جعفرباعو يكتب : مدارس الشيخ

*قبل فترة ليست بالطويلة، كتبنا عن قصة تأسيس مدرسة الخرطوم الأهلية والتي تحول اسمها إلى مدرسة الشيخ مصطفى الأمين، والتى أخذت موقعها في مقدمة المدارس الثانوية بفضل تناسق معلميها وتفهم ناظر الوقف الأمين الشيخ مصطفى الأمين.

*لسنوات عديدة ظلت هذه المدارس تحافظ على تفوقها وتفوق تلاميذها الذين يتقدمون طلاب الشهادة السودانية وخرجت الكثيرين في المجالات المختلفة من جامعة الخرطوم.

*ولعل الكثيرين لا يعلمون سر تفوق مدارس الشيخ مصطفى الأمين النموذجية، وربما يكمن السر الأكبر في تطور هذه المدرسة هو الاهتمام الكبير من أسرة الشيخ مصطفى الأمين وتحديداً ابنه الأمين ناظر الوقف الذي نجح في تأسيس مدرسة الشيخ مصطفى الأمين في الامتداد، ثم مدرسة البنات في العمارات، وأخيرا مدرسة بري والتي أسست على نسق المدارس العالمية، وكذلك الحال بالنسبة لكافة مدارس الشيخ مصطفى الأمين النموذجية.

*ما دعاني لكتابة هذه المقدمة هو القرار الغريب الذي صدر من وزارة التربية والتعليم بتشكيل لجنة برئاسة مدير عام الوزارة واثنين آخرين لحصر ممتلكات المدرسة ومراجعة أموالها في خطوة تشير إلى مصادرة هذه المدرسة وإبعاد ناظر الوقف عنها.

*إن كانت وزارة التربية فعلاً حريصة على تطور التعليم في بلادنا فعليها أولاً بتحسين بيئة المدارس الحكومية الأخرى والاهتمام بالمعلمين بها ووضع مدرسة الشيخ مصطفى الأمين نموذجاً يُحتذى ولا ضير في استشارة أساتذتها وناظر الوقف حتى تصبح تلك المدارس مثل مدرسة الشيخ مصطفى الأمين أو قريبة منها.

*إن مثل هذه القرارات تكون خصماً على تفوّق المدرسة وفيه إجحاف في حق أسرة الراحل الشيخ مصطفى الأمين وأبنائه، والأجدى على أهل الوزارة البحث عن المدارس الخاصة التي تفرض رسوماً خيالية من أجل توفير التعليم الجيد، والأجدى للوزارة البحث عن تطور المدارس الحكومية المترهلة والتي يعاني فيها المعلم أشد المعاناة وليس تكسير مجاديف المدارس الناجحة والتي ليست لها رسوم تذكر عدا في فصولها الخاصة والتى تعتبر رمزية كحال كل المدارس الحكومية الأخرى.

*ما تفعله الوزارة ينطبق عليه المثل القائل (عايزين يساعدوه في الدفن دس المحافير)، فالوزارة لا مال لها لتعطي المعلمين مرتبات مجزية ولا برنامج لها لتحسين البيئة المدرسية، وفي هذه المدارس الوقف وناظره يقدمون النموذج الأمثل دون أن يكلفوا الوزارة عناء الدفع والتخطيط، والوزارة تريد مراجعة مال الوقف، هل هناك أغرب من هذا القرار في حكومة الحرية.. والسلام.. والعدالة.

*الحكومة السابقة حاربت جل رجال الأعمال الوطنيين وفي مقدمتهم الأمين الشيخ، وأوقفت له الكثير من المشاريع الناجحة واقتلعت بعضها ومارست عليه ضغوطاً كثيرة، ولكنها رغم ذلك لم تفكر في الخطوة التي تقدم عليها الآن حكومة الثورة لا لشيء سوى أنها تعلم أن ما يفعله الوقف ومال الأمين الشيخ لا تفعله هي.

*كنا نتوقع أن تسهم حكومة الثورة في إعادة المؤسسات الناجحة للشيخ مصطفى الأمين والتي دمرت في عهد الإنقاذ لا أن تبدأ في تدمير مؤسسة تعليمية ناجحة بجدارة مثل مدرسة الشيخ مصطفى الأمين التى ظلت تنافس المدارس الخاصة في المقدمة، وهي واحدة من المدارس الحكومية القليلة التي تهتم بالتلاميذ وبيئتهم التعليمية والمعلمين دون أن تكلف الدولة شيئاً.

*يجب أن تتراجع الوزارة عن هذا القرار العجيب والغريب والبحث عن طرق لإعادة التعليم الحكومي إلى المقدمة، وهو الطريق الوحيد لمحاربة التعليم الخاص الذي انتشر انتشار السرطان في جسم الإنسان.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى