صلاح الدين عووضة يكتب : شفاف !!

قد يعيينا الوصف..

فنبحث عنه – وعن صفته – حتى تحت وهج شمس بلادنا الحارقة…بفانوس ديوجين..

وكثيراً ما لا نجده ؛ رغم إنه من فوقنا…ومن تحت أرجلنا..

فقد تشابهت علينا – خلال رهق المسير – الأوصاف…والأصناف…والأعطاف…و الأحقاف..

فكل شيء لاحق بات يشبه كل شيء سابق..

حتى الأجداد تكاد تقسم إنهم الأحفاد أعينهم ؛ من لدن الاستقلال…..وإلى راهن الآن..

ولا نستثني إلا قلة ؛  كعلامات مضيئة في طريق مظلم..

ومنهم – وقد استشهدنا به كثيرا – وزير مالية الحقبة الحزبية الثانية ؛ حسين الهندي..

فجنيهنا في زمنه كان يعادل ثلاثة دولارات..

ورغم ذلك تبنى سياسة تقشفية صارمة من أجل النهوض بالبلاد ؛ تبدأ بالمسؤولين أنفسهم..

لا بذخٌ… لا سفهٌ… لا نثريات… لا فارهات..

فيكفي كل تنفيذي – وسيادي – سيارة واحدة من نوع همبر الألمانية؛ وما من أخرى للبيت..

وذاك زمان وُصف لنا ؛ ولم نجد شبيهاً له من بعده..

 

وإن كان نميري – والحق يُقال مع مقتنا له – قد اجتهد في السير على درب التقشف هذا..

ثم إنه كان (شفافاً) مع شعبه ؛ لايكذب..

وإن لم يبلغ شأو الذي قيل فيه نظماً ؛ ونبحث عن الأوصاف حتى بين ثنايا الشعر الحالم:

شفاف…

وشوفتك شفا…

وزعلك يشفق…

وبعترف في سري – في الغيب – من سنين…

ما قايل الغيب بنكشف…

وتتشابه علينا الأزمنة ؛ ما وُصف لنا ولم نعايشه…وما رمانا حظانا العاثر في أتون أيامه..

وكأنما كُتبت على بلادنا خطى تعيسة ؛ قُدر لها أن تمشيها..

ولكنا ما كنا نظن أن زماناً سيظلنا أسوأ من زمان الإنقاذ الذي مضى ؛ سفهاً…و كذبا..

حتى إذا ما جاء زمان الثورة هذا استبشرنا بخطى جديدة..

وقلنا إن الصفة التي أعجبت الشاعر تلك سوف تتجسد لنا شفافية تمشي على الخطى هذه..

وسوف تفرز الثورة من تكون (شوفته شفا…وزعله يشفق)..

فإذا بها تتلوى… وتتمغى… وتتمطى؛ وتلد لنا مسوخاً إنقاذية على هيئة (صفات) البشير..

فالشره هو الشره الشيطاني نفسه تجاه بحابيح السلطة..

صحيح إنها بحابيحٌ مقننة…غير إنه كان في مقدور ضمائرهم رفضها تقديراً للظروف..

ظروف البلد… والناس… والجنيه..

فهو ليس كجنيهنا في زمان الهندي ؛ وإنما خر صعقاً جراء ضربة قاضية من قبضة الدولار..

كما أن الكذب هو الكذب ذاته ؛ وما من (شفاف) نتعزى بصفاته..

وحين فقدنا الأمل في ممثلي الثورة تفاءلنا خيراً بمقدم الثوار ؛ ثوار النضال المسلح..

فإذا بوفد قادتهم يُؤجل حضوره إلى الخرطوم بسبب مال (البحبحة)..

فقد اشترطوا تسلمهم مبلغ 100 ألف دولار أولاً..

رغم إن ما ينتظرهم هنا كثير ؛ ويكفي أن نذكر منه – فقط – مثل نثرية عائشة المليارية..

فهل ننتظر زماناً آخر تكون سمته الشفافية…والزهد…والنجاح؟..

لنغني بعد طول انتظار؟..

شـــفاف !!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى