح نحو العمل الداخلي والرجوع للوثيقة الدستورية والعمل عبرها لإنجاز المهام المنصوص عليها والمكملة للانتقال السياسى والتحول الديمقراطي لحكومة ديمقراطية.

 

حالة رفض

يرى المحلل السياسي علي شرف الدين بأن هناك مياها كثيرة جرت تحت الجسر، وما يجري الآن تعنت ومشاكسات ستجعل كل من يترشح لمنصب رئيس الوزراء في حالة رفض نسبة لمشاكل الأطراف، ولفت في حديثه لـ(الصيحة) بأن الوضع متأزم الآن، ولا بد من حل يرضي الجميع، ونوه شرف الدين الى بروز اسماء كثير لتولي هذا المنصب، ولكن ظهرت عليها بعض الملاحظات، مما يقلل نسبة حصول المرشحين لها بسبب ذلك، ولفت بأنه على وجه العموم لا بد أن تكون الشخصيات المرشحة لمنصب رئيس الوزراء كفاءات وليست شخصيات منظمة أو لها خلفية سياسية حزبية، ونوه  شرف الدين الى شيء مهم وهو أنه لا بد من توافر القدرات الإدارية والقيادية في الشخص المختار، وأشار الى ضرورة إجراء موازنة في المعادلة وفق الكفاءات العلمية والقيادة والإدارة، وأوضح قائلاً: اذا كانت هنالك معضلة  واحدة سوف تواجه البرهان  وحميدتي هي الاعتذارات، فبعض الأكاديميين لا يتطلعون الى المناصب، فهم زاهدون بطبعهم في المناصب ويفضلون العمل الأكاديمي.

تكاتف الأطراف

وجزم المحلل السياسي صابر الحاج الى أن نجاح اختيار رئيس وزراء من الكفاءات يعتمد على عوامل رئيسية، منها ضرورة التكاتف والتكافؤ بين الاطراف في ظل الوضع السياسي المحتقن وانطلاقاً من فكرة واحدة وليست مجزأة كما يحدث الآن  حتى يستطيع الشخص الذي سيكون في المنصب قادراً على العمل والعطاء، واضاف في حديثه لـ(الصيحة) ، في الوقت الراهن الآن ربما تتفق المكونات الموجودة في اختيار شخصيات وكفاءات مستقلة، وبالتالي في ظل هذا الاحتقان والانقسام لا بد من استخدام قوة الدفع الاجتماعية فيما يعتمد الاختيار على قوة الشخصية إدارياً وقيادياً بعيداً عن الحزبية.

 

شخصية متوازنة

ويرى المحلل السياسي محمد  النور بأن منصب رئيس الوزراء يحتاج الى شخصية متوازنة في ظل الوضع السياسي الحالي، حيث فشلت النخب السياسية في امتحان التوافق, اذ غلبت المصالح الحزبية الضيِّقة على افق الممارسة السياسية, ولابد من خلق حالة من التوافق لتأسيس الديمقراطية المنشودة، واشار في حديثه لـ(الصيحة) الى هذا المنصب حساس، فالبلاد مليئة بالكفاءات ولكن الكفاءة وحدها لا تفضي الى نتائج ممتازة، ولابد من الخروج من دائرة المصالح الذاتية والقبول بالآخر، والاتفاق على كيف يحكم السودان، والتأسيس لدستور دائم طالما ان الجميع يدعي شعارات الثورة حرية.. سلام وعدالة.

 

واقع مُعقّد

يرى د. خالد قنديل محمد المحلل السياسي في حديثه لـ(الصيحة) ان رئيس الوزراء المقبل سيأتي في أوضاع صعبة جدًا وواقع سياسي مُعقّد، ويصبح كمن القي به مكتوفاً في النهر وأمروه بالسباحة، ولفت بأن الفترة ضيقة جداً وما تبقى من الفترة الانتقالية لا يكفي حتى للترتيب للانتخابات دون بقية الملفات الأخرى, وأشار الى أن أكبر معضلة ستواجه رئيس الوزراء المرتقب، الاوضاع الاقتصادية المنحدرة الى التدهور بصورة مريعة في ظل المقاطعة المستمرة حتى الآن، وبعد رحيل حمدوك سنرجع الى مربع ايام الإنقاذ الأولى.

 

عزلة دولية

وأضاف قنديل، من المتوقع أن تعيش البلاد عزلة دولية مع متنفس مربوط بدول خليجية، ولكنها لن توفر كل الدعم المطلوب بعد توقف تمويل صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية، ما يؤثر على ميزانية (2022) المتوقع ان تعتمد فقط على الضرائب والإيرادات الذاتية، وأضاف بجانب آخر يمثل أكبر تحد لرئيس الوزراء المنتظر رفض الشارع المتواصل والمتصاعد لكل الإجراءات التي سماها قائد الجيش بالتصحيحية وينظر اليها الشارع بالانقلابية ويرفض التعامل معها ويصبح رئيس الوزراء مواجهاً (بتسقط ثالث)، ما يعني انه لا يجد القبول قبل أن يأتي ليس رفضاً لشخصه، بل رفضاً لكل ما ترتب على ما بعد الخامس والعشرين من أكتوبر، لذلك يبقى المخرج الوحيد للأزمة الحالية بتوافق القوى السياسية وعودة قوى الحرية والتغيير بشقيها المركزي والميثاق، والتوافق على خارطة سياسية جديدة أو الرجوع حرفياً الى الوثيقة الدستورية، وبدون ذلك لن يكون هنالك استقرار في البلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى