بروفسير الفاتح حسين يكتب : حكايتي مع الحوت(1)

 

بدأت قصتي مع الحوت كما يحلو لجمهوره في العام 1982م، حيث استمعت له من خلال شريط وقع في يدي بحي الديم بالخرطوم، فلفت نظري أداؤه الجميل جداً، ولم أكن أعرف من هو صاحب الصوت، فسألت الموسيقيين المقيمين معي بالمنزل من هذا الفنان؟ فقالوا : إنه فنان شاب اسمه محمود عبدالعزيز، ويمارس نشاطه من مركز شباب الخرطوم بحري، المهم أن صوته ظل يرن في داخلي نسبة إلى أن أداءه كان ملفتاً للنظر ومتميز جداً، وأصبحت على هذا النحو أسمع شريطه بصورة مستمرة إلى تلك اللحظة لم ألتق به باعتبار أنني كنت مشغولاً بالعزف مع الفنان الموسيقار محمد الأمين.

في العام 1988م تزوجت من الدكتورة مها بخيت، فانتقلت للإقامة بحي (المزاد) بالخرطوم بحري على مقربة من منزل الفنان الراحل محمود عبدالعزيز دون أن ألم بهذه المعلومة، وصادف في يوم من تلك الأيام أنني هيئت نفسي للنوم، فسمعت فناناً تعزف خلفه فرقة موسيقية مميزة، فلم أتمالك نفسي فارتديت ملابسي وخرجت بحثاً عن مصدر صوت (الساوند)، وعندما وصلت وجدتها ليست بالبعيدة عن منزلي وكان أن وقفت خلف صيوان مناسبة الزواج مستمعاً للفنان الراحل محمود عبدالعزيز الذي كان يغني آنذاك الوقت أغنية ذائعة الصيت (جاي تفتش الماضي) للفنان كمال ترباس، وظللت واقفاً إلى أن انتهى من أداء الأغنية.

أكثر ما دهشت له وقتها حجم الحوت الصغير والصوت الكبير، فعندما كنت أستمع له عبر الكاسيت تخيلت أنه إنسان ضخم جداً، ومنذ ذلك الوقت قررت أن يكون بيني وبينه عملاً مشتركاً فحضر لي في إطاره جاري بالحي الحوت في منزلي، وكان أن دار بيني وبينه حوار مطول، وأكدت له من خلاله أنني أستمع له منذ ثمانينيات القرن الماضي، لذلك أتمنى أن ننتج ألبوماً غنائياً في السودان، إلا أنني وبعد مرور عامين من تاريخه شددت الرحال إلى روسيا بغرض الدراسة.

لحنت أغنيات بحس الفنان الراحل محمود عبدالعزيز وساعدني في الفكرة الدكتور وجدي كامل السينمائي المعروف الذي كان يكتب لي النصوص الغنائية وتسجيلها في استديو بروسيا، وبعد ذلك عدت إلى السودان، وقابلت الفنان الراحل محمود عبدالعزيز وعرضت عليه الأغاني فرحب بالفكرة، وقال : (ما في أي مشكلة)، وبعد الموافقة أصبحت لدي إشكالية في إقناع شركة (حصاد) للإنتاج الفني باعتبار أنها تنتج الألبومات للفنانين الكبار فقط، ولكن استطعت أن أقنع صديقي أحمد يوسف بالفكرة للسفر إلى روسيا لإنتاج الألبوم بمصاحبة موسيقيين روس.

وسافرنا شخصي ومحمود عبدالعزيز إلى (القاهرة) التي التقينا فيها بالموسيقار يوسف الموصلي والذي أصر على أن ينتج ألبوم للحوت، وبعد الانتهاء من هذه المرحلة غادرنا إلى روسيا التي بدأنا فيها البروفات مع الفرقة الموسيقية الروسية، وكان أن دار حوار حول الخامة الصوتية للراحل محمود عبدالعزيز الذي غنى في تلك الجلسة، وكان أن اندهش الموسيقيون الروس من الامكانيات الصوتية المهولة التي تميز بها (الحوت) والتي انقسم على إثرها الروس إلى قسمين قسم يطالب بالاستفادة من وجودي في (موسكو) وأسجله طالباً في الأكاديمية الموسيقية الروسية من أجل أن يدرس الصوت حتى يصقل موهبته بالعلم.

نواصل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى