الغالي شقيفات يكتب.. العلاقة بين الإعلام والرئاسة

شَهدَ السودان تغييرات جذرية في مجال الإعلام بعد ثورة ديسمبر، حيث غادر مُعظم كوادر المخلوع الساحة الإعلامية وبعض المؤسسات التي كانوا على رأسها، سواء كانت مرئية أو مسموعة وحتى الصحف اليومية وكُتّاب الأعمدة من المُوالين للنظام البائد، وتلاشت الدوائر الأمنية المُتحكِّمة في الرسالة الإعلامية، واختفت الجهات القائمة بعملية الاتصال وشُلة المُنتفعين من النظام السابق، غير أنّ غياب الكوادر الإعلامية المُؤهّلة والمُدرّبة خلق فجوة كبيرة بين الدولة والمؤسسات الإعلامية، وانعكس هذا الانقطاع سلبياً على الأداء الحكومي وخفت صوت الثورة، وهزم الفلول إعلام لجنة التمكين ووضعوهم في موقع المُدافع بعد أن كانت تهابهم كل الجيوب الكيزانية.

وقد لا يعلم حكام اليوم، الدور الثقافي والحضاري والريادي والمفتاحي الذي تقوم به وسائل الإعلام والصحف في تسويق الرؤى، وكذلك في هزيمة المشاريع، وقد استمر القادة السياسيون حكام اليوم للوصول إلى قلوب الجماهير قبل عقولهم.
واليوم بعد ثورة الإعلام الجديد وعدم مُواكبة الكثيرين من القائمين بأمر الاتصال في المؤسسات الحكومية والوزارات، إذ أصبح دورهم ضعيفاً وشبه مُتلاشٍ، ولكن لا غنىً لإدارة الإعلام والعلاقات العامة في المؤسسات الحكومية والشعبية، وذلك لأهمية الرأي العام وكسب ثقة الجمهور، وكذلك خلق الثقة بين الجمهور والمنشأة ومُحاربة الشائعات غير الصحيحة عبر الإجراءات الدفاعية وتوطيد العلاقة الجيدة مع الآخرين، وإعلام المواطنين بسياسات المؤسسات الحكومية كالكهرباء والطاقة والغاز والوقود والدقيق وكافة السلع الاستراتيجية المُرتبطة مُباشرةً باستهلاك المواطن اليومي والتي تؤثر في حياته، خَاصّةً التي تكون عُرضةً للشائعات فمُؤسّسات الدولة مُحتاجة لخلق تواصُلٍ جيِّد مع المؤسسات الإعلامية وألا تكون الدولة في حدِّ ذاتها التعتيم الإعلامي.

أعتقد أنّ المؤسسة الوحيدة إعلامها متابعٌ جيدٌ هي قوات الشرطة، تتابع ما ينشر في الصحف وتقوم بالرد والتوضيح والمُتابعة، فلهم التحية على جهدهم ومُواكبتهم، فالآن الظاهر بعد رحيل الكيزان، عجزت العناصر التي تولّت إدارة الإعلام في مؤسسات الدولة والمجلس السيادي والجيش في التوا صُل مع الجهات الإعلامية، ولم تستطع خلق تواصل فَعّال في تحسين صورة الثورة وتسويق اتفاق السلام. وعجز القائمون بالإعلام في حركات دارفور مثلاً في الترويج للسلام والخروج من خطابات 2004م وخطاب الميدان، وتجد أحدهم أصبح حاكماً ويتحدّث بلسان المعارضة وكأن المؤتمر الوطني ما زال حاكماً, لنظام سقط، حتى الذين حملوا السلاح وقاتلوا من أجله الآن اعترفوا أنه سقط وقبلوا بالواقع، ودونكم الزميل عبد الماجد عبد الحميد واقعيٌّ جداً ومُعترفٌ أن نظامهم قد سقط ورضي بالواقع.

فالمطلوب الآن من إعلام الدولة التواصُل مع الصحافة والإعلام، وخاصةً أن الأستاذ فيصل محمد صالح الآن هو المستشار الإعلامي للدكتور عبد الله آدم حمدوك رئيس مجلس الوزراء، وكذلك الأستاذ ياسر سعيد عرمان أكبر سياسي يجيد التعامُل مع وسائل الإعلام وماهر في إقامة العلاقات مع المؤسسات الإعلامية ويجد كامل الاحترام من الإعلاميين حتى الذين يختلفون معه.

وفي الدولة الجديدة الآن نحتاج إلى كوادر إعلامية أكثر انفتاحاً ومُواكبةً مع قضايا الجماهير، وتفاعلاً مع رأي الشارع، وتُساهم في رفع مصداقية شعارات ثورة ديسمبر، وقادرة على تعزيز التواصُل مع قطاعات الشعب الحَيّة والمُؤثِّرة في مُجتمعاتها، وقادرة على توصيل أفكارها.
الوزراء وكافة المسؤولين عليهم الاستفادة من قُدرات منسوبيهم في إدارة الأزمات التي تمر بالبلاد حالياً، ومُواجهة غضب الشعب في تردي الخدمات بولاية الخرطوم وامتصاص خطاب الكراهية المُنتشر في وسائل الإعلام.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى