البرهان وهلال.. طي صفحة وبدايات جديدة!

تقرير- عوضية سليمان

على نحو مفاجئ وغير مخطط لها قام زعيم قبيلة المحاميد الشيخ موسى هلال بزيارة إلى رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان تخللتها مصافحة حميمة داخل القيادة العامة معقل القوات المسلحة السودانية. ويقال إن الشيخ موسى هلال فضل للقاء أن يتم بينهم ورئيس مجلس السيادة بالقيادة العامة بدلاً عن قصر الضيافة  والقصر الجمهوري الذي بدأت منه قطيعته السياسية في نظام العهد البائد.. زيارة هلال إلى القيادة تدل على أن الأوضاع تغيرت مما كانت عليه وأن الرجل آن له أن يلعب أدواراً محورية في الراهن والمستقبل بعد أن فتحت له الأبواب على مصاريعها. كما أن اللقاء أكد حالة الرضا والقبول وأن العلاقة بين الرجل والدولة صارت (سمن على عسل).

وذكر محللون سياسيون لـ(الصيحة) أن الحاجة لموسى هلال في هذا التوقيت مهمة جدًا للحكومة في ظل نذر الحرب والمواجهات التي تشهدها دارفور بما يملكه الرجل من شخصية قيادية وكاريزما إدارة أهلية سوف يساعد في إطفاء الأزمة هناك بقدراته العالية على إدارة الشأن الأهلي.

ويرى مراقبون أنه وفي ظل مقتل الرئيس التشادي إدريس دبي فمن المحتمل أن تلقي تلك الأحداث بآثار سلبية على كل المنطقة لجهة أن  تشاد متاخمة للشريط الحدودي، وأن هلال سوف يدعم اتفاقية السلام في دارفور لأنه صاحب زعامة قبلية وله نفوذه وعشيرته، غير أن الشيخ يملك قوات كبيرة سوف تسهم وتشارك في المرحلة المقبلة وأصبح الحدث الأهم للكثيرين. حيث تكثر الاستفهامات للكثير من المهتمين بالشأن السياسي للشيخ موسى هلال في ظل ترقب الشارع، ويتساءل بعد خروج هلال أين موقعه من الحكومة الانتقالية، ولكن زيارته للقيادة العامة قطعت طريق التساؤل بأن هلال مرغوب فيه، فهل ستكون الزيارة انطلاقاً وتدشينا لمشوار جديد للشيخ هلال في إطار العمل التنفيذي داخل حكومة الفترة الانتقالية أم أن الزيارة لا تبتعد كثيراً عن العلاقات العامة التي لا تنطوي على أبعاد سياسية؟.

تأثيرات هلال

بدأ شيخ المحاميد موسى هلال نشاطه السياسي والاجتماعي في إطار الإدارة الأهلية في فترة الأحزاب وإبان عهد الديمقراطية الثانية وبعد ظهور حالة الاستقطاب الكبيرة التي جرت بين بعض القبائل في دارفور فقد لعب موسى هلال دوراً محورياً ومهماً خلال تلك الحقبة واستطاع هلال ليكون أنسب قائد إدارة أهلية في دارفور، وقد شهدت فترته كقائد لقبيلة المحاميد محطات مهمة في حاضر ومستقبل السياسة السودانية وتاريخ الإقليم الذي لا زالت تحاصره الصراعات الإثنية رغم التوقيع على اتفاق السلام بين الحركات المسلحة والحكومة الانتقالية بعاصمة الجنوب جوبا مؤخراً. ويأتي واقع الحال لجهة أن كثيرين غير راضين عما تحقق من نتائج الحوار بين الحكومة وتلك الحركات التي لم تستطع حتى الآن إخماد نيران الصراعات القبلية بدارفور. لذلك يرى كثيرون أن مقبولية الرجل ومواقفه التي باتت متزنة ومقبولة للكثير من أبناء دارفور يمكن أن تجعله يساهم في حلحلة القضايا الشائكة في الإقليم.

طي صفحة

بعد خروج الشيخ موسى هلال من المعتقل التقته عدة قيادات أبرزها قائد ثاني الدعم السريع عبد الرحيم دقلو بمنزله بضاحية أركويت استطاعت الأطراف مجتمعة طي صفحة الماضي والاتفاق على محاربة الاقتتال القبلي في دارفور وحل كافة الخلافات الداخلية بين مكونات مجتمع المنطقة ونبذ القبلية والجهوية، فيما أشاد هلال بالسلام الذي تحقق مع حركات الكفاح المسلح. وكشف هلال للقيادات الأهلية التي توافدت لاستقباله ومباركة خروجه من المعتقل عن لقاءات جمعت بينه وبين عضو مجلس شركاء الفترة الانتقالية قائد ثاني قوات الدعم السريع الفريق عبد الرحيم دقلو خلال فترة اعتقاله، وأشار هلال إلى أن جهود الفريق عبد الرحيم دقلو أسهمت بصورة كبيرة في التسوية التي تمت والحل الذي تحقق، وأضاف أن هذه اللقاءات مهدت الطريق أمام حل كافة القضايا الخلافية بينه والسلطات الحكومية.

علامة رضا

ويرى المحلل السياسي الرشيد أبو شامة لـ(الصيحة) أن زيارة زعيم قبيلة المحاميد موسى هلال لرئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان بالقيادة العامة تكشف عن علامة رضا تام من قبل الحكومة عن الزعيم موسى هلال، وأردف أن الحكومة فتحت بابها له داخل القيادة وهذه رسالة واضحة لا تحتاج إلى تحليل أو تفسير، وهذا متفق عليه من كل القوى السياسية بأن خروج هلال له أبعاد سياسية كبيرة، وأضاف أبوشامة أن زيارة هلال للبرهان تدل وتقول “نحن الاثنين سمن على عسل”، وفي أجمل حالات الصفاء والنقاء إشارة لتدارك المواقف السابقة والانتقال لمواقف مبدئية جديدة قد يكون للرجل فيها نصيب من الأهمية. وزاد أبوشامة أن البلاد اليوم في حاجة كبيرة لمثل هذه الزيارات لما لها من وقع  وتحديدًا في هذا الوقت لأن  دارفور ملتهبة بالحروب والمشاكل ولم تخمد نارها وأن حاجة هلال الآن أقوى بعد مقتل دبي ومشاكل الشريط الحدودي يحتاج السودان فيها إلى حكمة الشيخ موسى هلال باعتبار أنه زعيم قبيلة كبيرة في تلك المناطق.

وكشف عن أن هلال يمكن أن يلعب دوراً كبيراً في عملية السلام في دارفور.

دلالات وملفات

جمع اللقاء بين رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان وزعيم الصحوة الثوري موسى هلال، وأوضح هلال أن اللقاء يأتي في إطار التحية والمجاملة بمناسبة شهر رمضان، مبيناً أنه أول لقاء رسمي له برئيس مجلس السيادة، وأضاف أن اللقاء تطرق للقضايا التي تهم الوطن والمواطن.

ويقول الخبير والمحلل السياسي عبد الرحمن أبوخريس لـ(الصيحة) إن لزيارة هلال للبرهان دلالات كثيرة خاصة وأن للرجلين معرفة قديمة من خلال الملفات الكبيرة التي اضطلعا بها في دارفور في أوقات سابقة، وقال إن هلال يستطيع أن ينجز بعض الأهداف خاصة وأن للرجل دراية ودربة كبيرة في الشأن الدارفوري المتأزم، مشيرًا إلى الاستقطابات الكبيرة داخلياً وحارجيًا لبناء توازنات تحقق مصالح دول خارجية مؤكدًا أن هلال لا يمكن تجاوزه وتجاهله لقدراته التي تمكنه من لعب دور سياسي.

وأشار خريس إلى أن البرهان وهلال يمكن أن يشكلا تحالفًا كبيرًا لخلق توازن جديد يشمل أهله في المنطقة خاصة وأن تغييرات المنطقة في تشاد قد تمكن من لعب أدوار جديدة لهلال يستفيد منها السودان من خلال إطفاء حرائق الأزمات التي قد تنشأ نتاج هلامية المنطقة التي تعج بتماسك قبلي رخو وهش.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى