المنهج الجديد.. صراعُ الأفكارِ وجدلية التغيير

 

تقرير/ فاطمة علي

أثار الجدل الكثيف حول طبيعة ومرجعية المناهج الدراسية الجديدة التي يريد  مدير المركز القومي للمناهج د. عمر القراي إصدارها وطباعتها قبل أيام قليلة. وعقد القراي مؤتمرًا صحفياً بـ”سونا”، دافع فيه  عن نفسه والمناهج الدراسية الجديدة. ووصف الحملة التي شُنّت ضده في مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المساجد ودور العبادة بسبب رسم في كتاب التاريخ للصف السادس الابتدائي، بأنها جائرة وغير نزيهة وغير شريفة الخصومة، وهاجم  القراي أيضاً مجمع الفقه الإسلامي التابع لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف الذي أصدر بيانًا أفتى فيه بحرمة تدريس كتاب التاريخ للصف السادس، وقال إن الكتاب المذكور يشتمل على مضامين خاطئة في العقيدة.

إجازة المناهج

ورفض القراي أن يكون مجمع الفقه هو الجهة التي تجيز المناهج، وقال إن الجهة الوحيدة التي تجيز المناهج هي المركز القومي للمناهج وليس مجمع الفقه . تجدر الإشارة إلى أن دائرة الأصول والمناهج بمجمع الفقه الإسلامي قد أفتت بحرمة تدريس كتاب التاريخ للصف السادس ابتدائي، بعد النظر فيه، وعللت ذلك في بيان أوضحت فيه نقاط التحريم لاشتماله على عدد من المخالفات الخطيرة والعظيمة منها: الإساءة القبيحة للذات الإلهية في تصويرها مجسدة للتلاميذ والإساءة لدين الإسلام وتصويره كدين إرهاب وعنف.

دعوة بالإبعاد

ودعا خبراء في مجال المناهج الدراسية والتعليمية إلى إبعاد د. عمر القراي من منصبه لتفادي استمرار الانقسام وسط المجتمع السوداني في موضوع مهم يمس مستقبل الطلاب والبلاد بكل تأكيد، ووصف الخبراء بأن سرعة تعديل المناهج تثير الشكوك حول مهنيتها ومصداقيتها لتواكب التطور.

وعلى الخط مباشرة دخل أئمة المساجد والمنابر وأدلوا بدلوهم في قضية المناهج التي أصبحت مثيرة للرأي العام وسط انقسام حاد وجدل كبير، وآخرها كانت خطبة الشيخ محمد الأمين إسماعيل في خطبة صلاة الجمعة بمجمع الفتح الإسلامي، أن كتاب التاريخ للصف السادس ابتدائي يحمل أفكاراً تمجد الممالك الوثنية والمسيحية وتقديسها، بينما صوّرت التاريخ في الإسلام بأنهم جماعة يحملون السيوف ويقتلون بعضهم بعضاً ويرمون على الأرض، وقال إن هذه الأشياء سترسخ في ذهن التلاميذ.

انتقادات

وقال الشيخ محمد الأمين إسماعيل إن مناهج الدراسة والتعليم هي مستقبل الأبناء ومستقبل العامة، كما انتقد المؤتمر الصحفي الذي عقده القراي بمنبر “سونا”  الذي دافع فيه عن صورة لوحة خلق آدم لمايكل أنجلو، وبرر تصوير الذات الإلهية ووصفه بالدفاع عن الكفر والإلحادز

وانتقد محمد الأمين إسماعيل صور النساء العاريات التي تظهر حول الرب والملائكة وعلّق ــ بحد وصفه ــ بأنه لا عورة علينا أكثر منك، وكان ذلك وسط انفعال كبير وبكاء هستيري للمصلين.

صراع فكري

ودعا الشيخ محمد الأمين إسماعيل رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان لاتقاء الله بوقف هذه المناهج الدراسية بوصفه رأس الدولة. وأضاف إسماعيل  بقوله: “ماذا بقي لنا بعد هذا” قبل أن يتساءل “أم هو خوف على الكراسي”.

من جهة أخرى، شدّد رئيس الباحثين التربويين حمدان أحمد أبوعنجة على عدم تعيير المناهج، وعدم قبولهم بالعلمانية، وأبان أن القراي لا يستند على حقائق وإنما إحجاف وأكاذيب في حق السودان، وهاجم أبوعنجة مدير المركز القومي للمناهج عمرالقراي، ووصفه بأنه لا يحترم الرأي الآخر، ويجهل بقوانين المناهج، وأضاف: يريد تدمير الدين وإحداث فتنة، محذرًا من تصعيد قد يحدث خلال الأيام المقبلة، قاطعاً: لن نسكت على أخطاء تدمر البلاد، مشدداً على أهمية استصحاب أصحاب الفكر والرأي والمعرفة لاختيار مناهج صحيحة تفيد الطالب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى