د. عثمان البدري يكتب.. إنقاذ الجنيه السوداني كيف؟ (١ـ٢ ـ ٣)

القوة الشرائية والقيمة التبادلية لعملة أي بلد هي من أهم الرموز لقوة اقتصادها أو ضعفه ورفاه مواطنيها أو بؤسهم. و ثبات تلك القوة و القيمة التبادلية مقابل العملات الأخرى القابلة للتداول الحر هي الضمان لكل المتعاملين والمستثمرين أو من يريد أن يحافظ على قيمة مدخراته. والتدهور المستمر والتآكل المتسارع هو من أكبر المحفزات السلبية لكل ذلك. أي أنك لا يمكن أن تراهن على الحفاظ على تلك القيم. وإذا أردنا أن نسوق الحقائق المؤكدة لتبيان أين الجنيه السوداني من حيث القوة الشرائية ومن حيث القيمة التبادلية فلنعط الحقائق الآتية التي لا تقبل النقض. ففي فبراير من عام ١٩٧٤ تم تعييني مساعد تدريس بكلية الاقتصاد جامعة الخرطوم براتب شهري قدره ستون جنيهاً. كان ذلك الراتب يشتري اثني عشر ألف كوب من الشاي السادة وستة آلاف كوب من الشاي الحليب. والآن في نهاية شهر أبريل من العام ٢٠٢١ متوسط راتب الأستاذ في الجامعة يشتري خمسمائة كوب من الشاي السادة. وكان الراتب حينها يعادل مائتي دولار وهو الآن يعادل ثمانين دولارًا. فقد تآكلت القوة الشرائية تآكلاً واضحًا وأصبحت القيمة التبادلية على أحسن الفروض تساوي واحد إلى عشرة آلاف مما كان عليه حين ذاك..

فكيف يمكن إعادة تلك القوة الشرائية والقيمة التبادلية؟

الأمر ليس بالسهل ولا اليسير ويحتاج ابتداء من الجميع أن يقروا بالحقائق التي لا تقبل النقض والعزم والإرادة الواعية والإدارة العلمية الحازمة لمعالجة الوضع. ولا شك أن هنالك من انتفع تمامًا وهم قلة لا تذكر كأفراد خاصة أولئك الذين يعملون وفق شروط عمل دولارية ولكن يعيشون وسط بؤس كالح.

كيف يمكن معالجة ذلك؟

أولاً معالجة الاختلالات الهيكلية في كل مكونات سياسات الاقتصاد الكلي السوداني.. وهي الاختلالات البنيوية في السياسات الكلية المالية وما يتصل بها… إيرادات ودخلاً وموازنة وعمالة وبطالة.. وثانيها الاختلالات البنيوية في السياسات النقدية الكلية والتي يقودها البنك المركزي والقطاع المصرفي ومن أهمها كما هو منصوص عليه في مهام المصارف المركزية الرائدة في دول، العالم وهو المحافظة على نسب التضخم السنوي بما لا يزيد عن نصف نسبة النمو في الناتج المحلي الإجمالي، و ثالثتهما السياسات التجارية الداخلية والخارجية والتي من أهمها الحفاظ على الميزان التجاري الموجب والذي يؤدي إلى زيادة احتياطيات البنك المركزي من الذهب والعملات الأجنبية القابلة للتحويل الحر، ورابعتها السياسات الاجتماعية الكلية التي تطور رفاه الشعب السوداني كافة والخامسة السياسات الكلية الاستثمارية التي تعظم من عائدات الاستثمار العادل لموارد العباد والبلاد وتستخرج كل سلاسل القيم من الموارد والمنتجات وتتجنب وتحارب الاستغلال الجائر لموارد العباد والبلاد من الداخل والخارج.

ونواصل إن شاء الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى