مكونات الانتقالية.. شد وجذب وإئتلاف؟

تقرير- أمنية مكاوي

منذ تكوين الحكومة الانتقالية لا زالت الاختلافات في الرؤى ربما والاحتجاجات ترسم ملامح الوجهة الجديدة، بيد أن التماسك القوي الذي ظهر بين المكونين العسكري والمدني ظل الرباط الوثيق الذي يقود المرحلة بكل ثبات وثقة، ولكن هذا لا يبعد أن ثمة خلافات واسعة تدور حول هذه الأوساط لجهة أنها حكومة إئتلفت من مكونات مختلفة من القطاعات “القوى المختلفة والجهات السياسية”، ولكن هنالك من يرى أن التكوين جاء مراعياً لظروف السودان الراهنة، وهو بذلك حالة مدهشة رسمت ملامح سودان ما بعد الثورة واستطاعت أن تقوده بكل ثقة وثبات خلال العامين اللذين مضيا لولا بعض الهنات، وهي تحدث لكل الحكومات الإئتلافية. ويرى البعض أن الخلافات السابقة التي اعترت الحكومة الانتقالية بسبب مجلس شركاء الانتقالية بدأت في الذوبان لجهة أن كل التوقعات حوله خالفت طبيعته في الوقت الذي يرى فيه البعض أنه جهة تنفيذية ويمكن أن يحل مكان التشريعي، وآخرون يرون أن المجلس هو نقطة حل الصراعات بين المكونات الثلاثة التي تتكون بها الانتقالية، قوى الحرية والتغيير، والمكون العسكري والمكون المدني. ولكن دوماً هنالك صراعات ما بين المكونات نفسها، بالإضافة لكثرة التباينات العميقة بين المكونات وخاصة مكون الحرية والتغيير بين القوى السياسية المكونة له وصولاً إلى مرحلة الشد والجذب، ما يجعل من هذا التقاطع بين المكونات موضع سؤال يحتاج لإجابة من هذه القوى؟ بالإضافة للانتقاد الواسع من القوى السياسية حول الصراعات التي أصبحت ظاهرة في السطح واعتبروها مهدداً خطيراً لحكومة الفترة الانتقالية، فلمصلحة من تأتي هذه الصراعات والخلافات؟.

ليست رهينة:

قال رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان إن التناحر بين قوى الثورة يجب أن يتوقف، وأكد تمسك المكون العسكري في الحكومة الانتقالية بالشراكة مع قوى الحرية التغيير وأطراف السلام، وأكد البرهان لدى مخاطبته إفطاراً رمضانياً نظمه التجمع الاتحادي وحضرته مكونات الحكومة الانتقالية، إن المكون العسكري يعض بالنواجذ على الشراكة مع قوى الحرية والتغيير ومصمم على إنجاز مهام الفترة الانتقالية، وأضاف “يجب أن ننقل السودان نقلة حقيقية. نعلم أن ذلك ربما كلفنا أرواحنا لكن لا بد من إنجازه. نريد إعادة السودان كدولة رائدة في الإقليم والمنطقة”، وشدد رئيس مجلس السيادة على ضرورة وحدة قوى الثورة، ممثلة في القوات المسلحة وقوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية “الحركات المسلحة”، إلى جانب إكمال هياكل السلطة الانتقالية وعلى رأسها البرلمان، وتابع: التناحر بين قوى الثورة يجب أن يتوقف لأن الفترة الانتقالية لا تحتمل. يجب أن تتوحد قوى الثورة، الشينة والزينة، لأن تشظيها يؤثر على السودان والثورة، وقال إن الحكومة الانتقالية ليست رهينة لأي تبعية أو حلف ولا توجد جهة في العالم تملي عليها للميل شمالًا أو يميناً، لكنها تفعل ما تمليه عليها واجباتها الدستورية.

خلط الأوراق:

وحذر القيادي بالجبهة الثورية عبد الوهاب جميل  عبر (الصيحة) من أن الخلافات بين أطراف الحكومة ستنهي الفترة الانتقالية بلا إنجاز يذكر، وبحسب تعبيره، إذا لم يتوحد الحكام فلن يتوحد السودانيون، لكن خلافات الحكومة أمر غير مستبعد في ظل هذه التقاطعات بين الشركاء ولا يجزي الفترة الانتقالية، لأن الأوراق دائماً يأتي لجسم قوي ومتماسك مضيفاً أن الاختلافات هي موجودة فيما بين المكونات وليست بالضرورة أن يكون الاختراق خارجياً.

المكون الثلاثي:

وقال المحلل السياسي د. الفاتح عثمان محجوب، إن الحكومة الانتقالية تتكون من مكونات ثلاثة أساسية، وهي “المكون العسكري” الذي يمثله الجيش والدعم السريع والأمن والشرطة، إضافة إلى المكون الثاني وهو “تجمع قوى الحرية والتغيير” الذي يتكون من تجمع عدد من الأحزاب والجمعيات والمنظمات الطوعية، وبشكل عام تعتبر “قحت” وهو مختصر المكون الثاني، عبارة عن تحالف عريض لكنه مملوء بالخلافات العميقة حول كل شيء. أما المكون الثالث فهو الذي أتت به اتفاقية جوبا للسلام ويضم “الحركات المسلحة”، التي وقعت على الاتفاقية. وهذه بدورها تنقسم إلى ثلاثة أقسام القسم الأول يضم حركات دارفور، وهذه أيضاً سبق لها أن تقاتلت مع بعضها وبينها اتفاق حول الاتفاقية لكنها مختلفة حول كثير من قضايا الانتقال، أما القسم الثاني فيضم الحركة الشعبية شمال جناح مالك عقار، وهي  تضم من طرده الحلو خارج جنوب كردفان إضافة لمن تبقى مع عقار في الأنقسنا ويضم أيضاً مجموعة اليساريين الشماليين ممن اختاروا البقاء مع مالك عقار بقيادة ياسر عرمان أما القسم الثالث فيضم المسارات التي تم تهميشها في اتفاقية جوبا أي مسار الشرق والوسط والشمال وهؤلاء تم تمثيلهم بشخصيات لا تحوز على وزن كبير في تلك الأقاليم ومواجهون بالرفض التام من أغلب المكونات الرئيسة فيها.

ضعف التنسيق

واعتبر الفاتح محجوب في حديثه لـ(الصيحة) أن  الاختلافات بين شركاء الفترة الانتقالية شيء طبيعي جداً في ظل التباين الكبير الموجود بين الشركاء لكن ما هو غير طبيعي هو الرد الحاد الذي صدر من الناطق باسم مجلس الشركاء حيث قال بوضوح (بأن جبريل إما أن يقبل سياسات الحكومة أو يستقيل من منصبه) فيما انتقد الفاتح رد الناطق هذا الرد الحاد يؤكد على ضعف التنسيق بين الشركاء حول القضايا المختلف حولها مع سعي حثيث لحسم كل القضايا المصيرية قبل تكوين المجلس التشريعي ان تم السماح له بذلك هذا التحذير القوي الموجه لدكتور جبريل يوضح بجلاء أن هناك خطوطاً حمراء يجب على المشاركين في الحكومة الابتعاد عنها تماماً وإلا فليذهبوا غير مأسوف عليهم، وهذا يعني أن الشركاء الأساسيين أي قحت والمكون العسكري لا زالوا هم الجهة التي تقود البلاد وهي التي تريد حسم كل القضايا الخلافية قبل تكوين المجلس التشريعي، وبالتالي لا يمتلك د. جبريل أي مساحات للمناورة طالما هو جزء من حكومة حسمت اختياراتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى