ياسر زين العابدين المحامي يكتب : الدرك الأسفل من النار

6 فبراير 2023
الموعظة في الدين، الدنيا عموماً بالتي هي أحسن لا بالتي هي أخشن…
وتغليب اللغة الإيجابية يجمع لا يُفرِّق
هكذا علّمنا الإسلام…
علماؤنا بالمنابر غالباً ما خالفوه…
ويكب الناس من حصائد ألسنتهم…
تضليل، بالتهليل، والتكبير، والتسبيح…
جل علمائنا بالمنابر لهم مآرب أخرى…
السياسية يلبسونها ثوب الدين…
ناهضوا ثورة تغلي بمرجل النظام…
قدموا الفتاوى بقتل (المارقين)…
لم يتعاطفوا مع الثوار عند قتلهم
على مرأى ومسمع…
وعند قتلهم في رمضان صمتوا صمتاً مهيناً…
منابر المساجد لا تعنى بالخلافات السياسية ولا…
التوازنات وحسابات الربح والخسارة…
وظيفتها التمكين من أداء الشعائر… وظيفتها تعلم أمور الدين….
لكنهم مضوا في التحريض بفهم آخر
وفرق شاسع بين الدعوي والسياسي..
الساسة لا يتقيّدون بالقيم والأخلاق… إذا ما تعارضت مع المصالح يقدمون
المصلحة على الدين…
علماء الدين يتحرّون القيم…
يقدمون الدين على المصالح…
جل علمائنا وظّفوا المنابر لمهاجمة كل شيء باسم الدين…
ألقوا الكلام على عواهنه مستهدفين
السُّذّج والبُسطاء…
صار المسجد أشبه بالمقر السياسي أو القاعة العمومية…
صار أداة للسيطرة على السُّذّج بغية إضفاء شرعية مفقودة…
صمتوا عند الحاجة إليهم للنصح…
عندما استشرى الفساد ما قالوا بغم…
عند انتهاك الأعراض والهوان والذل…
ما نبس أحد منهم ببنت شفة…
عندما قُتل أبناء دارفور بلا رحمة كان
صمتهم مُفجعاً…
كانوا بالمنابر ينهون عن الخروج عن
الحاكم…
وعندما أثرى الفاسدون، كنزوا الذهب..
أكلوا في موائدهم ما لَذّ وطَاب…
وإبان قتل شهداء ديسمبر (٢٠١٣)…
نهوا عن منازعة الحاكم لأنّه خليفة
الله في الأرض…
جلسوا مع الطُغاة في مائدة بها كل
ما تشتهي الأنفس…
فما أرّق منامهم موت طفل بين يدي أمه لافتقاده جُرعة دواء…
ولم يُؤلمهم إحساس الناس بالألم… وبالإهَانَة والظُلم والتّرويع…
قالوا بألسنتهم ما ليس بقلوبهم….
إنّه النفاق والمنافقين في الدرك الأسفل من النار…
الآن صمت معظمهم عند الحادثات
وتعرّضوا لسفاسف الأمور…
نعم إنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم…
أليس الدرك الأسفل من النار أولى بهم
نعم أولى ثم أولى…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى