المُؤسّسات الأمنية.. مُحاولة كسر الطوق!!

 

تقرير- نجدة بشارة

دَقّ عُضو المجلس السيادي الفريق أول شمس الدين كباشي، ناقوس الخطر، وفَتح البَابَ للتّأويلات والاحتمالات كَافّة.. من خلال حديثه عن وجود مُحاولات كبيرة لاختراق المُؤسّسات الأمنية والعسكرية بالسودان من عدة جهاتٍ، وهو ما يُشكِّل خَطراً على الدولة.. ولَعَلّ الخُطُورة تتصاعد من حيث أن التّصريح صدر من رأس الدولة، في حين أنّ مُجرّد الحديث عن المُؤسّسات الأمنية والقوات المسلحة يُعد من المُحرّمات وممنوع الاقتراب منهما، نسبةً لحساسية هذه المُؤسّسات وارتباطها بأمن الدولة وحمايتها، كما أنّ أيِّ اختراق يُنبئ بأن ظهر الدولة مكشوف، وقد يكون عُرضةً للانقلابات والهجمات وحتى المُؤامرات الخارجية.

وتساءل متابعون، عن هل هذا التصريح دليلٌ على هشاشة هذه الأجهزة حتى تكون عُرضةً للاختراق؟ أم أنها مُجرّد مساع من قِبل بعض السياسيين لاستقطاب أفراد الجيش والشرطة وجرِّهم للفعل السِّياسي؟ وما هي أسباب الاختراق؟

قديمٌ مُتجدِّدٌ

وكان القيادي بحزب البعث وقِوى إعلان الحرية والتغيير محمد ضياء الدين، قد أكد في حديث له بمقابلة تلفزيونية سابقة بأن كل القوى السياسية لديها وجودٌ في داخل المؤسسة العسكرية حتى الآن، وأثار حديثه وقتها جدلاً سياسياً وعسكرياً وإعلامياً كبيراً بشأن وجود اختراقٍ سياسي للمُؤسّسة العسكرية، وتمدّدت من بعد ذلك المطالب الشعبية الداعية لإصلاح المؤسسة العسكرية، إصلاحاً يتّسق مع طبيعة الحكم المدني الديمقراطي، وقد تَمّ لاحقاً إقرار إعادة هيكلة القوات النظامية وعلى رأسها القوات المسلحة في الوثيقة الدستورية، وتوافق شريكا الحكم في الجانب المدني والعسكري، وأن تترك مُهمّة إعادة الهيكلة المنصوص عليها دستورياً للمُكوِّن العسكري بالمجلس السيادي.

ما وراء الحدث

لكن كباشي ربما ربط تصريحاته، بالتظاهرة التي انطلقت في الخرطوم الخميس الماضي، بسبب إحالة القوات المسلحة عدداً من الضباط، بينهم ملازم أول إلى المعاش، وقال إنّ هذه التظاهرات غريبة ولم تكن سلمية واشترك فيها عددٌ من المُندسين، ونوّه لوجود إصابات في صُفُوف الشرطة كما المُتظاهرين، غير أنّ بيانات الدولة الرسمية في المُستويات كَافّة لم تُشر إليهم، وأوضح أنّ الشرطة قامت بدورها في إطار ما يَكفله القانون وبوجود وكلاءٍ من النيابة كانوا مُرافقين لضباط الشرطة، وأكّد أنّ استخدام القوة غير مطلوبٍ وهو أمرٌ ستُحاسب عليه الجهات المعنية.

فيما أوضح اللواء شرطة (م) طه جلال الدين عبد القادر عدداً من الحقائق بشأن هذه الأحداث، وأكّد أنّ الشرطة تُؤدِّي مهامها بمهنيةٍ وحياديةٍ، وينبغي على الدولة أن تعينها وتقف معها في أداء رسالتها، وأعرب عن قناعتهم بالتحقيق بوصفه يُؤدِّي لاكتشاف الحقائق، وقال إنّ مؤسسة الشرطة قادرة على الدفاع عن نفسها، وأشار إلى أنّ مَوقفهم مع الشرطة كمعاشيين يأتي من باب الوفاء للمُؤسّسة خَاصّةً بعد الهجمة الشرسة التي تَعَرّضت لها مُؤخّراً.

الاختراق واردٌ

ولم يستبعد الفريق (م) فضل الله برمة ناصر في حديثه لـ(الصيحة) حُدُوث اختراقٍ في الأجهزة الأمنية والشرطية بالدولة، وقال: “لا أستبعد حُدُوث اختراقٍ للأجهزة الأمنية والشرطية بالبلاد في ظل حالة السيولة الأمنية والظروف التي تعيش فيها وتمر بها البلاد (الاختراق واردٌ)، وحذّر أفراد هذه المُؤسّسات بتوخي الحيطة والحذر هذه الفترة من الجواسيس والعُملاء الأجانب، مُوضِّحاً أنّ السودان مُستهدفٌ دولياً، وفسّر بأنّ المواقع الأكثر عُرضةً للاختراق هي مصادر أمن المعلومات، ويحدث الاختراق للحصول على ملفات الأمن (السرية)، وأردف بأنّ التجسُّس والاختراق الإلكتروني أصبحا من أكبر المُهدِّدات على هذه الأجهزة، وقال إنّ أيِّ معلومة في هذا التوقيت مُهمة، وإذا حدث اختراقٌ لها ستضرب أمن الدولة، ثانياً أمن المُنشآت وتأمينها، وهذه تتطلّب إجراء حماية متكاملة عليها.

أشكال الاختراق

وأوضح الفريق برمة بأنّه رغم، أن الأجهزة الشرطية والأمنية في البلاد من الكفاءة والمقدرة على التصدي لأيِّ مُحاولات بالتأثير على أدائها أو اختراقها، هنالك نوعان من الاختراق يمكن أن تحدث، اختراق من داخل المُؤسّسة العسكرية من خلال استقطاب لأفراد شرطيين أو أمن، وهذه قد تحدث بإيعازٍ (وتجنيدٍ) من جهاتٍ مدنيةٍ أو جاسوسيةٍ، أو حُدُوث اختراق من خارج المُؤسّسة وهذا واردٌ.

وألمح خبراء إلى وجود ظاهرة الاختراق داخل هذه الأجهزة، وقالوا إنّ ذلك يبدو جلياً في تسريب مُستندات خاصّة من داخل المُؤسّسة العسكرية لمعلوماتٍ (شخصية)، وتُحفظ كملف سري تخص الضابط المُحال للتقاعُد الملازم محمد صديق لمنصات التّواصُل الاجتماعي، وتضمّنت هذه الوثائق توصية من الخبير الروسي بفصله من دورة الاقتحام الجوي بسبب الغياب المُتكرِّر.

التكنولوجيا

ويرى الخبير العسكري اللواء د. محمد عباس الأمين من خلال حديثه لـ(الصيحة) أنّ الاختراق لهذه المُؤسّسات واردٌ على مُستوى العالم، نتيجةً لتقدُّم التقنيات الحديثة والتكنولوجيا وتطوُّرها بصُورةٍ كَبيرةٍ، وقال إنّ الاختراق قد يحدث نتيجةً لقرصنه مواقع الجيش واختراقها مِمّا تُساهم في تسريب المعلومات والملفات السرية، وقال: لا يُمكن فعلياً تحديد ما إذا كان قد حدث اختراقٌ لهذه الأجهزة من قبل، وذلك لأنّ مفهوم الاختراق قديماً لم يكن يعني مجرد حدث أني بقدر ما هو حدث مُتكرِّر قابل للحُدُوث مَتى ما وجد السيولة الأمنية، إلا أنه رأي أنّ هيكلة وإعادة ترتيب وتنظيم القوات المُسلّحة قد تسهم في مُحاربة اختراقها، ولكن هذا لا يُعد حلاً كاملاً، لأنّ الاختراق واردٌ مع وجود كل الحصانات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى