إنفاذ السلام.. هل يعوق التمويل أفراح الملايين؟

 

تقرير: أمنية مكاوي

التأخير في عملية اتفاق السلام لأكثر من ثلاثة أشهر، يشير بما لا يدع مجالاً للشك أن هنالك الكثير من العوائق التي تمر بها عملية إنفاذ اتفاق سلام جوبا، الذي وُقّع في أكتوبر الماضي بعاصمة دولة جنوب السودان. فيما أصبح الدعم المالي والاستقرار في الساحة السياسية والأمن هو المخرج لكي تجد هذه الاتفاقية طريقها للنفاذ وإنزالها على أرض الواقع بالصورة التي تجلب الاستقرار والأمن والسلام.

بيد أن د. سليمان محمد الدبيلو، رئيس مفوضية السلام وضع “الطابة” على ملعب الجميع، حينما أكد عدم وجود أموال مرصودة لتنفيذ اتفاق السلام الموقع بين الحكومة والجبهة الثورية، وأنهم لم يضعوا الخطة العامة لإنفاذ هذا البرامج وتكلفته، مشيراً إلى أن هنالك مبلغاً تقديرياً ضمن موازنة العام الجديد تم رصده لإنفاذ اتفاق سلام جوبا، وأن الدعم الدولي لمشاريع الاتفاقيات متوقف على إعداد وتقديم الخطط والمشاريع للجهات الخارجية الداعمة والمانحة.  ولذلك هذه التعقيدات الجديدة وضعت الكل في محنة إمكانية فشل تطبيق وإنفاذ هذا الاتفاق ليلقي بعلاته على الداخل والخارج..

فهل سيخترق إنفاذ السلام حجب المستحيل في جانب التمويل وبالتالي يساعد على إزالة كل العثرات التمويلية والمالية والإبقاء على حظوظ منع التدخل الأجنبي في شأن يختص بالجانب السيادي للبلاد .

دعم خارجي

وأكد  القيادي بالجبهة الثورية وكبير مفاوضي مسار الشرق عبد الوهاب جميل لـ(الصيحة)، أن تنفيذ السلام يحتاج إلى الدعم الخارحي الذي غالباً ما يأتي في شكل تنمية للمشاريع وإقامة المفوضيات، واعتماد الدعم المالي على عودة التازحين واللاجئين إلى قراهم، هنالك اعتماد على الميزانيات المالية التي خصصت لأكثر من بند لتنفيذ اتفاق السلام، وهنالك أيضاً دعم من البنك الدولي لصالح تنفيذ اتفاق السلام، الآن هنالك تأخر في تنفيذ اتفاق السلام بسبب المال، لكن هذا لا يعني عدم تنفيذ الاتفاق بل التأخر في إنجازه.

مؤشرات الإنفاذ

فيما اعتبر القيادي بالجبهة الثورية ومسار دارفور إسماعيل أبو، في حديث لـ(الصيحة)، أن تنفيذ اتفاق السلام يحتاج إلى دعم الخارج  في التنمية والمشاريع والحفاظ على حقوق النازخين واللاجئين وإعادتهم إلى الداخل، لأن الوضع في السودان لا يكفي، وقال: تمت إجازة ميزانية محلية لكن لا أعتقد أنها تكفي لكن ستساعد بعد ذلك مؤشرات تقديرية، والآن لدينا أموال مرصودة للتنفيذ والإعمار لابد من إنزالها على أرض الواقع، وهذا يمكن أن يستمر لأكثر من (١٠) سنوات فيما يعني ذلك تنفيذ اتفاق السلام على أرض الواقع بصورة نهائية بعد الانتقالية. والآن لدينا أكثر من مؤتمر سيقام، وبالتأكيد سوف يساعد في عملية التمويل سواء كان داخلياً أو خارجياً، الآن الانفتاح الخارجي الذي حققه السلام سيعجل بتنفيذ الاتفاق، وأنا في اعتقادي المال وحده ليس هو المخرج الوحيد للسلام، بل نحتاج الآن إلى استقرار في الساحة السياسية، ونحتاج إلى الأمن  ليتم التنفيذ بالصورة المطلوبة.

معول الفشل

فيما قال سليلمان الدبيلو رئيس مفوضية السلام في حوار سابق مع (الصيحة)، إن السلام أولوية قصوى في السودان، كما إنه أولوية أيضاً للمجتمع الدولي، لكنه استدرك قائلاً: “إذا ما اعتمد  السودان في تمويل إنفاذ هذه الاتفاقية على الدعم الخارجي لإنزالها على أرض الواقع، فإنه سيفشل بلا شك”، معوّلاً على أنه وكما تم توقيعه من قبل أطراف سودانية خالصة فإنه يجب أن ينفذ أيضاً من قبل السودانيين.

وحول ما أشيع من مخاوف بشأن دعم تطبيق اتفاق السلام، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية وجائحة كورونا، أكد الدبيلو أن هناك مخاوف حقيقية، لكنه أشار إلى كيفية التعامل معها لضمان عملية التنفيذ، وقال: في ظل الظروف الحالية المتوقع ليس كبيراً، خاصة إذا ما اعتمدت اتفاقيات السلام استراتيجية التنفيذ على الدعم الخارجي. جازماً بأن السلام حينها سيفشل، وأن تنفيذ هذا الاتفاق يقع على عاتق الأطراف التي وقعته وبصَمت عليه، لأنهم جميعاً سيكونون جزءاً أصيلاً في الحكم وفي أجهزة الدولة أعضاءً في مجلس السيادة والوزارات والمفوضيات، مشيراً إلى أن هذا الاتفاق سوداني وسينفذ سودانياً.

تعقيدات قياسية

ويضيف المحلل السياسي د. أبوبكر آدم لـ(الصيحة) بقوله: “نه لا يوجد مجرد تشكك في أن عملية الإنفاذ ستواجهها ظروف في غاية التعقيد، لجهة أن الاقتصاد السوداني يمر بظروف سياسية غاية الصعوبة، كما هو الحال بالنسبة لدول الإقليمين العربي والإفريقي. وقال إن صعوبة ظروفنا الاقتصادية وأيضاً ما يواجهه الاقتصاد العالمي من صعوبات، يجعل الأمر معقداً بعض الشيء، لكن نتعشم في دعم الأشقاء والجيران والمنظمات الأممية، لكن هذا لا يعني أن يعتمد السودان اعتماداً كلياً على هذا الدعم كأساس لتنفيذ الاتفاق، وأن لا يكون الاعتماد على الدعم الخارجي هو المنصة الأساسية لتنفيذ الاتفاق في السودان. وأكد أن هنالك دولاً كثيرة أبدت دعمها للاتفاق، لكن الظروف الموضوعية التي أوجدتها جائحة كورونا أثرت على كل الدول اقتصادياً. وقال: ليس بالضرورة عندما نتحدث عن الدعم أن نقصد الدعم المادي، ولكن هناك مطلوبات كثيرة تسهم في بناء السلام يمكن للمجتمع الدولي أن يقدم المساعدة لتنفيذها.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى