الاتّحادي الأصل.. هل يبحث عن دور بعد (25) أكتوبر؟

 

تقرير: صلاح مختار    10 ديسمبر2021م 

يرى البعض أن الوضع في الحزب الاتحادي يمثل (تيرمومترا) للحياة السياسية السودانية، وأن حال الحزب ينعكس سلباً أو إيجاباً على الوضع السياسي السوداني كله، غير أن الحزب رغم تأثيره الكبير في المجتمع لا يخلو من خلافات ما أن تنتهي إلا وتبدأ من جديد.

وفي حوار معه قال لي القيادي بالحزب علي نايل, إن في إصلاح أهل السودان يكتمل بإصلاح الحزب الاتحادي.. ويبدو ان الحزب ادرك انه مر بفترة ركود عقب الإطاحة بنظام البشير, فبدأ في تحريك ساحته الداخلية وابتدار حراك خارجي ظل يقوم به الحزب خلال الفترة الماضية, لدرجة أنّ البعض قدر أنه يريد تحسُّس موضع قدم له بعد الركود الذي أصابه, بينما تساءل البعض عن هل يُريد الاتحادي الأصل أن يبحث عن موطئ قدم بعد إجراءات (25) اكتوبر الماضي أم ماذا؟

محطات الحراك

واحدة من محطات الحراك الذي يقوم به الحزب الاتحادي (الأصل), كانت دعوته لاستئناف المفاوضات مع الحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، وابتدار لقاء مع رئيس حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور، وهي الدعوة التي جاءت من خلال لقاء وفدٍ من قيادات الحزب بالمبعوث الفرنسي الخاص للقرن الأفريقي، فريدريك كلافير أمس الأول, حيث استمع المبعوث لوجهة نظر الحزب حول الوضع السياسي الراهن، مؤكداً دعمه للمرحلة الانتقالية، وحل مُشكلة شرق السودان، وقال الحزب إنه أكد دعمه لرئيس الوزراء في تكوين الحكومة من (تكنوقراط) أكفاء مستقلين، بعيداً من المُحاصصات التي أخلت بأهداف الثورة واستقرار الفترة الانتقالية, وأشار في بيان إلى أنه أوضح للمبعوث ضرورة لعب دور إيجابي في استئناف علاقات التعاون الاقتصادي بين السودان والاتحاد الأوروبي، وضرورة التواصل والاهتمام برفع القدرات، وتهيئة مناخ معافى للتحول الديمقراطي.

رؤية الحل

ولكن سبق ذلك التحرك اجتماعٌ في يوم (30) سبتمبر بين وفد من الحزب الاتحادي المركز العام مع السفير جون مايكل المبعوث الفرنسي برفقة فاليري مايوت المستشار السياسي للسفارة, وذلك في قناعة الحزب بالدور الفاعل الذي يمكن ان تلعبه دول الاتحاد الأوروبي في مساعدة السودان للانتقال الديمقراطي وتحقيق السلام العادل والشامل, وأكد له الحزب دعمه للمرحلة الانتقالية وكيفية معالجة القصور في الوثيقة الدستورية ومشكلة الشرق مبيناً أن الحزب متمسكا بموقفه من عدم المشاركة في السلطة الانتقالية, وانه يفضل أن تكون الحكومة مشكّلة من تكنوقراط اكفاء مستقلين كما ورد في نص الوثيقة الدستورية بعيداً عن المُحاصصات الحالية التي أخلت بأهداف الثورة واستقرار الفترة الانتقالية, وشرح الحزب بالتفصيل رؤيته لحل مشكلة الشرق وجدد دعوته بضرورة كسر جمود واستئناف المفاوضات مع الحركة الشعبية شمال (عبد العزيز الحلو) تعزيزا للوصول إلى سَلامٍ عَادلٍ ومُستدامٍ.

لقاء مكرر

بعد عودة حمدوك الى مكتبه عقب اجراءات البرهان, سارع الحزب بلقاء رئيس الوزراء, حيث قدم الوفد التهنئة لرئيس الوزراء على توقيع الاتفاق السياسي، مؤكداً وقوف الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل مع رئيس الوزراء لإنجاح الانتقال الديمقراطي من منطلق ارتكاز الحزب على إرث برلماني وديمقراطي كبير, مجدداً تأييدهم لتشكيل حكومة كفاءات مستقلة تقود البلاد خلال ما تبقى من الفترة الانتقالية لإنجاز كافة العمليات اللازمة, ولإنجاز التحول الديمقراطي, وتمثل لقاء الحزب برئيس الوزراء امتداداً للقاء تم في القاهرة, دعا فيه الحزب الأصل إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين السودان ومصر وصولاً لمشروعات استراتيجية مشتركة.

وجود بالداخل

البعض يرى ان الحزب حتى يضمن وجوده بالداخل, قام بتنشيط مكاتبه وإعادة الروح الى اماناته التنظيمية وفتح داره وأعاده للواجهة, وبشّر الراحل الدكتور علي السيد المحامي  رئيس القطاع التنظيمي في ذلك الوقت بعودة نشاط الحزب بقوة دفع عالية حفاظاً على وحدة البلاد من التمزق.. مبشراً بعمل قوي ومسؤول للحزب بالمركز والولايات, داعماً لأهمية استكمال الفترة الانتقالية وصولاً لانتخابات حرة ونزيهة بعد انتهاء الفترة حتى تستقر البلاد وتنطلق نحو إحداث تنمية مستدامة واستقرار وأمن في كل أرجاء البلاد.

أزمة الشرق

ولأن علاقة الحزب التاريخية بشرق السودان ومكانة الطريقة الختمية في قلوب أهل الشرق, كان مدخل الحزب لحل ازمة الشرق, حيث ابتدر الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل)، تدخلاته لحل ألازمة عبر لقاء لنائب رئيس الحزب، نجل رئيسه محمد الحسن الميرغني مع قيادات مجلس البجا ومحمد الحسن، نائب رئيس الحزب.

وقال في تصريح صحفي, إن لقاء الحسن وتِرِك، جاء عقب اجتماع لرئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك مع الحسن الميرغني، وطلبه بضرورة العمل على حل مُشكلة الشرق, وأشار التصريح إلى الارتباط والدور الكبير للبيت الميرغني والطريقة الختمية والحزب بالإقليم وقضايا أهله، بالإضافة إلى ما يتمتع به آل الميرغني من تقدير واحترام من مواطني الشرق وانتمائهم المباشر إلى الطريقة والحزب.

الاتجاه شمالاً

وبما أن عضوية الحزب تتركّز في غالبيتها في شمال وشرق البلاد, فقد عَمَدَ الحزب على أن يكون له وجودٌ أيضاً في الإقليم الشمالي, اذ التقى نائب رئيس الحزب محمد الحسن محمد عثمان الميرغني أمس الاول بوفد من كيانات الشمال المتعددة بغية توحيدهم جميعاً خلف مسار الشمال المُوقّع ضمن مسارات اتفاقية سلام جوبا الذي يرفضه غالب المكونات في الاقليم الشمالي ورغم ان الاجتماع الذي احتضنته دار أبو جلابية برمزيته التاريخية والعقائدية لدى طائفة الختمية لم يخرج برؤية متكاملة عن توحيد فرقاء الشمال, الا انه ألقى حجراً كبيراً في بركة جمود الواقع السياسي في الإقليم الشمالي.

رؤية واضحة

يقول مصدر بالحزب فضّل حجب اسمه لـ(الصيحة) ان الحزب ظل بعد ثورة ديسمبر يراقب الوضع الداخلي عن كثب ويقيم الى أين تتجه اليه الاحداث وكانت لديه رؤية واضحة بالابتعاد عن المشهد خلال الفترة الانتقالية حرصاً منه لضرورة التوافق على إدارة البلاد بعيداً عن المحاصصات والتجاذبات والنظرة الضيقة, ومن خلال ذلك كان يراقب تدهور الاوضاع الاقتصادية والامنية, وكان يحذر من تبعاتها وينصح من خلال التواصل مع القوى السياسية, وعقد الحزب اجتماعاً مع حمدوك إبان زيارته الى القاهرة في وقت سابق, ناقش فيها الأوضاع الداخلية وقدم فيها الحزب رؤيته للحكم ولحل ازمة البلاد, وفضّل الحزب أن يكون له وجود في الداخل, فقام بفتح مكتبه ولكن بعد الإجراءات التي اتّخذها البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر, وإطلاق سراح حمدوك, كان لا بد من الحزب أن يكون له وجودٌ في طرح المبادرات والإسهام في انتشال البلاد من كبوتها, ولذلك فإن تحركات الحزب لم تأت كرد فعل, وانما لإحساسه بالدور الذي يمكن أن يلعبه في الداخل, خاصةً وانه ضِلْعٌ من أضلاع الحركة الوطنية وكما يسميه البعض حزب الوسط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى