الانتهازية السِّياسيَّة.. الاستثمار في الأزمات!!

 

تقرير- نجدة بشارة

الأزمات قد (تولد) الانتهازيين، أو ربما هكذا فسّرت بعض القوى السياسية من الأحزاب، وبينهم شركاء الحكومة السابقة، الأوضاع الهَشّة والأزمات ليستغلوا بها ظروف البلاد المُتمثلة في تدهور الاقتصاد، وجائحة كورونا، لاقتناص الفرص (والاصطياد في الماء العكر)، بمحاولة كشف سوءات الحكومة الانتقالية ومواضع الضعف فيها، ليزيدوا من رصيدهم السياسي. ومؤخراً نشط بعض السياسيين من داخل هذه الأحزاب في انتقاد الحكومة بالحديث سراً وجهراً عن ضعف أدائها، حتى إنهم حدّدوا ميقاتاً لقرب أوان زوالها..!

وفي حديثٍ سابقٍ لرئيس حزب الأمة مبارك الفاضل المهدي، أشار إلى قناعة كثير من الأحزاب والقوى السياسية بفشل الحكومة الانتقالية، خصوصاً حزبي الأمة القومي والمؤتمر السوداني، اللذين يسعيان إلى واقع جديد يحقق طموحات أهل السودان، ليس ذلك فحسب، حيث نشط عددٌ كبيرٌ من سياسيي أنصار النظام السابق وشركائهم من الأحزاب السياسيين على منصات التواصل الاجتماعي من توجيه انتقادات لاذعة للحكومة بسبب مطالبها لإغلاق العاصمة تحسباً لجائحة كورونا، وشرعوا بالطعن في مصداقيتها، لدرجة التقليل من خطورة كورونا، والذهاب في اتجاه أن الدعوة للحظر الشامل مُجرّد خطة لجأت اليها الحكومة لإخفاء آثار الانهيار الاقتصادي.

وتساءل متابعون عن تأثير مثل هذه الممارسات السياسية التي وصفوها (بالرخيصة) في التأثير على حكومة حمدوك؟ ولماذا يلجأ بعض السياسيين الى الانتهازية والحيل السياسية في إظهار ضعف الحكومة مقابل تلميع أحزابهم على حساب إحباط المواطن؟

الانتهازيون من هُم؟

وقال الفاضل في حديثه لبرنامج تلفزيوني، إنّ المكون العسكري قد وصل إلى قناعة لا تتزحزح بأنّ الشق المدني غير مرجو منه، وبعيد جداً عن قضايا وهموم الناس ومعاشهم، وذلك لعدة أسباب، أهمها ضعف الخبرة، والاهتمام بقضايا انصرافية لا تهم الناس في الوقت الراهن، وقال مبارك، إن الأداء الاقتصادي للدولة مُتراجعٌ، كما تُواجه الحكومة أزمات في ملف السياسة، وإنه حال فشل المُكوِّن المدني في هذه الفترة، فإنّ الشعب سيوافق على أيِّ إجراءات ليست في الحسبان تتّخذها القوات المسلحة للحفاظ على استتباب الأمن وإصلاح معاش المواطنين.

فيما لم يذهب بعض المُحلِّلين بعيداً و رأوا أن شماتة الأعداء الآن باتت أشد وطأةً مما اقترفوه من المظالم في عهدهم البائد، وقالوا إن كثيراً من أنصار النظام السابق أصبحوا انتهازيين يتقنون فن تفصيل الأقنعة، وقادرون، ومن دون حياء أو خجل بأن يقدموا أنفسهم مجدداً (ليبعثون) رغم سقوطهم المشهود والانتهازي من أحزاب الفكة، لديهم قدرة فائقة على تمييز الأكتاف ونوعيتها، فهم يعرفون جيداً الكتف التي تُؤكل، والأخرى التي يربت عليها، والضعيفة التي يتسلّقونه ليصعدوا عليها.

أسس وأخلاق

ويرى المحلل السياسي عبد الرحمن أبو خريس، أنّ الممارسة السياسية في السودان تفتقر إلى أخلاقيات الممارسة وسط بعض السياسيين، حيث يسعى بعضهم إلى توظيف الأحداث والأزمات التي تُواجه الحكومة لتقليل أدائها ونعتها بالضعف، وأردف في حديث لـ(الصيحة): إن الأحزاب المعارضة في السودان على السواء السابقة والحالية، تتقن ذات الممارسات دون النظر بالاعتبار إلى الوطن والمُجتمع، وكأنها ضده، وأن الصراع السياسي في السودان ليس قائماً على الأسس والمبادئ، وقال إنّ الأوضاع الصحية الآن ظاهرة عالمية لا تقتصر على بلادنا، وكان حريٌّ بالسياسيين التضامُن الآن على الأقل مع الحكومة وترك مُمارسة (لعبة المصالح) حتى انجلاء الأزمة ثم لكل حديث مقال.

فيمَ يستثمرون؟

عقب الثورات عادةً ما ترتفع توقُّعات الناس إلى عنان السماء، وعادة ما تعجز أيِّ سلطة انتقالية عن تلبية الجانب الأكبر من هذه الطُموحات، وهو ما يؤدي إلى انتكاسة أو ميلاد نظام يكون في بعض الأحيان أكثر هَشاشةً، وبالتالي يُساهم في نشاط المُعارضة المُضادة التي تَسعى للاستثمار في هذه الثغرات من الأزمات التي ورثتها حكومة الثورة، لتُواجهها بها لتقصير المرحلة الانتقالية، وصحيحٌ إنّ السلطة الانتقالية بحكم التعريف بها هي في الأساس سُلطة ضعيفة، لأنّها من ناحية غير مُنتخبة، ومن ثَمّ ليست مطلقة اليد بشكلٍ كاملٍ كسُلطة تنفيذية وفق نظام التوازن والمُحاسبة الذي يضمنه وجود سُلطات ثلاث مستقلة: التنفيذية والتشريعية والقضائية، إلا أنّ الانتهازية السياسية عُرفت على أنها الممارسة الواعية للاستفادة الأنانية من الظروف، وهناك من رأي أن الانتهازية تحوّلت في الحياة العامة إلى سلوك بشري تُمارسه شريحة من الناس هم أرباب مصالح.

بورصة

المحلل السياسي د. عبد الله آدم خاطر، قال إنه من الصعب أن نتحدث عن الممارسات والصراع الذي يدور في الساحة السياسية الآن بأنها حالة انتهازية سياسية كاملة، خاصّةً وسط ما نعانيه من صُعُوبات وأزمات حالياً، وفي ظل خروج البلاد من أزمة ضخمة، هي أزمة نظام، ظل يجثم على صدرها ثلاثين عاماً.. وهذا يتطلب الكثير من الجُهُود لإعادة بناء الدولة، وبذلك الاعتماد على قُوة العمل المُشترك في التّواصُل بين القيادة والقاعدة الشعبية وهذه مثلها والبورصات تعلو وتهبط، وأعتقد أنّ الموالين للنظام السابق، (يطربون) لمثل هذه الأزمات، للاستثمار في مكاسبهم الذاتية..!

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى