صلاح الدين عووضة يكتب : كلـــوش !!

كنا نزفها صغاراً..

نزفها لحد الباب – أنا وابن خالي سيف الدولة – حين تلج دارنا لغرضٍ ما… لا نفهمه..

فهي كلها – على بعضها – عصية على الفهم..

ومما لم نكن نفهمه – من تلقائها – أثوابٌ مشروطة ترتديها بطريقة هي نفسها غير مفهومة..

مشروطة أبداً – في جانب من جوانبها – وكأنها شُرطت عمداً..

ولكنها كانت تنفعها – عن قصد أو بدونه – في استدرار مزيد عطفٍ من الناس عليها..

تماماً كما (نَفعت) مدني عباس شَرْطَة قميصه في المظاهرات..

فصيّرته وزيراً… كل مُؤهّلاته أن قميصه قُد من دبر أثناء فض اعتصام ميدان القيادة..

كنا نزفها – إذن – ونحن نهتف خلفها (آمنتي كلوشي)..

فهي اسمها آمنتي… أو ربما هو لقبها؛ أما المفردة التي بعدها فهي من بنات شقاوتنا..

فكانت تصرخ فينا بلهجة غير مفهومة هي ذاتها (يكلكل كلوشكم)..

فكنا نزداد ضحكاً… وصخباً… وشقاوةً؛ ولا ندري ما هو كلوشنا هذا الذي يمكن أن يُكلكل..

ولكنا كنا نعلم أن ثمة فستاناً اسمه الكلوش في ذياك الزمان..

وهو الزمان ذاته الذي شهد ظاهرة غريبة في قيادة البصات السفرية؛ اسمها كلوش..

فمن بين كل خمس سفريات له يصل بصه سليماً ثلاث مرات..

فهو ينقلب دوماً؛ فهل لأنه يعثر في إطاراته كما قد تعثر لابسة الكلوش في ذيل فستانها؟..

لا ندري؛ المهم هو كلوش… والفستان كلوش… وآمنتي كلوشي..

والكلوش – على ما أذكر – فستانٌ طويلٌ… عريضٌ… فسيحٌ… فضفاضٌ؛ ولا يكاد يبين..

لا يكاد يبين – من وجهة نظرنا آنذاك –  مبنىً… ولا معنىً..

ومن بين غريب الأسباب التي تجعل آمنتي هذه تلج دارنا – ودُور غيرنا – بيعها الرغيف..

فقد كانت تشتري الرغيف من مخبز النصراني ثم تبيعه للناس..

تبيعه بسعر أعلى؛ يتضمّن حق المشوار… وثمن التعب… وقيمة العطف على شَرْطَة ثوبها..

ثُمّ دروشة عُرفت بها؛ سواء كانت طبيعية… أم مُصطنعة..

علماً بأنه ما كانت هنالك أزمة رغيف… ولا شُح دقيق… ولا غياب ضمير… ولا عناء صفوف..

والآن – وفي زمان صاحب القميص المشروط – يُوجد ذلكم كله..

كما وإنه – في تشابُه عجيب – يُذكِّرني بأيام كلوش… وفستان الكلوش… وآمنتي كلوشي..

فهو يقودنا – بوزارته – على طريقة السائق كلوش..

وسياساته (مكلوشة) كفستان الكلوش؛ ولا تكاد تبين – مثل كلامه – مبنىً… ولا معنىً..

ويبيعنا الرغيف بأسلوب آمنتي كلوشي..

ثم هو مثلها – آمنتي – يستغل شَرْطَة قميصه لاستدرار العواطف… واستمطار المزايا..

يا مدني كلوشي؛ متى نزفك لحدّ الباب بأهزوجة طفولتنا تلك؟..

ثُمّ تصرخ في وجوهنا :

يكلكل كلوشكم؟!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى