تأخر تشكيل الحكومة.. ماذا ينتظر رئيس الوزراء؟!

 

الخرطوم: آثار كامل      22ديسمبر2021م

عاشت البلاد عقب سقوط نظام المخلوع عمر البشير, حالة من الفراغ الدستوري في فتراتٍ مُتباعدةٍ, بدأت يوم سقوط النظام واستمرت حتى آخر اليوم, من واقع أن الفترة منذ سقوط النظام وحتى اليوم لم تشهد إكمال هياكل الحكم في الولايات, لكن أكبر فترة فراغ دستوري تعتبر هي الفترة الحالية والتي بدأت في 25  أكتوبر المنصرم واستمرت لما يقارب الشهرين.. وربما كان تأثير الفراغ في الولايات أكثر, إذ تتصاعد المهددات الأمنية في بعض الولايات يصحبها فشلٌ كبيرٌ في إدارة الأزمة الأمنية بجانب السيولة السياسية.

وما زالت الأحداث تتسارع في ظل الخلافات الدائرة, فقد أكد قائد الجيش البرهان في خطابه يوم 25 أكتوبر بأنه سيتم تشكيل حكومة كفاءات بتمثيل من كل الولايات, كفاءات وطنية غير حزبية مستقلة, وترك الأمر لرئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك لاختيار حكومته، غير أن الفترة طالت دون إنجاز, فكان أن استعجل مجلس السيادة الانتقالي خلال اجتماعه الدوري أمس الأول بضرورة الاسراع في تشكيل الحكومة للوصول الى مدنية الدولة وتحقيق التحول الديمقراطي، وسبق أن جدد رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، الحرص على التوصل لتوافق وطني وتوسيع قاعدة المشاركة في الحكم بإشراك كل القوى الثورية والوطنية، عدا حزب المؤتمر الوطني المنحل, وأكد أنه لا حل للوضع الراهن إلا بحل الحكومة الحالية وتوسيع قاعدة مشاركة الأحزاب السياسية.

الميثاق الجديد

قال عضو المجلس المركزي عبد المطلب عطية لـ(الصيحة), إن اسباب تأخر رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك في تشكيل الحكومة كثيرة, منها انه ما زال يدرس تشكيل حكومة تقود البلاد الى الانتقال الديمقراطي وصولاً للانتخابات من خلال ميثاق جامع لكل الرؤى, وهو الذي يقود الى الحوار, على أن يكون ميثاقًا سياسيًا تتوافق عليه كل القوى السياسية والهدف منه بناء كتلة عريضة لإسناد الفترة الانتقالية, لافتاً الى ان قضايا الاعلان السياسي بأن رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك يقدم مقترح ميثاق يستصحب فيه كل القوى, منوهاً إلى أنه لا بد من التشاور في بقية الهياكل والتوافق عليها, لافتاً الى أن الرؤية الجديدة هيكلة كل المؤسسات الانتقالية.

حكومة تهيئة

يرى استاذ العلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية أحمد حسن الشيخ خلال افادته لـ(الصيحة), انه في ظل الأوضاع المحتقنة والسيولة السياسية الإسراع في تكوين حكومة تعمل على تسيير مهام البلاد, وتعمل على تهيئة البلاد للدخول في انتخابات ديمقراطية وحرة, تمكن من اختيار الشعب من إرادة شؤونه وتحقيق تطلعاته التي حدّدها, واعتبر ما جرى في الفترة الماضية خلاصة للحلول الشعبية التي تعبر عن الحد الأدنى الذي يتطلع اليه الشعب, ورأى أن واحدة من منجزات ثورة ديسمبر المتجددة أنها أدخلت البلاد مرحلة ثورية, وأن القوى المؤهلة والقادرة التي تؤمن بإرادة الشعب لا صفرية في مُعادلتها.

مُعالجات غير كافية

يرى أستاذ العلوم السياسية حسن عبد الرازق أن المُعالجات التي تُطرح الآن غير كافية لإعادة تشكيل الحكومة في ظل الظروف الأمنية والاقتصادية التي تمر بها البلاد ووجود اطراف أخرى متنازعة في ظل الوضع السياسي, ما يضع رئيس الوزراء امام متاريس تعترض تشكيل حكومة مدنية وصولاً للانتخابات.

وقال عبد الرازق لـ(الصيحة): “لذلك من المهم وحدة قوى الثورة لمواجهة المد الكبير للأزمات, ولكن لا يمكن الحديث عن ذلك في ظل وجود مكونات تدعي كل منها انها صاحبة الحق في الثورة ولها الرأي في الاختيار, مَا يفتح الباب أمام اتجاهات قد لا ترضي القوى الثورية, بقدر ما ترضي القوى المستفيدة من التشتت السياسي لقوى الثورة ووضع المتاريس أمام تشكيل الحكومة.”

مُعطيات صفرية

ويقول المحلل السياسي د. أبو القاسم آدم، إن المعطيات الحالية للواقع في البلاد تشير الى عدمية وصفرية الحل السياسي, من خلال ما يطلبه الشارع وواقعية الطرح الذي ينادي به, وأرجع ذلك لأسبابٍ, منها القطعية في الطرح وعدمية الهدف، وقال لـ(الصيحة) إن طبيعة القوى المتصارعة على الشارع ذات كما وصفها بأنها “ذات خياراتها صفرية تجاه الحكومة والدولة التي يمثلها البرهان”, وبالتالي تصطدم خيارات تلك القوى بالمؤسسات التي من شأنها الحفاظ على أمن وسلامة البلد, ولذلك تلك الأطراف تراها أنها جزء من الأزمة وليس الحل, وتابع: “إن كل طرف من الأطراف المتصارعة لديه ما يشبه بحاضنته الخاصة التي تخدم أجنداته، لهذا لا يمكن تخيُّل أن يحدث أي شكل من أشكال التوافق على حكومة انتقالية بين الأطراف التي تحمل هذا القدر من العداوة والصِّراع مع الآخر”, ولفت إلى أن الأزمة الحالية هي وراء تأخير تشكيل رئيس الوزراء حكومته، وإن المجلس السيادي أمّن على ضرورة الإسراع في تكوينها مما خلا مسؤوليته منها ومنح رئيس الوزراء ذلك في ظل الفراغ الدستوري الذي تعيشه البلاد, ونوه الى ان الواضح طريقة تعامل رئيس الوزراء ببطء مع الملفات غير حميدة, وبجانب آخر, رئيس الوزراء ما زالت لديه تطلعات وآمال بإدارة حوار مع الجميع بحيث لا يكون هنالك أفقٌ مسدودٌ.

إرجاء التشكيل

ووصف المحلل السياسي محمد أحمد علي، الوضع الحالي بالمعقد جداً لجهة تقدم الشارع الثوري على معطيات الواقع السياسي المأزوم، وقال في حديثه لـ(الصيحة) إنّ إعلان أي حكومة في الوقت الحالي يعني صب المزيد من الزيت على النار, لجهة أن الشارع يرفض تماماً التعامل مع الواقع السياسي الجديد وينظر إليه بأنه مجرد انقلاب, وإن أي مخرجات للاتفاق السياسي بين البرهان وحمدوك هي امتدادٌ للانقلاب, ويرى محمد أحمد أنه من الأجدى إرجاء تشكيل الحكومة في الوقت الحالي لأنها ستُولد ميتة ولن يعترف بها الشارع, والحل الأسلم هو البحث عن توافق بين المكونات السياسية المختلفة خاصةً قوى الحرية والتغيير بشقيها المجلس المركزي ومجموعة الميثاق.

فالصيغة الحالية والمُعادلة السياسية الماضية حالياً لن تقود إلا إلى مزيدٍ من الاحتقان والدفع بالبلاد إلى حافة الهاوية والتفكك والدخول في سيناريو العنف والفوضى الخلاقة, ويُشير إلى أنّ الحل من الأزمة يكمن في تغيير المشهد السياسي الحالي خاصةً المكون العسكري, وقال “على البرهان أن ينتحى باعتباره رأس الأزمة الحالية حتى يهدأ الشارع ومن البحث عن صيغة سياسية جديدة بين قوى الحرية والتغيير بشقيها والمكون العسكري للمُضي بما تبقى من الفترة الانتقالية وحفظ دماء السودانيين, لجهة أن المواكب والمليونيات لن تنتهِ ما يعني المزيد من سقوط الضحايا.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى