صلاح الدين عووضة يكتب : الحــــرية !!

هي أصل الدين..

والأصل في كل الأديان..

فمن شاء فليؤمن… ومن شاء فليكفر..

ومتى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟!..

ومما عابه الله على فرعون (ما أُريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد)..

فالإنسان مكرم عند الله..

وسبب هذا التكريم إنه ذو عقل…والعقل من أدواته الحرية..

فإن لم يكن عقلاً يعمل بحرية – تفكيراً واختياراً – فلا فرق بينه وبين عقول البهائم..

أو بين عقول العبيد من البشر..

وعبيد البشر هم الذين يلغون عقولهم ما دام هناك من يفكر لهم…. يفكر بالنيابة عنهم..

ثم يُطعمهم… ويُسقيهم… ويُكسيهم..

ولا طعم لحياة منزوعة الحرية… تماماً كما أن حياة الحيوان لا طعم لها..

ولكن الحاكمين من (نسل) فرعون لا يريدون لشعوبهم حرية…ولا يريدون منهم تفكيرا..

بل ولا يريدون منهم – ولهم – عقلاً من أساسه..

يريدونهم شعوباً بلا عقول…فهو العقل الذي (ما يُريهم إلا ما يرى)..

سواءً عقله الذي فوق كتفيه؛ أوعقله الذي في الحزب الواحد…. المؤتمر بأمره..

ومن ثم فلا أحزاب…ولا معارضة…ولا منافس..

فالقطعان لا تحتج على رعاتها… والعبيد لايتذمرون من أسيادهم… فقط السمع والطاعة..

وسبب كلمتنا هذه ألمح إليه (متفرعن) قبل أيام..

متفرعن مبعدٌ من المجلس الثوري الأول…ومقربٌ من النهج الفرعوني السابق..

ففرعون مات غرقاً بجسده…ولكن بقي فكره حياً إلى يومنا هذا..

بمثلما أن فرعون الإنقاذ غرق نظامه… وماله… ونعيمه… وصولجانه..

ونُجيَّ بجسده ليكون لمن خلفه آية..

وحتى جسده هذا غرقت عافيته في يم الأسى… والحزن… والألم؛ فبدا وكأنه (محنطٌ)..

بدا هكذا خلال جلسة محاكمته الأخيرة..

وبدا مثله تماماً تابعوه؛ كما تبع هامان فرعون في كل شيء… وإلى أي مكانٍ حتى البحر..

ولكن عشاق الفرعونية لا يتعظون أبداً ؛ بدليل التلميح هذا..

فهو يكشف – بجلاء – كيف يفكر أمثالهم في أمور السياسة..

فمثلما أن الفرعونية قائمة على الأمر والنهي فكذلك يجب أن يقوم أمر حكم الناس..

وذلك متى ما قفز أحدهم إلى السلطة خلسة..

ففور الفراغ من البيان – أو الفرمان – الفرعوني الأول فعلى كل ذي عقل أن يُلغي عقله..

أن يُهيء نفسه إلى أن يصير عبداً…أو حيواناً..

فإن نجح الفرعون – من نسل فرعون – في (إعلافه) فقد انتفت أسباب اعتراضه عليه..

فماذا يريد أكثر من ذلك؟!..

فهو عبدٌ – أو حيوان – (يُعلف) جيداً…. وهذا سبب وجوده في الحياة أصلاً..

وجراء هذا (الإعلاف) عليه أن يسبح بحمد سيده…بحمد فرعونه..

ثم يكتفي – فقط – بالمرح… واللهو… والطرب… والتناسل..

فإن انتبه إلى أنه يفتقد الحرية عُوقب على جحوده ؛ فهو عبدٌ آبق… ناكر… كافر..

إما برميه في الحبس؛ مع التنكيل… والتعذيب… والتعنيف..

وإما برمي رأسه من جسده..

فهذا هو نهج السياسة الذي يفهمه الفراعين ؛ ولم يشذ منهم أحدٌ لنقول إنه استثناء في التاريخ..

نهجٌ يخلو من الحرية؛ كلمةً… وفكراً… وحلماً..

ورغم فشل حكومة حمدوك فإننا لن نقبل ببديل يمنحنا إعلافاً حيوانياً..

ويحرمنا من الذي يميز بين الإنسان والحيوان..

الحريــــــة !!.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى