عقب استقالة الحبر.. الصلاحيات والسلطات.. صراع الأجهزة العدلية؟

تقرير- نجدة بشارة

ما زال الغموض يسيطر على المشهد داخل أروقة المؤسسات العدلية لا سيما الصراعات التي بدأت تطفو للسطح مؤخراً عقب الاستقالة غير المعلنة التي دفع بها النائب العام تاج السر الحبر، إلى منضدة  المجلس السيادي الانتقالي، وفقاً لما تناقلته وسائل إعلامية، أفادت أن  الحبر قدم استقالته منذ الإثنين الماضي، احتجاجًا على تدخل لجنة تفكيك وإزالة تمكين نظام الثلاثين من يونيو وتدخلها  في عمل النيابة العامة، عقب قرار إنهاء خدمة 56 من رؤساء النيابة ووكلائها، إلى جانب فصل 56 من القضاة. وذكر المصدر أن النائب العام تذمر من القرار، لأنه يعطل العمل في النيابة، ويفقدها استقلاليتها، وأن القرارات طالت وكلاء نيابة، كلفوا برئاسة لجان تحقيق مع وكلاء نيابة متهمين بمخالفات وتجاوزات، مشيراً إلى أن النائب العام يتساءل: هل يمكن للقاضي المفصول أن يستأنف إلى لجنة إزالة التمكين؟.

الصلاحيات والسلطات

وأجاب  عضو لجنة إزالة وتفكيك نظام 30 يونيو، وجدي صالح، على بعض الاستفسارات حيث قال:  إن اللجنة اتخذت قرارها بشأن وكلاء النيابة والقضاة، وفقاً للصلاحيات والسلطات الممنوحة، بموجب القانون والوثيقة الدستورية. وأكد صالح في تصريحات صحفية وردًا على احتجاجات النائب العام تدخل لجنته في صلاحياته أن النص واضح ويشمل السلطة القضائية والنيابة، مشدداً على أن اللجنة ستواصل مساعيها في تفكيك بنية نظام الثلاثين من يونيو في كل مؤسسات الدولة.

وفي سياق متصل، كشف موقع “تاق برس” السوداني، أن النائب العام خيّر المجلس الانتقالي بين بقائه ولجنة إزالة التمكين وتفكيك النظام السابق، لافتاً إلى أن المجلس لم يبت في الاستقالة بالقبول أو الرفض بعد.

في مرمى النيران

تشير متابعات (الصيحة) أن النائب العام ومنذ أدائه القسم في أكتوبر من العام 2019 نائباً عاماً ظل مولانا  الحبر في مرمى النيران، ولم تتوقف حمى الانتقادات حتى بلغت بعد عام من توليه المنصب اتهامه بالضعف والفساد، واشتعلت النيران في وجهه حيث وجد نفسه في مواجهة مع نادي النيابة العامة الذي طالب مجلس السيادة بإقالته بسبب ما وصفه بفشله في إدارة النيابة العامة وعدم امتلاكه رؤية فنية لتحديد سير الدعاوى القضائية، ودعا النادي السيادي للإتيان بنائب عام يتمثل بالعزم والقوة والهمة والرغبة في أن تسود العدالة بالبلاد ويعم حكم القانون ويحقق مبدأ عدم الإفلات من العقاب، وظل الحبر في مواجهات مع نادي النيابة العامة، وجمعية محامين ضدَّ التمييز، وقانونيين آخرين، ما فتح الباب وقتها أمام كثير من التساؤلات الموضوعية، حالة الصراع التي واجهها الحبر لم تقتصر على أعضاء نادي النيابة فقط، بل شملت هيئة الدفاع عن متهمي المؤتمر الشعبي في انقلاب الانقاذ 1989م، التي اتهمت الحبر بتسييس العدالة وارتكاب عدد من المخالفات والتجاوزات القانونية. ووفقاً لمحللين فإن المواجهات بين النائب العام وإزالة التمكين تحولت منذ فترة إلى صراع شبه مكتوم، نتج عقب استدعاء النائب العام عضو لجنة إزالة التمكين د. صلاح مناع على خلفية بلاغات دونها رئيس المجلس السيادي الفريق عبد الفتاح البرهان، ونائب رئيس المجلس محمد حمدان دقلو، حرّكا إجراءات قانونية في مواجهة مناع بعد اتهامه لهما بأنهما أطلقا سراح زوجة الرئيس المخلوع عمر البشير وداد بابكر، وفجرت الواقعة ردود فعل كبيرة وسط الثوار لحساسية البلاغات ومكانة لجنة إزالة التمكين لدى الثوار.. الشيء الذي أعاد للأذهان ممارسات النظام البائد، وعدّوا استدعاء مناع تدخلاً من قبل مجلس السيادة في شئون القضاء.. وأن صمت الحبر يعني خضوعه لإرادة المجلس السيادي، وبالتالي أصبح في مرمى النيران..

تأثير وتأثر

يرى المحلل السياسي د. عبد الرحمن أبو خريس في حديثه لـ(الصيحة) أن لجنة إزالة التمكين أصبحت كمن يعمل في جزر منعزلة عن أجهزة الدولة، وهذا يجعل الصدامات التي تقع بينها وهذه الأجهزة تؤثر بلا شك على الدولة من حيث تداخل الصلاحيات والمهام في ظل غياب الأجهزة التشريعية والرقابية، ولعل لهذه الاسباب آثر النائب العام الانسحاب نتيجة لتضرره من التدخلات المباشرة لهذه اللجنة.

وأشار أبوخريس إلى أن الحكومة الانتقالية أصبحت تواجه تحديات كبيرة فيما يتعلق بتداخل الصلاحيات بين الأجهزة التنفيذية من جهة ولجنة إزالة التمكين من جهة أخرى وأردف حتى إن صلاحيات هذه اللجنة تجاوزت سلطات النائب العام وبعض الوزراء، وتحولت إلى حكومة مستقلة داخل حكومة، تعين وتقيل ما شاءت في إشارة واضحة إلى غياب العدالة وهذا بدوره سيؤثر في المؤسسات العدلية.

أحادية النظرة

فيما يقول المحلل السياسي د. حاج حمد محمد خير في حديثه لـ(الصيحة)، إن أساليب لجنة إزالة التمكين باتت تحتاج إلى مراجعة حتى لا تخصم من عمل  اللجنة.. وهنالك استفهامات في عدم قدرتها للاحتفاظ بمسافة بين المواقف الشخصية والعمل العام، وأشار حمد أن أسلوب اللجنة يفتقر إلى المهنية والكفاءة وقد يفقدها البوصلة.. وأردف ونحن معهم على أن ازالة التمكين كمبدأ مهم وصحيح وضرورة مرحلية لكن تحتاج إلى مراجعة التنفيذ ويرى خبراء أن لجنة إزالة التمكين، أصبحت في سلطاتها أعلى من صلاحيات النيابة العامة، والمحكمة الدستورية، ويرى حمد أن القرارات التي تتخذها لجنة إزالة التمكين فيما يختص  بإحالة وكلاء نيابات للصالح العام دون وجود أسباب قانونية على الأقل، تعتبر مخالفة للدستور.

في المقابل طالب عدد من المحللين والمختصين بتقنين عمل اللجنة وتحديد مهامها وصلاحياتها.. في الوقت الذي دعوا فيه الى استعجال تكوين المجلس  التشريعي والمحكمة الدستورية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى