مناوي في دارفور.. متاريس وتحديات

تقرير- فاطمة علي

24 ساعة فقط تبقت لتعيشها ولايات دارفور الخمس تحت مظلة الحكم الاتحادي، وبعدها ستتحول دارفور إلى إقليم واحد يديره حاكم دارفور مني أركو مناوي الذي يتم تنصيبه صباح غد الثلاثاء في ميدان الحرية بالفاشر التي ستكون عاصمة للإقليم كله لاحقاً..

ورغم أن مجلس الوزراء اعتمد في وقت سابق قانوناً يحول دارفور إلى إقليم، إلا أن رحلة مناوي لن تكون مفروشة بالوردود، فعملية التحول ستصحبها العديد من التعقيدات السياسية والإثنية والجهوية كونها ستكون تجرية جديدة تنفذ بأمر اتفاق سلام جوبا في جزء من البلاد، بينما يظل نظام الحكم الاتحادي قائمًا في الولايات الأخرى.

استعدادات

على الأرض اكتملت الاستعدادات لاستقبال الحاكم رغم المطبات ووتباين الآراء بين القبول والرفض، لكن فرص نجاح مناوي لحكم الإقليم ربما بدت كثيرة وتصب في المصلحة، إذ يرى خبراء سياسيون أن فرص مناوي للنجاح مرهونة بان يكون واعياً للتقاطعات والخلافات التي تمر بها دارفور عامة  في ظل الوضع المتأزم، مشيرين إلى الصراعات التي تقع بين الحين والآخر، خاصة وأنها في غالبها صراعات مفتعلة تتطلب الانتباه وأن يقف مناوي على مسافة واحدة من الجميع..

تهيئة الملعب

كثيرون شددوا على ضرورة التغلب على التحديات الأمنية والاجتماعية والسياسية، مؤكدين أن مني أركو مناوي ستكون أمامه مهمة لتهيئة الملعب لمباشرة مهامه، ولفتوا إلى أن البداية كانت بإجازة قانون نظام حكم إقليم دارفور من مجلس الوزراء، غير أن الأمر يتطلب أيضاً أن يجاز القانون من قبل اجتماع مشترك لمجلسي السيادة والوزراء كونهما يمثلان الهيئة التشريعية المؤقتة بموجب نصوص الوثيقة الدستورية، ولفتوا إلى أن مناوي سيكون مخالفاً للقانون والدستور حال تسلم مهامه كحاكم على إقليم دارفور، دون إجازة القانون، لكن مصدراً مطلعًا من داخل مجلس السيادة ــ فضل حجب اسمه ــ أكد إن المجلسين سيجتمعان قبل سفر مناوي ويجيزان القانون ليمكنا مني أركو مناوي من مباشرة مهامه.

تحديات

ولم يكن الوضع القانوني هو التحدي الوحيد الذي يواجه رحلة مناوي، إذ أن صراع انفجر الجمعة في منطة كولقي جنوب غرب الفاشر أعقبته اشتباكات مسلحة راح ضحيتها أكثر من (13) شخصا ما بين قتيل وجريح، بسبب أعمال عنف بين مسلحين وقوة من حركة تجمع قوى تحرير السودان التي تبادلت مع مكونات عربية الاتهامات حول البدء بإطلاق النار، ربما مثل تحديًا كبيراً لمناوي، فعلاوة على أنه أحد الصراعات المنوط به إنهاءها، فقد جاءت الاشتباكات بمشاركة جزء من قوات إحدى الحركات الموقعة على الاتفاق الذي بموجبه يتم تنصيب مناوي حاكمًا.

ورغم أن تجمع قوى تحرير السودان التي يتزعمها عضو مجلس السيادة “الطاهر حجر”، قالت إن كميناً نُصب لقوة عسكرية من أفرادها تعمل ضمن القوات المشتركة على تأمين وحماية الموسم الزراعي، أثناء ذهابها إلى مقر ارتكاز القوات المشتركة، قرب منطقة قلاب، لكن تنسيقية القبائل العربية قالت إن قوات تجمع قوى تحرير السودان هاجمت المنطقة “انتقاماً لأهلهم الذين اختلفوا مع أهالي “كولقي” في كيفية الزراعة.

رفض

واحدة من التحديات التي تواجه مناوي أيضًا رفض عدد من المكونات المجتمعية في دارفور له، فقد أبدى نازحون بمعسكري زمزم والسلام بالفاشر رفضهم تنصيب مناوي حاكماً، فيما أعلن آخرون ترحيبهم بقدوم مناوي حاكماً مؤكدين أن “السلام سمح”، لاسيما أن مناوي كان قد تقدم باعتذار لكافة أهل دارفور، وجدد دعوته لكل النازحين واللاجئين وكافة منظمات المجتمع المدني وأمهات الشهداء والأرامل والإدارات الأهلية ولجان المقاومة والأحزاب وحركات الكفاح المسلح وكل مواطن يهمه قضايا الوطن والاقليم التعاون.

وربما عبر عن ذلك القانوني بارود صندل عندما قال لـ(الصيحة) إن مظاهر الاعتراض بدأت تظهر وتتوسع دائرتها، مشيرًا إلى ما حدث في سرتوني وكولقي، بيد أنه يرى أن التعيين لم يخالف الاتفاقية، وغير مخالف للقانون رغم الخلل، وأضاف: هناك مخاوف بالولايات من سحب السلطات لصالح الإقليم.

اهتمام رئاسي

تهيئة الملعب لتنصيب مناوي لم تقتصر فقط على الأوضاع الدستورية، لكنها بدأت بمعاونة مجلس السيادة لاستمالة مواطني دارفور لبدء مرحلة جديدة، فقد دعا رئيس اللجنة العليا لتنصيب مناوي الأمين العام لمجلس السيادة الفريق ركن محمد الغالي مواطني دارفور كافة لدعم ومساندة حاكم الإقليم لأداء مهامه والتغلب على الظروف التي تعيشها دارفور من معسكرات نازحين وتمكينه من أداء واجبه على الوجه الأكمل، وتلبية تطلعات وأشواق أهل دارفور، معرباً عن أمله أن تكلل برامج وخطط الحكام بالنجاح عبر مباشرة مهامه الجديدة، مؤكداً أنها أحد مستحقات سلام جوبا وتنفيذ للاتفاق.

مشاركة عالية المستوى

وفي المقابل أكد عضو اللجنة العليا لتنصيب مناوي، نور الدائم محمد، أنه لن يكون هناك اتجاه لتأجيل حفل التنصيب بسبب أحداث كولقي وقلاب، وأكد أن هنالك وفوداً وبعثات بدأت في الوصول إلى الفاشر للمشاركة بينما أكد مشاركة رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن البرهان ورئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت في حفل التنصيب وبعض السفراء والدبلوماسيين

تعقيد مستويات الحكم

وربما يقر الجميع بوجود بعض التقاطعات التي تعترض مناوي، فعلاوة على كل ما قيل يظل أمر دارفور الداخلي وإدارتها كإقليم أكبر التحديات، بيد أن نور الدائم يشير إلى أن تكوين مستويات الحكم سيتم عبر مؤتمر لحسم مسألة الولايات ونظام الحكم الأمثل، ودعا أهل دارفور للوعي بحقوقهم وعدم التكتل والتخندق داخل الحركات والقبائل والوقوف مع حقوقهم الاستراتيجية لدارفور، وأضاف: دارفور مستهدفة في إنسانها، وقال “علينا خوض معركة قادمة للذهاب للأمام  وضرورة المصالحة مع الآخرين وإدارة حوار دارفوري ـ دارفوري مع من هم بداخل الحكومة نفسها بهدف الخروج لبر الأمان” ، وقال: يجب أن نستغل التنوع للتعايش ونشر الوعي.

برامج

برقية بعث بها مناوي إلى أهل دارفور أكد خلالها أن توفير الأمن يأتي في مقدمة برنامج حكومته الإقليمية فور مباشرته مهامه، بجانب المصالحات الاجتماعية ورتق النسيج الاجتماعي، وقطع مناوي بأنه لن يوفر طاقة لمناصرة قضايا الإقليم، مؤكداً استماعه لصوت أهل دارفور وتلبية مطالبهم، وأضاف: “سأحرص على مشاركة المرأة والشباب في كل مستويات الحكم”، وقطع أن الفاشر ستكون مقراً للحاكم، وزاد: نتطلع من أهل دارفور دور محوري في التعاون والتضافر معاً لنهضة دارفور.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى