لجان الفترة الانتقالية.. السير على الأشواك

 

أخطر القرارات جاءت من لجنة إزالة التمكين

لجنة فض الاعتصام: لا زال  التقصِّي  مُستمراً

هل تُعيد لجنة إعادة المفصولين البسمة المفقودة

(قحت) تُكوُّن لجنة لمراقبة أداء الحكومة

 

 الخرطوم: النذير دفع الله

ربما الناظر لعدد تلك اللجان التي تم تكوينها خلال الفترة الانتقالية سواء كانت بقرار وزاري أو مبادرات، إلا أن الواقع حتى اللحظة لم يأت بجديد حول ما توصّلت إليه تلك اللجان, إلا من لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد التي بدأت بخطوات صاحبها استياء حول إزالة التمكين في بعض المؤسسات الإعلامية وتأخيرها عن إزالته في مؤسسات أخرى والولايات، وهو ما يضع تحدياً كبيراً أمام تلك اللجان أن تقوم بدورها كما هو دون الدخول في احتكاكات تكون خصماً عليها لحساسيتها في الوصول إلى حقائق واقعية لتكون هي بمثابة دليل يتم الاعتماد عليه في محاكمة عادلة ومنصفة، ولكن هذه اللجان ظلت تسير ببطء شديد وكأنها تخطو فوق أشواك.

قرار التكوين  

أصدر رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان، في يوليو من العام الماضي  قراراً بتشكيل لجنة إزالة التمكين لنظام الرئيس المعزول ومحاربة الفساد واسترداد الأموال، وسمّى القرار عضو المجلس السيادي ياسر العطا  رئيساً للجنة، ومتحدثاً باسمها، ومحمد الفكي سليمان نائبًا له،  كما تضم اللجنة أعضاء من مؤسسات مختلفة منها وزارة الدفاع، والداخلية، والعدل، والحكم الاتحادي، والمالية والمخابرات العامة، والدعم السريع، وبنك السودان، وديوان المراجعة القومي، وقوى الحرية والتغيير، ووزير شؤون مجلس الوزراء عمر مانيس مقرراً، وصادَق عليه رئيس مجلس الوزراء.

بنود التفكيك

ضمت الاتفاقية بنوداً محددة، منها تكوين لجنة باسم تفكيك نظام الإنقاذ مقرها مجلس الوزراء، يرأسها أحد أعضاء مجلس السيادة لحل حزب المؤتمر الوطني وحذفه من سجل التنظيمات والأحزاب السياسية، حل كل الواجهات الحزبية والمنظمات التابعة له، أو لأي شخص أو كيان يعتبر من نتائج التمكين، مصادرة ممتلكات وأصول الحزب لصالح الحكومة، يحق للجنة القيام بالملاحقة القانونية ومصادرة الممتلكات لصالح وزارة المالية، حل النقابات والاتحادات المهنية، وأصحاب العمل التي تمثل واجهات للحزب.

آخر تفكيك

وكانت لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال قد أعلنت الخميس الماضي  حل مجالس إدارات عدد من البنوك والشركات، وإعفاء مديريها، وقال المتحدث باسم اللجنة الحكومية  صلاح مناع خلال مؤتمر صحفي ُ لذات الأمر،  إن اللجنة قررت حل مجلس إدارة بنك السودان المركزي، و11 مجلس إدارات أخرى، وأضاف أن القرار قضى بحل مجالس إدارات 12 بنكاً معظمها حكومية، وهي المركزي والعمال والبلد وبنك الثروة الحيوانية والنيلين والزراعي السوداني، والعقاري والسعودي السوداني، وبنك الأسرة ومصرف المزارع التجاري، ومصرف الادخار، ومصرف التنمية الصناعية، كما قرّرت اللجنة إنهاء خدمة مديري 9 بنوك، وهي العمال، البلد، النيلين العقاري، السعودي السوداني، مصرف المزارع التجاري، مصرف التنمية الصناعية.

كما أوضحت  اللجنة أن  إزالة التمكين قررت حل 9 مجالس إدارات شركات ومؤسسات حكومية وإنهاء خدمة مديري شركات ومؤسسات كل من صندوق ضمان الودائع المصرفية، السودانية للخدمات البريدية، والأقطان المحدودة المكلف والصمغ العربي.

بينما أعلن عضو لجنة إزالة التمكين وجدي صالح صدور قرار بإنشاء فروع للجنة في ولايات البلاد.

لجنة فض الاعتصام

ربما تُعتبر هذه اللجنة من أهم اللجان التي ينتظر منها الناس الكثير، لأنها غير مرتبطة بإزالة تمكين أو فساد أو استرجاع أموال، وإنما لارتباطها الكبير بالقتل والسحل والانتهاكات ضد أبناء وبنات الوطن، فتلك الأرواح لن تعود مرة أخرى، وإنما يبقى الفيصل هو القصاص ومحاسبة الفاعلين، وعلى ضوء ذلك، أصدر  رئيس الوزراء عبد الله حمدوك  قراراً بتشكيل لجنة وطنية مستقلة للتحقيق في الانتهاكات التي جرت في الثالث من يونيو الماضي، والأحداث والوقائع التي تمت فيها انتهاكات لحقوق وكرامة المواطنين في محيط القيادة العامة والولايات.

تكوين اللجنة

تم تكوين اللجنة خلال أكتوبر برئاسة نبيل أديب،  وكبير المستشارين عثمان محمد عثمان مقرراً، وصهيب عبد اللطيف من النيابة الجنائية مقرراً مناوباً، على أن تضم في عضويتها كلاً من العقيد حقوقي عصمت عبد الله محمد طه، اللواء حقوقي خالد مهدي محمد زين الماحي، وأحمد الطاهر النور،

والتي أدت القسم أمام رئيس الوزراء، حيث تعهّد رئيس اللجنة بإدارة التحقيق بكل نزاهة وشفافية وحياد، لافتاً إلى أن تلك المعايير ستكون ميثاق عمل اللجنة، ولكنها حتى تاريخه لم تأت اللجنة بجديد، وظلت مُنكفئة على ذاتها، وكأن فض الاعتصام لم يكن أمام مشاهد ومسامع الناس، بل كان حكاية تاريخية تمت روايتها، وتُريد اللجنة أن تُحدث ربطاً بين كل الفترات التاريخية.

ولكن رئيس اللجنة  نبيل أديب قال، إن هذه المهمة ليست مهمة سياسية، وإنما هي شبه قضائية، معرباً عن أمله في أداء هذه المهمة بكل تجرد ونزاهة، وحدد القرار مدة عمل اللجنة بثلاثة أشهر، ويجوز تمديدها بناء على توصيتها لمدة مماثلة، وترفع تقريراً شهرياً عن سير أعمالها لرئيس الوزراء، ويجوز للجنة تجميد الحصانات القانونية للقيام بعملها.

شبهات وتحقيقات

وكان المجلس العسكري سابقاً، قد أقرّ بتورّط عسكريين في فض الاعتصام، وشدّد على أن فض الاعتصام لم يكن هو الهدف من الأحداث التي وقعت في ذلك اليوم، وأن الهدف كان تعقب المتواجدين في منطقة كولومبيا التي كانت بالقرب  من مكان الاعتصام، كما أعلن الناطق الرسمي باسم لجنة التحقيق العسكرية في أحداث فض اعتصام القيادة العامة في الخرطوم  العميد حقوقي عبد الرحيم، خلال نوفمبر من العام الماضي نتيجة التحقيقات، موضحاً أن اللجنة توصلت لضلوع عدد من الضباط من الرتب المختلفة وثبوت مسئوليتهم عن إخلاء منطقة ساحة ‏الاعتصام أمام القيادة العامة للقوات المسلحة دون أن يكونوا ضمن القوة المختصة بتنظيف منطقة كولمبيا، وأن دخولهم إلى ميدان الاعتصام تم دون تعليمات من الجهات المختصة، كاشفاً أن هناك تحقيقات فنية تتطلب تقارير مفصلة من الجهات المختصة في مجالات الطب العدلي والأدلة ‏الجنائية وإحصاءات من النيابات المختلفة بدوائر الاختصاص وتقارير مكملة من أقسام الشرطة بمحليات ولاية الخرطوم التي رصدت تلك الأحداث.

لم تصل لجنة التحقيق العسكرية حتى الآن إلى نتائج واضحة  مما أدى إلى تأخير عمل اللجنة ورفع إجراءاتها وتقاريرها، فيما تتوجه الأنظار في كل حين لتلك اللافتة التي نصبت أمام مبنى التدريب لهيئة الطيران سابقاً في مواجهة القيادة العامة وهم يتلهفون في أن تخرج لهم اللجنة في أي وقت، وقد كشفت النقاب عن من قتل وشرّد وانتهك حق أبنائهم وبناتهم، ومن ثم الاحتكام للقضاء والعدالة.

لجنة إنجاح الانتقالية

خلال أكتوبر من العام الماضي، وضمن أول اجتماع ثلاثي مشترك جمع مجلس السيادة الانتقالي ومجلس الوزراء وقوى إعلان الحرية والتغيير،  كانت مخرجاته أهمية التنسيق فيما بينهم من أجل إنجاح الفترة الانتقالية وتحقيق أهداف الثورة وتشكيل لجنة تنسيق ثلاثية تعمل على ضرورة توفر الثقة بين الأطراف الثلاثة لإنجاح أي مشروع مشترك بينهم، وتضم اللجنة 4 أعضاء، وقال ممثل قوى الحرية والتغيير أيمن خالد،  إن الهدف من اللجنة التي تمخضت من الاجتماع الثلاثي مناقشة قضايا وأهداف برنامج حكومة الثورة، والمضي قدماً لإنجاح الفترة الانتقالية خاصة في قضايا المعيشة والسلام.

ولكن اللافت في الأمر أن كل القضايا التي طُرحت لم يتم تنفيذ أي بند منها، وظلت كامنة، ولم تبارح مكانها إن لم تزدد سوءاً، فمعاش الناس تراجع كثيراً، وأزمة المواصلات ضربت بأطرافها كل أنحاء البلاد، بينما أزمة الخبر ألقت بعبئها على الأسر، فصار الحصول على رغيفات دون عناء أو صفوف هو الحلم الذي يراود الكل، وبالتالي، فإن لجنة إنجاح الفترة الانتقالية تحتاج للنظر خارج الصندوق، والضغط على أس الأزمة بكل جرأة وحيادية حتماً سيتفهّم المواطن الأمر ويقبل بالحلول مهما كانت مؤلمة وقاسية لحين إنجاح الانتقالية، أما غير ذلك، فإن الفترة الانتقالية ستكون علامة سوداء على جبين الثورة.

لجنة إعادة المفصولين

هذه اللجنة التي أظهرت كوارث النظام البائد وتمكينه لمنسوبيه على حساب الآخرين، ففصلت بعضهم تعسفياً، وشرّدت آخرين، عليه قرر مجلس الوزراء  في  أكتوبر  الماضي  تشكيل لجنة للنظر في ملف المفصولين تعسفياً من الخدمة المدنية بين يونيو 1989 وديسمبر كانون أول 2018.

وأعلن المتحدث باسم لجنة المفصولين وكيل وزارة الإعلام، الرشيد سعيد، أن اللجنة قررت أن كل من تم فصله من الخدمة للصالح العام أو بشكل تعسفي أو بإلغاء الوظيفة يحق له العودة إلى الخدمة في المؤسسة التي كان يعمل بها على أن يكون عمره أقل من 65 عاماً ومن تخطوا 65 عاماً ستتم تسوية معاشهم والنظر في إمكانية دفع تعويضات مناسبة، فيما قال رئيس مجلس الوزراء حمدوك إن إجراءات اللجنة بشأن المفصولين تهدف إلى رد الاعتبار لهم في المقام الأول وإحقاق العدالة ورد الحقوق وتسوية المظالم.

وأضاف حمدوك، أن  قضية المفصولين تعسفياً وسياسياً من الخدمة المدنية تمثل واحدة من القضايا ذات الأولوية لحكومته وكانت  اللجنة قد عقدت مؤتمراً صحفيا خلال نوفمبر الماضي لإعلان حزمة من الإجراءات الرامية لرد الاعتبار، وتسوية المظالم التي حاقت بالمفصولين على مدى 30 عاماً جراء الفصل التعسفي.

نداء عاجل

ووجهت اللجنة في وقت سابق نداء لكل من طالته هذه الإجراءات بالتوجه إلى الجهة التي أصدرت قرار الفصل وملء استمارة تبين تفاصيل ما تم بشانه سواء أكان فصلاً تعسفياً أو إحالة للصالح العام، على أن يصدر قرار بإعادة المتضرر للخدمة فوراً ما لم يبلغ من العمر 65 عاماً، وهي السن المحددة قانونياً للإحالة إلى المعاش، وإلى هذه اللحظة لم ترد أي تفاصيل بشأن إعادة جزء من هؤلاء المفصولين الذين لديهم الرغبة في العودة لوظائفهم خاصة المنتمين للمؤسسة العسكرية، ولعل معطم هؤلاء لديهم الرغبة في الحصول على التعويضات والتسويات والدخول إلى المعاش والاستفادة من فوائد ما بعد الخدمة.

لجنة مراقبة أداء الحكومة

هي لجنة لم يتم إصدار قرار وزاري بشأنها، وإنما تم تكوينها بمبادرة من قوى إعلان الحرية والتغيير لمراقبة الأداء الحكومي، ومن ثم وضع ملاحظات عن الأداء ورفع توصيات بذلك، وعلى ذات الشاكلة أعلن تجمع المهنيين نهاية الأسبوع الماضي، أنه بصدد تشكيل لجنة مشتركة بينه والجهاز التنفيذي لخلق آلية وتجديد الوثاق والمؤسسية لمواجهة الخروقات التي تحدث بين الفينة والأخرى للوثيقة الدستورية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى