مطالب الجبهة الثورية.. نسب مشروعة أم سقف تفاوض؟

تقرير: نجدة بشارة

قفزت الجبهة الثورية  فوق طاولة المفاوضات الجارية بين المجلس العسكري وإعلان قوى الحرية، و”فضلت  التغريد خارج سرب القوى”، بيد أن إعلانها  التفاوض بصفة منفردة ومطالبتها للحركات المسلحة  بـ (35%) من جملة التمثيل بالسلطة الانتقالية (المجلس السيادي والجهاز التنفيذي  والتشريعي) إطاراً  للسلام.

 ولعل حديث  رئيس الجبهة الثورية مني أركو مناوي في حوار بصحيفة سياسية  “بأن الحركات المسلحة هي أصل الثورة وليس المدنيون في (قوى التغيير) قلب بها  الموازين والأعراف التي سادت منهج التفاوض المُتبنّى من قبل  قوى الحرية والتغيير منذ البدايات، وبدت كنذير شؤم لتصدع هذه القوى، وفاجأ رئيس الجبهة الثورية مني أركو مناوي المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير بمطالبه التي اعتبرها مشروعة حتى يتسنى لهذه الحركات إعادة بناء هياكل الدولة وإزالة آثار الحرب وترتيب إعادة هيكلة المؤسسات المدنية.

 إلا أن مطالب الجبهة الثورية أثارت جدلاً بين مؤيد لهذه المطالب واعتبارها شرعية وبين رافض لهذه المطالب باعتبار أن الفترة  الانتقالية خاصة بتيار شعبي محدد، وأن يقتصر دور الحركات  فيها للتأسيس لقضايا السلام.

دواعي السلام

وكان رئيس الجبهة الثورية مني أركو مناوي قد فاجأ المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير بمطالبه، وشدد مناوي في بيان على حرص الجبهة على المشاركة في تشكيل المشهد الوطني من داخل السودان، لكنه رهن ذلك بإكمال ترتيبات وقف الحرب وبدء وقف إطلاق نار حقيقي وتدشين العملية التفاوضية وصولاً لاتفاق سلام نهائي يمنح فرصة كافية للحراك المدني في جني ثمار الثورة.  وقال إن القراءة الخاطئة من النخب السياسية ستفضي لحلول تتقاصر عن تطلعات السودانيين، وأكد على أهمية إعطاء قضية الحرب والسلام الأولوية اللازمة، وقال:” هنالك فرصة تاريخية لإحداث مصالحة وطنية حقيقية ويجب اغتنام هذه السانحة”.

 مطالباً القوى السياسية بلالتقاء عاجلاً لصياغة رؤية موحدة حول كيفية إنجاز الانتقال المدني الشامل، داعياً لفك احتكار الفرص وإشراك عنصري الشباب والمرأة في الميادين السياسية.

سيناريو الانسحاب

وكانت الجبهة الثورية قد هددت بالانسحاب من التفاوض مع المجلس العسكري بمعزل عن بقية قوى المعارضة في حال استمرار غياب الهيكل التنظيمي الذي يشمل تمثيل كل التنظيمات الموقعة على ميثاق قوى الحرية والتغيير. وأكد رئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم التمسك بعضويته في نداء السودان وقوى الحرية والتغيير، إلا أنه أوضح وجود عدم رضا متعاظم لدى الجبهة من أسلوب إدارة قوى التغيير للحوار في ظل غياب الهيئة التنظيمية المتفق عليها أو جسم مرجعي يرسم السياسات ويتخذ القرارات الأساسية، وقال:”هنالك لجنة صغيرة تكونت في ظروف غامضة ذات تمثيل محدود تسمى نفسها التنسيقية اختطفت قرار قوى التغيير، وجعلت نفسها مرجعاً للجنة التفاوض وكل اللجان.

 وقال إن استمرار تغييب الجبهة الثورية من آلية اتخاذ القرار والمفاوضات مع المجلس بالأضافة للقاءات الوسطاء الإقليميين والدوليين سيضطر الجبهة لشق طريقها بمعزل عن قوى الحرية والتغيير.

ضد الإقصاء  

في إطار حسن النوايا أصدر رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان قراراً رقم (230) لسنة 2019 بالعفو العام عن أسرى حركة جيش تحرير السودان وإطلاق سراح (235) ، وباركت الخطوة واعتبرتها نوايا طيبة من قبل المجلس العسكري تصب في إيجابية التفاوض، وقال القيادي بحركة تحرير السودان الثورة الثانية محمد إدريس في حديثه لـ(الصيحة) إن هيمنة قوى  الحرية والتغيير على المشهد التفاوضي وإقصائها للحركات المسلحة قادت الجبهة الثورية للانسحاب من التفاوض ضمن هذه القوى ولمطالبتها بنسبة (35%) للتمثيل في الحكومة الانتقالية، ويرى أن ذلك مطلباً طبيعياً لجهة أن الحركات سبقت قوى التغيير بالمقاومة والنضال الطويل لهذه الحركات.

وأضاف إلا أن قوى التغيير باتت تعمل بصورة إقصائية وتتخذ ذات منهج الإنقاذ، إذ لم تستصحب أحزابها  داخل المفاوضات مجازر دارفور وأكثر من (500) ألف مواطن قتلوا بدارفور، لذلك من الحكمة أن تلجأ الحركات للتفاوض مع المجلس العسكري كلٍّ على حدة.

وعبر إدريس عن تفاؤله بخطوة الجبهة الثورية ومطلب مني، وقال: المجلس العسكري ليس طرفاً في الصراع الطويل للحركات المسلحة، كما أن للمجلس الرغبة في تحقيق السلام الشامل.

ضرورية

فيما ذهب المحلل السياسي، والمراقب للعملية السلمية بدارفور، د. عبد الله آدم خاطر في حديثه لـ(الصيحة) إلى أن الحكومة الانتقالية المرتقبة يجب أن تكون ذات مكون شعبي مناهض للشمولية وبداية لتصفية النظام السابق بمحاوره الثلاثة (الإعلامي، المالي، الأمني) المسيطرة على أجهزة الدولة، وبالتالي التمهيد للعملية الديمقراطية حتى أدنى مستويات الفدرالية، ويرى أن مشاركة الجبهة الثورية ضرورية في إطار العملية (السلمية) فقط وليس في إطار وضع الأسس للحكومة الانتقالية، وقال إن هنالك مقترحاَ سابقاً بأن تكون فترة الستة شهور الأولى بالانتقالي لمعالجة قضايا السلام في السودان، بحيث أن القوى المقاتلة تكون جزءاً من العمل المدني مستقبلاً. وأردف بأن الدعوة تفسر في سياق كيف تتحول هذه الحركات إلى عمل مدني في إطار بناء الدولة وركائز السلام بالتعاون مع كل المكونات في الحكومة الانتقالية ليتجاوز بذلك السودان حالات العنف للأبد.

قسمة النسب

القيادي والمتحدث باسم حركة  العدل والمساواة أحمد عبد المجيد دبجو قال لـ (الصيحة) بأن أكبر مكون في قوى الحرية والتغيير قال كلمته ومضى في مسار مختلف وبعيداً عن قوى التغيير، كما سبقه بخطوات التوم هجو معتبراً أن ذلك دليل تصدع وتباين  داخل التغيير، وهذا يشي بأنها لم تعد تملك الأرضية السابقة، ولم تعد على قلب رجل واحد حسب قوله، وأشار دبجو  إلى أن الحلول الممكنة في هذه الحالة أن تقسم النسب بين مكون  الحرية والتغيير، وأضاف: أعتقد أن المجلس العسكري سينظر لهذه المطالب بعين الاعتبار باعتبار أن السلام واحد من أهم رغبات الشعب السوداني. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى