يلتئم اليوم .. مجلس الأمن ينتظر تقرير فولكر لعكس الواقع السُّوداني

 

تقرير: مريم أبشر   9ديسمبر2021م

تترقّب الأوساط السودانية اليوم نتائج ما ستسفر عنه جلسة مجلس الأمن المقررة اليوم بشأن مسار الحكم الانتقالي في السودان, في أعقاب الإجراءات التي اتّخذها القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي, والتي ترتّبت عليها تصحيح عملية الانتقال على خلفية الإعلان السياسي الموقع بين القائد العام للجيش ورئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك وما صاحب ذلك من حراك شعبي كبير رافض للإعلان وخطوات وقرارات متسارعة من قبل رئيس مجلس الوزراء د. حمدوك لإعادة الأمور إلى نصابها لما قبل الخامس والعشرين من أكتوبر والعمل بالوثيقة الدستورية لامتصاص غضب الشارع الرافض.

وغادر رئيس بعثة الأمم المتّحدة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان (يونيتامس) فولكر بيرتس، أمس من الخرطوم صوب نيويورك, حيث يعتزم اليوم تقديم تقرير لمجلس الأمن الدولي عن الأوضاع في السودان، بعد أن أجرى جملة من اللقاءات المهمة مع المسؤولين في الحكومة الانتقالية والقوى السياسية واستمع لجميع الأطراف بما في ذلك الشباب, طالبته عبرها كل الأطراف لأهمية وضع مؤشرات للانتقال السياسي, إذ من المُنتظر أن يعكس تقرير فولكر الواقع الداخلي على مجلس الأمن.

مطلوبات ولقاءات

وقبيل مُغادرته متوجهاً لنيويورك, اختتم فولكر لقاءاته مع نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي” التأم بالقصر الجمهوري, أشاد فيه “حميدتي” بمستوى التعاون القائم بين السودان والأمم المتحدة، خاصةً في ظل الجهود الكبيرة التي تقوم بها البعثة لدعم ترتيبات المرحلة الانتقالية برئاسة فولكر, والتزم “حميدتي” خلال اللقاء بعزمهم المضي قدمًا في مسار التحول الديمقراطي الحقيقي الذي يفضي لقيام انتخابات حرة ونزيهة، وأكد أن الأوضاع تمضي في الاتجاه الصحيح من خلال الالتزام بتنفيذ الإعلان السياسي، وإنهم مستعدون لتقديم كل السند والدعم الذي يمكن حمدوك من أداء مهامه, ومضى اللقاء للتطرُّق لمشكلة شرق السودان والأوضاع في دارفور، غير أن “حميدتي” أكد أن الجهود مستمرة لتشكيل القوات المشتركة, إلى جانب مُواصلة المُشاورات مع الأطراف لإيجاد حلٍّ لأزمة شرق السودان.

مؤشرات الانتقال

ودعا رئيس البعثة الأممية أطراف الانتقال في السودان لأهمية وضع مؤشرات للانتقال السياسي, واستبق فولكر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مؤخراً بمطالبته السودانيين تغليب “الحس السليم” والقبول بالاتفاق الموقع بين حمدوك البرهان، لضمان انتقال سلمي يفضي لديمقراطية حقيقية في السودان, وحذّر غوتيريش المتظاهرين من تداعيات خطيرة إن استمروا في التشكيك في هذا الحل، رغم تأكيده على أنه يتفهّم ردة فعل أولئك الذين يقولون لا نريد أي حل مع الجيش, مُعتبراً أن إطلاق سراح رئيس الوزراء وإعادته إلى منصبه هو نصر مهم, وأضاف “ينبغي على أن أدعو إلى الحس السليم أمامنا وضع غير مثالي, ولكن بإمكانه أن يتيح انتقالاً فعّالاً للديمقراطية”، وناشد غوتيريش القِوى المختلفة والشعب السوداني بدعم رئيس الوزراء حمدوك في الخطوات المقبلة لانتقال سلمي إلى ديمقراطية حقيقية في السودان.

حراك دولي

واستبقت إحاطة مجلس الأمن تحركات دولية, حيث أجرى المبعوث الفني للسلام في السودان فريدريك كلافير, الذي أكد أن باريس تُولِّي أهمية خاصة للعلاقة مع السودان من أجل إنجاح الفترة الانتقالية التي تقودها حكومة كفاءات مُستقلة، مبيناً استمرار التعاون بين البلدين في كافة المجالات خلال المرحلة المقبلة، داعياً الى أهمية توسيع قاعدة المشاركة وتمثيل الشباب في المجلس التشريعي، ووعد فريدريك بتقديم حزمة من المُساعدات للسودان للمساهمة في استقرار الأوضاع بالبلاد.

تلويحٌ بالعقوبات

في الأثناء, لوّحت واشنطن بمشروع قرار يتضمن عقوبات تطال القيادات العسكرية/ حيث طرحت قيادات من الحزب الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس، مشروع قرار يُدين انقلاب السودان، ويدعو إلى فرض عقوبات على قادة الجيش، قدم مشروع القرار السيناتور الديمقراطي بوب مننديز والجمهوري جيم ريش في مجلس الشيوخ بالتعاون مع النائب الديمقراطي غريغوري ميكس والجمهوري مايك مكول، عن دعم الولايات المتحدة للشعب السوداني وتطلعاته الديمقراطية، كما يعترف برئيس الوزراء عبد الله حمدوك ويدعو المشروع كذلك لرفع حالة الطوارئ بما فيها إعادة كاملة لكل وسائل الاتصالات وإزالة كل الحواجز ويحث القوات السودانية على التراجع والتعاون مع قواعد الاشتباك الدولية واحترام حقوق المتظاهرين السلميين ومُحاسبة كل من استعمل القوة المُفرطة وانتهاكات أخرى من خلال عملية شفّافة ذات مصداقية، فضلاً عن التوقف عن كل المُحاولات لتغيير التركيبة المدنية للحكومة والمجلس السيادي ومرافق حكومية أخرى، إضافة إلى نقل قيادة المجلس للمكون المدني وفقاً للوثيقة الدستورية.

دعم دولي

وتوقّع خبراء سياسيون ان يكون تقرير فولكر الذي سيقرأه اليوم أمام مجلس الأمن إيجابياً وداعماً للإعلان السياسي الموقع بين البرهان وحمدوك.

وعزا أستاذ العلاقات الدولية والعلوم السياسية بالجامعات السودانية د. عبد الرحمن أبو خريس ذلك الى ان الأمم المتحدة أيّدت الإعلان, كما طالب المبعوث فولكر القوى السياسية للدخول في الاتفاق, ولم يستبعد أن يكون للتقرير المرتقب لفولكر أمام مجلس الأمن تأثيرٌ إيجابيٌّ على قرار الكونغرس الأمريكي المرتقب, ولفت في حديثه لـ(الصيحة) الى ان الولايات المتحدة وكل الدول الاوروبية والمنظمات الدولية رحبت بإعلان حمدوك والبرهان, وقال: بما ان الولايات إحدى الدول الكبرى في مجلس الأمن الدولي أن تعمل بتكامل وأن يعكس ذلك إيجاباً على قرار الكونغرس, ونفى أن يكون للمظاهرات المعارضة للاتفاق تأثيرٌ، وأكد أن حق التظاهر مكفولٌ لكنه لن يغير شيئاً, وانه حتى الآن لا توجد دولة تعارض عودة رئيس الوزراء وانخراطه في تأسيس مؤسسات الانتقال المفضية لدولة مدنية.

الأمر الواقع

في ذات الاتجاه, مضى السفير الدكتور علي يوسف بتأكيده على ان كل مواقف وتصريحات فولكر تشير الى انه لعب دوراً إيجابياً, وأنه تعامل مع ما جاء بعد إجراءات الخامس والعشرين من اكتوبر بسياسة الأمر الواقع والسعي لإعادة الأمور لنصابها عبر مواصلته العمل على دعم المسار الديمقراطي وتشكيل حكومة كفاءات وإقامة مؤسسات الفترة الانتقالية, ولفت إلى أن فولكر لم يطالب بالعودة الى ما قبل الخامس والعشرين من أكتوبر, وإنما تعامل مع الواقع, ولم يستبعد أن يكون قرار المجلس إيجابياً وداعماً لحكومة حمدوك ورغم تأكيده على أنّ أيِّ قرار يصدر عن الكونغرس الأمريكي بشأن التطورات في السودان يُعد شأناً داخلياً، إلا أنه لم يستبعد أن يكون لأيِّ قرار إيجابي لمجلس الأمن الدولي انعكاسٌ إيجابيٌّ على قرار الكونغرس المُرتقب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى