الفتن والنزاعات فى السودان.. من يُشعلها؟

الخرطوم- صلاح مختار

تكرار الصراعات القبلية وحوادث النهب والقتل واتساع نطاقها على مستوى السودان يضع علامات استفهام حول من يوقظ نار الفتنة ويشعلها؟ ومن يقف ورائها؟ هنالك أسئلة ملحِّة ومطروحة بشأن هوية من يشعل النزاعات ومن يخطط لها من خلال إنتاج خطاب الكراهية؟

مخطط مدروس

في وقت مبكِّر حذَّر نائب رئيس مجلس السيادة، الفريق محمد حمدان دقلو، من مخطّط مدروس للاقتتال في السودان وأجندة داخلية لعرقلة السلام في بلاده  وفي ذلك حث الشعب السوداني على وأد خلافاته وتفويت الفرصة على المتربصين بالبلاد. ولم يكشف حميدتي، عن الجهات التي تقف وراء هذا المخطط، لكنه أشار إلى عناصر لم يسمها لا ترغب في تحقيق السلام بالسودان، وتسعى لإشعال الفتن والنزاعات القبلية في إقليم دارفور وولاية جنوب كردفان.

التداخل التاريخي

لفت القانوني إبراهيم آدم إسماعيل، إلى أن المشاكل القبلية في السودان تعود إلى زمن بعيد، وأغلبها مشاكل ترجع إلى التداخل التاريخي والنشاط الرعوي والتعدد الإثني والقبلي، والموارد المشتركة مثل: المياه الأعشاب والمراعي. بيد أنه رأى في حديث لـ(الصيحة) أن تعدد الإثنيات في الإقليم يتداخل في تشكيل النشاط الاقتصادي، بالتالي كانت وراء تلك المشاكل التي اكتسبت –أحياناً- الشكل المهدَّد للاستقرار والأمن في كل المناطق، بحيث أصبحت هناك انحيازات من جانب فئة لبني جلدتهم وبني قبيلتهم، ونتج عن تلك الاحتكاكات والعصبيات آلام ومرارات كبيرة تكرَّرت في أكثر من ولاية بالسودان.

وتيرة الصراع

ورأى إسماعيل أن زيادة وتيرة الصراع في الفترة الأخيرة يعود إلى عدد من الأسباب من بينها، الفقر والجفاف ونتيجة للحروب القبلية التي حدثت في الفترة السابقة، بجانب وجود الحركات المسلحة، حيث يقوم أفراد منها بعملية إغارة على موقع جهة أخرى على سبيل المثال، كما أن الأوضاع الاقتصادية المتردية بالبلاد أدت إلى تزايد عمليات النهب والسلب، وهي إحدى الأسباب الرئيسة في الاحتكاكات القبلية نتيجة عمليات النفير ضد القبائل وبعضها البعض نتيجة ملاحقة ما، استولت عليه القبيلة الأخرى، وبالتالي يحدث الاحتكاك والصدام الذي تكون نتيجته قتلى وجرحى من الطرفين.

تجار وسماسرة

وقال إسماعيل: ليس بالضرورة أن يكون وراء الاقتتال تجار حرب أو سماسرة، قائلاً: في السنوات الأخيرة أخذت الدولة تتدخل -أيضاً- في حلحلة تلك المشاكل تصبح على المستوى القومي ما يسمى مجالس الصلح والذي يجمع القيادات القبلية والاجتماعية والتدخل السريع لمحاولة السيطرة على أي احتكاكات قبلية في أي بقعة من أرض السودان، وقال: ما يحدث الآن في السودان هو انعكاس لتلك المرارات السابقة، لذا يجب تضافر الكثير من الجهود لحل مثل تلك القضايا، كذلك يجب على الدولة التدخل لفرض هيبتها والسيطرة الكاملة على مصادر الاحتكاك والنزاع.

تمدُّد الخارطة

وأبدى مراقبون استغرابهم من تمدُّد خارطة الاقتتال القبلي في السوداني بجانب النزاعات التي تنشأ بسبب المرعى والماء وغياب الأسباب والدوافع، الأمر الذي يضع العديد من علامات الاستفهام حول تلك الأحداث، وأشار المحلِّل السياسي عبد المنعم العسيل، في حديثه لـ(سبوتنيك)، إلى أن ما يحدث في دارفور أمر محيِّر ويؤسف له، معتقداً أن الجهل والعادات السيئة المتوارثة هي العامل المشترك في تأجيج وإشعال تلك الفتن وسفك الدماء، وما سبق لا ينفي أن هناك مصالح سياسية لفئات وجهات بعينها من مصلحتها عدم الاستقرار وهدوء الأوضاع، عازياً تلك الأحداث التي راح ضحيتها العشرات بين قتيل وجريح إلى العديد من العوامل الاجتماعية والسياسية، بدعوى المسألة معقَّدة ومتشابكة.

توفير الأرضية

وعزاء العسيل، الضعف الحكومي في معالجة بعض قضايا الإقليم قد يكون أحد أسباب استفحال تلك الجرائم، تزامناً مع الجوع والفقر وعدم توفير الأرضية التي تجمع أكبر عدد من القبائل تحت مظلة المفاوضات، وحث الحكومة على أن تضع استراتيجية للوساطة بين أطراف النزاع وتضع تلك الإمكانيات لتحقيق نجاحات على الأرض.

مطامع دولية

ويحذِّر الخبير في شؤون الشرق الفريق عثمان فقراي، من أجندات (4) دول في المنطقة، اتهمها بالعبث باستقرار شرق السودان بدوافع مختلفة. ويقول: طبقاً لمنشور إن السعودية لديها مشاريعها في البحر الأحمر، ومصر لا تريد تجربة ديموقراطية في جوارها، والإمارات تموّل وتخطط لمسار الشرق في مفاوضات جوبا بدعم قبيلة البني عامر على حساب قوميات البجا الأخرى، بينما تحاول إريتريا الصيد في هذه المياه العكرة للخروج بمكاسب. ويؤكد فقراي، استناداً على خبراته الأمنية أن ثمة اختراقات وأيادي مخابراتية متعدِّدة تشعل الأوضاع في شرق السودان، ما يستدعي من الحكومة المركزية إغلاق الحدود مع إريتريا وقطع العلاقات معها وبسط الهيمنة والسيادة على الإقليم بحسم. وينصح الرجل الحكومة المركزية بسرعة احتواء الموقف في الإقليم، لأنه يمضي سريعاً نحو سيناريو دارفور، وهو ما سيكون موجعاً للمركز أكثر مما حدث في الأخير، لأن الشرق استراتيجي وأقرب للمركز.

شؤون الحكم

الفريق محمد بشير سليمان، قال لـ(المواكب): إن فشل الحكومة في إدارة شؤون الحكم في البلاد وعدم وضوح الرؤية للسلطة الحاكمة وانحراف مسيرة الثورة إلى الأسوأ أدى ذلك إلى وضع الدولة في حافة الهاوية في كل دروب الحياة، أفقد هذا الوضع المواطنين عدم الإحساس بالاطمئنان. إضافة إلى عدم هيبة الدولة واستهداف الأجهزة الأمنية للجان المقاومة أفقدها دورها، هذا إلى جانب الصراع القبلي الجهوي والوضع المعيشي كل هذه أسباب ودوافع للعنف والانفلات الأمني.

مطلوبات الخارج

وعاب سليمان، على الحكومة تركيزها على مطلوبات الخارج وتناست المطلوبات الداخلية وانعكاس ذلك سلباً على الوضع الأمني والسياسي، وهذا قد يدفع الطامعين في الداخل بالاتفاق مع الخارج إلى استغلال الوضع في السودان لإحداث انقلابات في السلطة، وهذه النزاعات قد تتمدَّد أكثر وأكثر والآن توجد تظاهرات تطالب بإسقاط الحكومة الحالية بسبب ضعف الخدمات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى