تأخير إعلان المجلس التشريعي .. خلافات القوى السياسية واستكمال مطلوبات الثورة

 

الخرطوم- أمنية مكاوي

يمثل عدم استكمال هياكل السلطة الانتقالية أحد أكبر التحديات التي تواجه حكومة “حمدوك” كون أن البلاد تسير منذ سقوط النظام السابق بلا محكمة دستورية ولا حكومات ولائية، غير أن غياب المجلس التشريعي يمثل أبرز تلك التحديات كون أن المجلس منوط به تعديل القوانين والمصادقة على الاتفاقيات الدولية وغيرها من المهام، بيد أن أبرز مهامه تتمثل في مراقبة أداء الحكومة خاصة الأداء المالي فضلًا عن العمل على تحقيق أهداف ثورة ديسمبر.

بحسب اتفاق جوبا للسلام في العام الماضي، فإن الطرفين اتفقا على أن يتم تكوين المجلس التشريعي في مدة (60) يوماً أي خلال شهرين من توقيع الاتفاقية، وفي كثير من المرات خرج مسؤولون حكوميون ليضربوا موعدًا لإعلان تشكيل المجلس بيد أنها في كل مرة تثبت الأيام أنها مواعيد ضربت فقط لشراء الوقت إذ دائماً ما يمر الموعد دون ان يتحقق الوعد.

أزمات

غياب المجلس التشريعي في ظل ما يمر به السودان من أزمات سياسية قبل الاقتصادية يمثل خللاً كبيراً إذ أن الواقع يحتم أن يتم تداول تلك الأزمات بواسطة برلمان يمثل الشعب وأن تعمل سلطة الشعب رأيها وأن لا يترك الأمر فقط لتنظيرات الحكومة الانتقالية التي تضم عددا كبيراً من القوى السياسية، غير أن أزمات تكوين المجلس ظلت عائقاً كبيراً في ظل المحاصصات التي تم الاتفاق عليها فكل جهة سواء كانت الحكومة أو حركات الكفاح المسلح أو حتى لجان المقاومة تريد أن يكون لها الوجود المقدر لتمرير أجندتها لاحقاً.

وترى قيادات بالحرية والتغيير أن النسب التي تم الاتفاق عليها ووضعت في اتفاقية جوبا مبدئية وأخلاقية وموضوعية يصعب نقاشها لأسباب متعلقة بفتح الطريق لتنفيذ الاتفاق واستكمال معالجة المرحلة الانتقالية بوضع لبنة مهمة لمشاركة الذين لم يشاركوا في الاتفاق واللبنة تقتضي أن تكون هناك شفافية في خطوات تنفيذ الاتفاق وتهيئة المناخ لاستكمال المرحلة الانتقالية، وبحسب متابعات صحيفة الصيحة لملف المجلس التشريعي أن هنالك لجنة تم تكوينها في وقت سابق عبر المجلس المركزي لترتيب مشاركة كل أعضاء الحرية والتغيير لتمثيل متوافق عليه لتكوين المجلس التشريعي.

قيد التنفيذ

كشفت مركزية قوية الحرية والتغيير عن التئام اجتماع للجنة الترشيحات بقوى الحرية والتغيير لاستلام ترشيحات الكتل وممثلي الولايات للمجلس التشريعي وستدفع لجنة الترشيحات بتقريرها  النهائي إلى اجتماع المجلس المركزي للحرية والتغيير والذي سيلتئم “الثلاثاء”، وكشف عضو المجلس المركزي للحرية والتغيير أزهري علي لـ(الصيحة) عن تقرير خطابات للولايات تم بموجبها تحديد زمن نهائي لها لإرسال تقاريرها لأنها بعد حسم الخلافات بالولايات حول ترشيحات أعضاء المجلس التشريعي، وشدد على أن الانتظار لن يجدي، وأن المجلس التشريعي لن يتعطل وسيتم تكوينه في الموعد المحدد، وأشار أزهري إلى أن الخلافات ببعض الولايات لن تعطل تشكيل المجلس التشريعي وسيتم ذلك في الموعد المحدد له، وكشف عن أن الأحزاب المنضوية تحت نداء السودان مازالت مواصلة في الكتلة ومن المقرر أن يكون المجلس التشريعي من ٣٠٠ مقعد، منها ١٦٥ اختارتهم قوى الحرية والتغيير و٧٥ عضواً ترشحهم الجبهة الثورية، أما بقية المقاعد فستوزع على فئات عديدة وذلك بالتشاور بين قوى الحرية والتغيير والمكون العسكري بمجلس السيادة .

استبعاد الإعلان  :

أقر القيادي بالجبهة الثورية السودانية عبد الوهاب جميل في تصريح لـ(الصيحة) بوجود تأخير غير مبرر في تشكيل المجلس التشريعي رغم كونه يمثل أهم سلطة في هياكل السلطة الانتقالية، وأشار إلى إن عدم قيامه يؤكد عدم أهلية شركاء الحكم في قيادة الدولة والعبور بها لبر الأمان، وقال “أحياناً يبدو أن عدم قيام التشريعي مقصود من الشركاء لأنه يحسم فوضى التصرفات الفردية للوزراء ويخضعهم للمحاسبة والاستدعاء، ويسحب البساط من تغول السيادي ومجلس الوزراء في إجازة وسن وإصدار التشريعات والقوانين لأنهم الآن يتمتعون بهذه السلطة التي منحتهم إياها الوثيقه الدستورية المعيبة”، لكنه أكد وجود تحديات تواجه تشكيل وإعلان قيام المؤسسة التشريعية بالبلاد تتمثل في الخلافات في النسب بين مكونات قوى إعلان الحرية والمجلس التشريعي يختلف في تكوينه عن مجلس الوزراء الذي تم عن طريق المحاصصة ولا يمكن أن يخضع التشريعي لرغبة ورؤية وأمزجة عدد محدود من عناصر المجلس المركزي لقوى إعلان الحرية والتغيير لينالوا نصيب الأسد لصالح مكوناتهم وتغيب معظم مكونات قوى الحرية والتغيير خاصة وأن هنالك احتجاجات وانسحابات وتجميد لعضويات في المجلس المركزي الذي سوف يفقد الأهلية ما لم يتم قيام مؤتمر لإصلاح حال الحرية والتغيير وتصبح حاضنة فعلية شاملة وجامعة، أيضاً هناك نسبة المكون العسكري وفقاً لما هو مثبت في الوثيقة الدستورية ويجب عدم التدخل فيها باعتبارهم شركاء، وقال “لكن بعض الجهات تريد تنفيذ وصاية علي هذه النسبة”. وأضاف “عموماً السبب الأساسي في التأخير هو عدم التوافق على توزيع ومحاصصة مقاعد التشريعي الخاصة بقوى إعلان الحرية والتغيير”.

كيفية التوزيع:

قال المحلل السياسي د. الفاتح عثمان، من الواضح أن جهات نافذة في قوى الحرية والتغيير أرادت حسم معظم القضايا التشريعية وإجازة اتفاقيات السلام وقبل أن يتم تكوين المحلس التشريعي الذي لن يكون خالصاً لقوى الحرية والتغيير كما جاء في الوثيقة الدستورية ويمكن ملاحظة أن المحكمة الدستورية ولجنة استئنافات لجنة تفكيك التمكين كلها مؤجلة في إشارة لعدم وجود رغبة في إكمال تلك الأجهزة قبل أن يتم الفراغ من معظم القضايا التي تريد قوى الحرية والتغيير حسمها قبل تكوين المحلس التشريعي، وانتقد في حديثه لـ(الصيحة) موقف الحرية والتغيير من جهة أخرى لأن هنالك تبرير جهات تمثل قوى الحرية والتغيير أن عدم تكوين المحلس التشريعي بوجود خلافات حول كيفية توزيع نصيب قوى الحرية والتغيير في المجلس على الأحزاب السياسية المكونة لقوى الحرية والتغيير، وقال “رغم أن النسب تم توضيحها حسب سلام جوبا، لكن من الواضح أن هذا التأخير هو عدم التوصل إلى تفاهمات ما بين القوى السياسية أجمع، وأيضًا لا تنسى ظهور خلافات الجبهة الثورية السودانية التي تتضح يوماً بعد يوم وكل هذه الإشكاليات تعتبر تحديات مرحلة انتقالية لذلك ويستبعد تكوين المجلس وإعلان الحرية والتغيير لمرشحيها، لأنه من الواضح أن هنالك خللاً في تسليم مرشحي الولايات” .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى