الثورية.. متاريس العودة للداخل!

 

تقرير/ عبد الله عبد الرحيم

عقب اتفاق السلام الشهير بجوبا أوأخر الشهر الجاري سارع وفد من الجبهة الثورية بقيادة ياسر سعيد عرمان بزيارة الخرطوم لبحث بعض الملفات المكملة لجدول وكراسة الاتفاق مع الخرطوم كطرف أساسي في هذه المفاوضات بعد أن وضع السلاح جانباً. وتواصل الوفد الممثل للجبهة الثورية مع فصائل المجتمع بكلياته المختلفة فيما لا زال البعض الآخر من المتابعين يطمح في معرفة الكثير عن خبايا الاتفاق وفرص نجاحه..

وفد مقدمة الثورية تجول في معظم مناطق وولايات السودان المختلفة وسط الشرائح والقوى الفعلية لعملية السلام، حينما قدم للخرطوم للتعريف بالاتفاق.. ولكن الحضور الفعلي والكلي لقيادات الثورية للخرطوم وبعد أن حُدد له سقف زمني تخطته العودة الآن، صار مرهوناً بكيفية إحراز هذا السلام الذي بدأت جهات عديدة من هذه المجموعة التبشير به بكثافة ريثما يتم التوصل لطريقة تضمن حضور بقية قيادات هذا الجسم المهم للداخل للإسهام في عملية إنزال الاتفاقية لأرض الواقع..

مطبات ومتاريس

ولكن ثمة مطبات و”متاريس” أغلقت طريق العودة، وجعلت الصورة غير مرئية أمام المدى الزمني لعودة هذه الحركات؟ بيد أن البعض برهن ذلك بأن وراء هذا التأجيل أسباب ومواقف عديدة من ضمنها الأحكام التي صدرت في حق بعض قيادات الثورية من قبل النظام السابق ولم تُلغ من قبل حكومة الفترة الانتقالية، بينما يلوح من هناك أن تأخير دفع مبلغ المائة مليون دولار  لإنزال الاتفاقية لأرض الواقع أحد المسببات الحقيقية في تأخير عودة قيادات الثورية التي لا زالت قيد الانتظار؟!

طلب الوساطة

وعزا بشير آدم السنوسي مستشار رئيس حركة العدل والمساواة ــ إحدى الحركات التي تنضوي تحت الجبهة الثورية ــ تأخر العودة جاء بطلب من الوساطة، وقد تم تحديد الخامس عشر من نوفمبر الجاري موعداً لوصول قيادات الثورية للخرطوم لإنفاذ ما تم التوقيع عليه من اتفاق السلام بجوبا. وقال بشير لـ(الصيحة) إن الأسباب التي دفعت الوساطة بطلبها للثورية لتأجيل العودة للخرطوم هو محاولتها الاتجاه لتحريك ملف الحركة الشعبية شمال (الحلو) للحاق بعملية السلام مرة أخرى في سبيل مجاهداتها لإكمال السلام وإدخال كل الحركات المسلحة فيه، مؤكداً بأن هذا هو أحد أهم أسباب تأخير العودة للخرطوم لإكمال إنفاذ بنود السلام، وأردف قائلاً إن المجهودات تجاه إلحاق عبد الواحد بالسلام إن كانت واردة فإنه قال لم نتوقع منه القبول للدخول في عملية السلام بهذه السهولة. ولم يشر بشير إلى الأحكام السابقة بحق قيادات الثورية السابقة.

نشر الوثيقة

ولكن د. أسامة سعيد الناطق الرسمي باسم الجبهة الثورية، يقول لـ(الصيحة) بأن تعذر وصول قادة الجبهة الثورية للسودان في الموعد المحدد سابقاً لأسباب لا تخص الثورية وهي في حقيقة الأمر من الجانب الآخر. وأرجع سعيد أسباب التأخر للحكومة لعدم قيامها باستكمال بعض الترتيبات الضرورية مثل عدم نشرها الوثيقة الدستورية بعد تعديلها في الجريدة الرسمية (الغازيتا)، وكذلك تأخر العفو العام عن الأحكام السابقة التي صدرت بحق بعض قادة الثورية. وأضاف سعيد بأن بعض الترتيبات الإدارية التي تتعلق باستقبال الوفد الرئاسي للجبهة الثورية لم تقم بها الحكومة على الوجه المطلوب، حيث ينبغي أن ترتب الحكومة لعودة ومقدم قيادات الثورية إدارياً كشق رسمي يتعلق بموقف الحكومة واستعدادها لاستقبال الوفود القادمة من الحركات المسلحة والقيادات التي تنضوي تحت جسم الثورية لإكمال وإنفاذ اتفاقية السلام الموقع عليها بجوبا الشهر الماضي في حضور رسمي وشعبي وإقليمي.

وقد أعرب مقربون من الملف أن يكون التأجيل عاملاً إيجابياً لتجويد عمل الآليات المعنية بالتحضير لاستقبال وفود الجبهة الثورية العائدة للسودان.

موقف مبرر

وبرهن د. إسماعيل محمد علي ـ محلل سياسي ـ لـ(الصيحة) عدم إيفاء حكومة الفترة الانتقالية بالتزاماتها تجاه عودة قادة الثورية للبلاد لانشغالها وآلياتها المساعدة من الحاضنة السياسية اليومين الماضيين بأمر التطبيع مع إسرائيل وقضية رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وقد أخذت الكثير من الوقت في التفكير ومحاولة إقناع الأطراف السياسية التي تقف في صف حكومة الفترة الانتقالية وإعارة الأصوات الأخرى للقوى السياسية بعض الاهتمام ما جعلها تبتعد قليلاً عن التجهيز للوفود القادمة من الجبهة الثورية للخرطوم لإنفاذ بنود اتفاق السلام. وزاد إسماعيل، إن عملية السلام مع الجبهة الثورية تمت، ولكن أزمات الحكومة الخارجية كان أيضاً لابد من أن تعيرها الحكومة بعض اهتمامها، لذلك كله أعتقد أن الثورية وجدت العذر للحكومة الانتقالية التي تواثقت معها على إجراء بعض الترتيبات المختصة بإنزال اتفاق السلام بعد مواءمتها مع الوثيقة الدستورية فيما تبقى أمر نشرها على (الغازيتا) الرسمية التي اعتبرتها الثورية بعض المعيقات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى