تلويحات البرهان.. السد والفشقة وخيارات إثيوبيا؟

تقرير- أمنية مكاوي

قطع رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، بعدم جلوسهم للتفاوض حول الفشقة مع أي جهة ما لم يصدر اعتراف رسمي من الجانب الأثيوبي بأن الأراضي سودانية، مبيناً أن التفاوض سيكون حول وضع العلامات مجدداً، إن القوات المسلحة أعادت الانفتاح في الأراضي السودانية.

وقال البرهان خلال مخاطبته أمس ضباط وضباط صف وجنود وحدات منطقة أم درمان العسكرية بسلاح المهندسين: “سنظل نطالب القوات الأثيوبية بالانسحاب من جميع الأراضي السودانية وأن التفاوض سيكون حول وضع العلامات، وأن القوات المسلحة ستظل تطالب القوات الإثيوبية بالانسحاب من جميع الأراضي السودانية”.

ومن قبل أعلنت الحكومة الانتقالية بأنها لن تتراجع عن أراضيها السودانية بما فيها منطقة الفشقة التي طال الصراع حولها خلال الأيام الماضية، وكان رأي الحكومة الانتقالية أنها ستعمل بكامل جهدها لإرساء لغة التفاكر والحوار بين البلدين دعماً للعلاقات الثنائية بين البلدين وللحيلولة دون استمرار هذا الصراع.

يأتي هذا فيما اقترح السودان خلال الأيام الماضية أن تكون هناك وساطة رباعية مكونة من الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة، بعد أن وصل لقناعة تامة بأن ما يجري من مباحثات خلال الفترة الماضية يدور في حلقة مفرغة لن توصل لنتائج حقيقية.

وكانت المبادرة السودانية وجدت تأييداً من وزراتي الخارجية والموارد المصريتين بتطوير آلية المفاوضات، وذلك لدفع المسار التفاوضي قدماً ولمعاونة الدول الثلاث في التوصل للاتفاق المنشود في أقرب فرصة ممكنة. هذا الأمر يراه البعض بأنه نتاج تعقيدات للواقع الذي تشوبه المحاذير بشدة بين البلدين بين السودان وإثيوبيا. وكان السودان قد قام باسترجاع أكثر من 96% من أراضيه في الحدود مع إثيوبيا بعد أن ظلت المليشيات والحكومة الأثيوبية تستغل تلك الأراضي لفترات زمنية طويلة، فهل حديث البرهان سيحول المنطقة لمنطقة حرب بعد أن هدأت الأحوال هناك، وما هي ردود الجانب الأثيوبي الذي اعترفت قياداته من قبل بسودانية الفشقة؟.

في الوقت الذي تؤكد فيه الوثائق والأسانيد الدولية هذا الزعم. فهل ستدور محركات الأسلحة الثقيلة والخفيفة في المنطقة أم أن رسالة البرهان سيفهمها الأثيوبيون وقد يستوعبون الدرس وبالتالي سيعم السلام والاستقرار المنطقة؟.

ضغط سياسي:

أكد المحلل السياسي د. الفاتح عثمان محجوب، أن تصريحات الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة، عن رفض أي تفاوض مع اثيوبيا قبل إعلان اعترافها الرسمي بأن منطقة الفشقة أراضٍ سودانية، هو في الأساس يتعلق بالتفاوض حول النزاع على الفشقة، مشيراً إلى أنه ليست له علاقة بالنزاع على سد النهضة وفق ما قالته مصادر حكومية. وبالتالي فإنه لا يوجد تناقض بين رفض البرهان للتفاوض مع اثيوبيا، إلا بعد اعترافها الرسمي بأن الفشقة أرض سودانيةً وبين دعوة السودان بوساطة رباعية بين أثيوبيا، من جهة والسودان ومصر من جهة أخرى، لحل النزاع معها على سد النهضة.

وأكد محجوب في حديثه لـ(الصيحة)، أن التصريحات ليست دعوة للحرب بل هي شكل من أشكال الضغط السياسي على أثيوبيا في ظل وجود عدة ملفات نزاع معها.

الاعتراف بالتراضي:

ولكن محمد علي فزاري، المحلل السياسي، اعتبر لـ(الصيحة) أن تصريحات السيد رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان تأتي في إطار رفض سياسة الواقع التي تفرضها أثيوبيا على السودان، تأكيداً على موقف الحكومة الانتقالية السابق على عدم التراجع من أي جزء من أراضي المدن السودانية التي تم استردادها مؤخراً من منطقة الفشقة. كما أنه لا تقبل أي وساطة بهذا الخصوص، لذلك يقول فزاري: “لا أعتقد أن الحكومة السودانية بهذه التصريحات تريد إعلان الحرب على أثيوبيا ولا توجد طبول للحرب حتى تدق”، ولكنه يعود ليقول: إذا فرضت الحرب على السودان فإن الجيوش والجيش السوداني تحديداً لا يقف متفرجاً، ويرى محمد فزاري أنه لا زالت هنالك فرصة للحكومة السودانية لحسم وحل الخلافات المتبقية.

التخويف والإثارة:

وقال الفريق أول ركن عثمان بلية، الخبير الاستراتيجي والمحلل العسكري في حديثه لـ(الصيحة)، إن إعلان رئيس مجلس السيادة حول عدم التفاوض مع اثيوييا هو نوع من أنواع التخويف والإثارة حول صراع البلدين ليس إلا، ولا يعتبر عملية لإستدارة عجلة الحرب بين البلدين في مواقع ونقاط حدودية. وقال بلية إن إعلان الحرب لا يتم بهذه الطريقة، وإنما يعلن من قبل جهاز أمن الدولة، وهو شيء كبير. واعتبر بلية أن الصراع بين البلدين يمكن أن يحل بالجلوس وليس بتصريحات التهديد من قبل الطرفين. ولذلك فإن بلية يرى أن هذه التصريحات لم يقصد بها سوى إرسال رسالة للجانب الإثيوبي وربما استوعبتها الحكومة الأثيوبية، وقد يأتي ردها خلال اليوم أو الغد على هذه الرسالة الدبلوماسية دون سفير.

وضع علامات:

بينما اعتبر الخبير الأمني الفريق حنفي عبد الله/ عدم التفاوض مع أثيوبيا هو الطريق الصحيح لحل الأزمة بين البلدين، مشيراً إلى إنه يجب أن يكون لا تفاوض مع أثيوبيا أمراً واقعاً كما أنه من المفترض أن يكون هنالك موقف ثابت في وضع  العلامات بين البلدين كموقف مبدئي للحكومة السودانية، بيد أن اللجوء للتفاوض فإنه يجب أن يكون بخصوص سد النهضة فقط.

وانتقد حنفي في حديثه لـ(الصيحة) اعتبار أثيوبيا في دخول الجيش السوداني في منطقة الفشقة هو تدخل في الشأن الداخلي لأثيوبيا، وقال: هذا اعتبار غير صحيح، وطالب الحكومة بقوله: يجب على الحكومة السودانية أن تتفاوض مع الجارة أثيوبيا بعد رسم الحدود، ويكون التفاوض فقط حول الاستثمار أو تبادل الخدمات بين البلدين. وأكد حنفي أن مرحلة السودان الحالية لا تدعو أو مدعاة  للاتجاه للحرب بل إنها لاتجاه الاستقرار وأمن البلاد.

وحذر حنفي الخارجية الإثيوبية من التصريحات المثيرة للجدل، ويتم توضيح العلاقات وما يجري بين البلدين دون إثارة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى