إضعاف حمدوك.. ظلم ذوي القُربى!

 

تقرير- نجدة بشارة

اتّهم رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي، الأحزاب السياسية الحاضنة لحكومة الفترة الانتقالية (الحرية والتغيير) بألسعي لإضعاف رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وبأنّها خطفت الثورة، وأضاف في تغريدة على حسابة الرسمي “تويتر”: الآن هذه الأحزاب تهرب قبل الوصول إلى الشاطيء وتَسعى جاهدة ليكون حمدوك وحده الضحية، وتابع: إن هذا الخلل يجب أن تتحمّله هذه الأحزاب لتُضاف إلى إرشيفها.

الهواء الساخن الذي أخرجه مناوي لم يكن الأول، حيث بدأت مؤخراً أصوات كانت خافتة من داخل الحاضنة السياسية في المجاهرة بتوجيه انتقادات علناً لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك الذي يُواجه واقعاً اقتصادياً وسياسياً بالغ التعقيد، لا سيما البيان المنسوب للحزب الشيوعي والذي أعلن فيه أنّ الحزب لن يتوانى عن بذل كل الجُهد في سبيل إسقاط الحكومة، إضَافَةً إلى ذلك سبق وانتقدت أحزابٌ من قِوى الحُرية والتّغيير، رئيس الوزراء لعدم مُشاورته في تغييرات الوزراء الجُدد ولا حتى في استقالاتهم. وهنالك معضلة عَودة الاِحتجاجات إلى الشارع، والضغط من قِبل الثُّوّار ولجان المُقاومة على، حمدوك لإنجاز مهام الثورة.

وبالمُقابل، يتساءل مُتابعون على مَنَصّات التواصُل الاجتماعي عن حقيقة ما نسبه مناوي لأحزاب (قحت)؟ وهل هنالك أحزابٌ من الشركاء تحاول إضعاف حمدوك فعلياً؟ وفي حال صدقت نبوءته فلماذا كل ذلك؟!

تفرق وخلافات

لم يخفِ د. حمدوك في خطابه مؤخراً حقيقة ما يحدث بين حكومته وقوى الحرية والتغيير، وقال إن الأخيرة تمر بحالة تفرق، لكن يَجب عَدم تَضخيم الخلافات الصغيرة ووضع مصلحة الوطن نصب أعيننا، وقال حمدوك: هناك تحدي كيف نُحوِّل الطاقات الجبّارة التي أسقطت الديكتاتورية إلى طاقة إيجابية والمشي في درب التنمية والإنتاج. لا يعني الأمر التوقف عن النقد البنّاء والصدع بالرأي، غياب المشروع الوطني المتوافق عليه معضلة كبيرة، علينا عدم تضييع فرصة إنتاج هذا المشروع الوطني والاتفاق كيف يُحكم السودان، وترك خيار من يحكمه للشعب عن طريق صناديق الاقتراع.

ذوو القربى:

في خضم هذه الأجواء المرتبكة كان تحالف “الحرية والتغيير” من ذوي القربى، ووجه انتقادات لرئيس الوزراء لعدم مشاورته في تغييرات الوزراء ولا حتى استقالاتهم، ثم تقرر أبرز كتلتين في التحالف، وهما حزب الأمة والمؤتمر السوداني التخلي عن مواقفهما السابقة واتخاذ قرار بالمُشاركة في أجهزة الحكومة الانتقالية بسبب “ضعف أدائها”، ومع ذلك يرى مراقبون أنّ الحكومة الانتقالية تحاول بما أُوتيت من قِوى تنفيذ إصلاحات في مؤسسات الدولة.. لكنها تتحرّك ببطء وترى قوى سياسية ان تأخّر تنفيذ هذه الإصلاحات يُعمِّق من الأزمات التي تعيشها البلاد، خَاصّةً في الخبز والكهرباء والوقود، ولم يخفوا خشيتهم من أن استمرار مثل هذه الانتقاد للحكومة من أن يؤدي لحُدُوث انشقاقٍ بين مُكوِّنات قِوى الحُرية والتّغيير، وذلك بسبب الخلافات غير المحسومة بينهم، مشيرين إلى أن ما يظهر في البيانات لأحزاب التحالف مؤشرٌ لبوادر انشقاق، لا سيما البيان المنسوب للحزب الشيوعي الذي سارع بنفيه، موضحين أن البيان “مفبرك” وممهور بتوقيع سكرتارية اللجنة المركزية، يعود لنقله من بيان سابق للمكتب السياسي مع إضافات قصد منها تشويه مواقف الحزب، وجدد الحزب دعمه للحكومة الانتقالية طالما التزمت جانب الجماهير وقضاياهم ومطالبهم، وأنهم سيتصدّون لها إذا حادت عن ذلك.

التغيير تستبعد

استبعد القيادي بقوى الحرية والتغيير التجاني مصطفى في حديثه لـ(الصيحة)، وجود احزاب من داخل البيت تحاول أو تسعى لعرقلة أو إضعاف حمدوك، لأن إضعافه يعني إضعاف الثورة في ظل إجماع شعبي والتعويل عليه لقيادة المرحلة، لذلك لا يوجد حزبٌ شريكٌ حادبٌ على الثورة.. لكن لم يَنفِ في ذات الوقت وجود خلافات طفيفة أو عدم انسجام في بعض السياسات الصادرة من الحكومة، وبرر ردود الفعل على مُستوى الشارع بالموضوعية، لجهة خروج الثوار حماة الثورة مجدداً الى الشارع ربما لِحَث الحكومة على الإسراع في إكمال مَهامها من ضمنها تعطُّل وعرقلة عملية السلام، التي بدا تأخُّرها يُثير حفيظ الناس.

ثانياً فيما يتعلق بالملف الاقتصادي والسياسات التي ابتدعتها الحكومة، ووجدت خبراء ناقدين لها، وبالتالي هذه المرحلة ليست مناسبة لإلغاء الدعم مثلاً في ظل الغلاء ومُعاناة المُواطنين، وتفلُّت الأسعار!

مُحاولات الالتفاف

وبسؤاله إذا كانت توجد أحزاب تحاول الالتفاف على الثورة واختطافها، يقول مصطفى: صحيح أن هنالك بعض المظاهر السالبة والتهافت على المناصب الذي نلحظه، لكن أعتقد أن هذه مُجرّد ممارسات فردية تصدر من البعض ولا تعني الحاضنة ككل، وأعتقد أنّ أي تنظيم سياسي يقول إنه يستطيع أن يحل مشكلة السودان لوحده الآن هو حزبٌ واهمٌ، وأرى أن الضرورة تقتضي أن نكون مُدركين لكل ممارسة في هذه الفترة من شأنها أن تقود لإضعاف حمدوك أو حكومته، لأن الفترة الانتقالية تُواجه صعوبات كبيرة ونعلم أن الحكومة ورثت أزمات كبيرة وخزنه خاوية وبالتالي لديها أعباء كثيرة، أعتقد انّ أي تنظيم سياسي يقول إنه يستطيع أن يحل مشكلة السودان لوحده الآن هو حزبٌ واهمٌ، وقال: يجب على الأحزاب السياسية أن تترك مصالحها الذاتية وتنتبه للوطن، لأنّ الخطورة في هذه المرحلة تقديم المصالح.

دعمٌ خارجيٌّ

لكن بالمُقابل، نجد أن حمدوك يجد دعماً وسنداً خارجياً، وسبق وأعلنت أمريكا عن اتجاهها لفرض عقوبات على كُلِّ من يُحاول إضعاف حكومة حمدوك، وأكدت دعمها للحكومة الانتقالية التي يقودها المدنيون بقيادة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وقالت: نحن نؤمن بقوة بأنّ الإعلان الدستوري السوداني يُوفِّر أفضل خارطة طريق لبدء الانتقال إلى مُجتمعٍ عادلٍ ومُنصفٍ وديمقراطي، وإن الولايات المتحدة داعم ثابت للانتقال الديمقراطي السلمي في السودان.

أجندات خاصّة

لكن المُحلِّل السِّياسي د. صلاح الدومة، أقرّ بوجود مُمارسات قد تضعف أو تثبط من هِمّة حمدوك وحكومته، وأردف في حديثه لـ(الصيحة): مع تعدُّد الأحزاب في الحرية والتغيير، لكن لكلٍّ أجندته الخاصة، وضرب مثلاً بحزب الأمة، وقال إن الأمة يريد أن يحصل على كل شيء وإلا سيفشل كل……، وأشار إلى أن الأمة مؤخراً أصبح مخلباً من مخالب الدولة العميقة، وأردف: أما الشيوعيون هنالك اختلافاتٌ حتى داخل الحزب وتيار يرفض السياسات الليبرالية رغم علمه عدم وجود بديل ويخشى الرأي العام، في دعوته لتنفيذ سياسات الفدرالية في ظل وجود الطبقات البرولتارية، وهي بالتالي تُحاول أن تُسجِّل موقفاً سِياسيّاً بالرفض، وكما قال حمدوك في اللقاء الذي أقامه في منزله بكافوري، قال إن الحاضنة السياسية لحكومته عندما يزوروه في داره يوافقون على كل السياسات، وإذا جاءوا ممثلين للحرية والتغيير يرفضون، واعتبر هذه مواقف شائهة وقد تعرقل مسيرة الفترة الانتقالية.

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى