الانتقالية.. ملفات لم تكتمل..!

 

تقرير: أمنية مكاوي

الحديث الذي بدأ سراً تحول لجهر وماضٍ في الانتشار، حول عدم استكمال هياكل السلطة السودانية بعد تكوين الحكومة الانتقالية بحسب اتفاق جوبا للسلام في العام الماضي، ولم يعد ذلك سراً، إذ استحوذ المجلس التشريعي على ركن صار قصياً على الانتقالية الوصول إلى تكوينه رغم التحديدات الزمنية لاتفاقية جوبا، فقد اتفق الطرفان على أن يتم تكوين المجلس التشريعي في مدة (60) يوماً أي خلال شهرين من توقيع الاتفاقية.. وغاب التشريعي منذ أن شكلت الحكومة قبل عام ونيف عن الحكم في ظل الوقت الذي يمر فيه السودان بأزمات سياسية قبل الاقتصادية، ويحتاج فيها إلى تداول أمره بين أهل الشأن الممثلين في الحكومة الانتقالية التي تضم عددا كبيراً من القوى السياسية.

وترى قيادات بالحرية والتغيير، أن النسب التي تم الاتفاق عليها ووضعت في اتفاقية جوبا مبدئية وأخلاقية وموضوعية يصعب نقاشها، لأسباب متعلقة بفتح الطريق لتنفيذ الاتفاق واستكمال معالجة المرحلة الانتقالية بوضع لبنة مهمة لمشاركة الذين لم يشاركوا في الاتفاق؛ واللبنة تقتضي أن تكون هناك شفافية في خطوات تنفيذ الاتفاق وتهيئة المناخ لاستكمال المرحلة الانتقالية.

وبحسب متابعات (الصيحة) لملف المجلس التشريعي، فإن هنالك لجنة تم تكوينها في وقت سابق عبر المجلس المركزي لترتيب مشاركة كل أعضاء الحرية والتغيير لتمثيل متوافق عليه لتكوين المجلس التشريعي. وأكدت عدد من التصريحات أن اللجنة تعمل على وضع تصور مكتوب عن التشريعي، وأوضحت المركزية أن التفاهم والحوار مع الجهاز التنفيذي ومجلس السيادة حول تدشين هيكل المجلس بحكم مشاركة المكون العسكري وفقاً للوثيقة الدستورية في تشكيل المجلس التشريعي، لكن بعد كل هذا الجهد تم انتقاد بعض القوى المعارضة لعدم التشكيل واستكمال هياكل السلطة، وظل الوضع مستمراً لأكثر من عام وإلى الآن، هنالك يضيع الوقت مع مرور فترة الانتقالية.

انسحابات وتجميد:

أقر القيادي بالجبهة الثورية السودانية عبد الوهاب جميل في تصريح لـ(الصيحة) بقوله: نعم من المؤكد أن هناك تأخيراً غير مبرر في تشكيل المجلس التشريعي، وهو أهم سلطة في هياكل السلطة الانتقالية وعدم قيامه يؤكد عدم أهلية شركاء الحكم في قيادة الدولة والعبور بها لبر الأمان.

وأحياناً يبدو أن عدم قيام التشريعي مقصود من الشركاء لأنه يحسم فوضى التصرفات الفردية للوزراء ويخضعهم للمحاسبة والاستدعاء، ويسحب البساط من تغول السيادي ومجلس الوزراء في إجازة وسن وإصدار التشريعات والقوانين، لأنهم الآن يتمتعون بهذه السلطة التي منحتهم إياها الوثيقة الدستورية المعيبة.

ومن أهم التحديات التي تواجه تشكيل وإعلان قيام المؤسسة التشريعية بالبلاد هي الخلافات في النسب بين مكونات قوى إعلان الحرية والمجلس التشريعي يختلف في تكوينه عن مجلس الوزراء الذي تم عن طريق المحاصصة ولا يمكن أن يخضع التشريعي لرغبة ورؤية وأمزجة عدد محدود من عناصر المجلس المركزي لقوى إعلان الحرية والتغيير لينالوا نصيب الأسد لصالح مكوناتهم، وتغيب معظم مكونات قوى الحرية والتغيير خاصة وأن هنالك احتجاجات وانسحابات وتجميد لعضويات في المجلس المركزي الذي سوف يفقد الأهلية ما لم يتم قيام مؤتمر لإصلاح حال الحرية والتغيير وتصبح حاضنة فعلية شاملة وجامعة أيضاً هناك نسبة المكون العسكري وفقاً لما هو مثبت في الوثيقة الدستورية ويجب عدم التدخل فيها باعتبارهم شركاء ولكن بعض الجهات تريد تنفيذ وصاية على هذه النسبة.

عموماً السبب الأساسي في التأخير هو عدم التوافق على توزيع ومحاصصة مقاعد التشريعي الخاصة لقوى إعلان الحرية والتغيير.

كيفية التوزيع:

وقال المحلل السياسي د. الفاتح عثمان محجوب، إن من الواضح هناك جهات نافذة في قوى الحرية والتغيير أرادت حسم معظم القضايا التشريعية وإجازة اتفاقيات السلام وقبل أن يتم تكوين المحلس التشريعي الذي لن يكون خالصاً لقوى الحرية والتغيير كما جاء في الوثيقة الدستورية. ويمكن ملاحظة أن المحكمة الدستورية ولجنة استئنافات لجنة تفكيك التمكين كلها مؤجلة، في إشارة لعدم وجود رغبة في إكمال تلك الأجهزة قبل أن يتم الفراغ من معظم القضايا التي تريد قوى الحرية والتغيير حسمها قبل تكوين المحلس التشريعي.

وفي حديثه لـ(الصيحة)، انتقد محجوب موقف الحرية والتغيير، من جهة أخرى هنالك  تبرير لجهات تمثل قوى الحرية والتغيير بأن عدم تكوين المجلس التشريعي بوجود خلافات حول كيفية توزيع نصيب قوى الحرية والتغيير في المجلس على الأحزاب السياسية المكونة لقوى الحرية والتغيير، رغم من أن النسب تم توضيحها حسب سلام جوبا، لكن من الواضح أن هذا التأخير هو عدم التوصل إلى تفاهمات ما بين القوى السياسية أجمع، وأيضاً لا تنسى ظهور خلافات الجبهة الثورية السودانية الذي يتضح يوماً بعد يوم، وكل هذه الإشكاليات تعتبر تحديات مرحلة انتقالية.

شد وجذب:

تأخير تشكيل المجلس التشريعي جعل مجلسي السيادة والوزراء يقومان بدورهما في عقد اجتماع مشترك يسمح لهما بإجازة القوانين والتشريعات في وقت سابق، وسط انتقادات شديدة من قبل ناشطين وأحزاب وقوى سياسية حملت المجلسين أسباب تأخير تشكيل المجلس، وهو ما يرد عليه مسؤولون في المجلس بأن السبب يرجع إلى انتظار التوافق، وفي هذا الصدد، برأي  محللين سياسيين أن تأخر المجلس التشريعي لأسباب “غير معلومة” يعني التأخر في إكمال هياكل السلطة الانتقالية وكأنه شيء لا يهم أطراف السلطة، وذلك يعني تعطيل إجازة قوانين مرتبطة بالتحول الديمقراطي، ومكافحة الفساد، الدستور الانتقالي والعدالة الانتقالية، رغم أن هناك بعض القوانين لها ارتباط بالمفوضيات.

وانتقد محللون سياسيون السلطة الانتقالية وقالوا إنها كانت في انتظار توقيع اتفاق السلام ليشمل البرلمان أكبر تنوع جيوسياسي، وبعد توقيع الاتفاق لم يتم التشكيل بسبب حالة الشد والجذب (بين مجلس السيادة والقوى السياسية)، وهي دوماً تشكل عاملا أساسياً في أي إعلان تنفيذي أو تشريعي في السودان، وإن هنالك تبريراً بحسب بعض المراقبين أن التأخير يعود لرغبة شركاء السلطة الانتقالية في ممارسة سلطات التشريع وإجازة القوانين بسهولة دون تعقيد.

وفي السياق نفسه، هناك آخرون يرون أن التأجيل المتكرر للمجلس التشريعي يعود لانتظار القادمين من أطراف الحركات المسلحة التي لم توقع على اتفاق السلام وهم السبب في تأخير تكوين التشريعي كاستحقاق دستوري وفق دستورية وشرعية اتفاقية السلام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى